في ظل تصاعد وتيرة الاستعدادات لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر اجراؤها في 11 تشرين الثاني 2025، تزايدت الدعوات المطالبة بتحييد المؤسسات العسكرية وشبه العسكرية عن الصراع السياسي، وفي مقدمتها هيئة الحشد الشعبي، التي تواجه اتهامات بالانخراط في التنافس الانتخابي.
الابتعاد عن الصراع الانتخابي
و وجّه قائد لواء "أنصار المرجعية"، أحد ألوية الحشد الشعبي، حميد الياسري، امس السبت، نداءً صريحًا إلى جميع تشكيلات الحشد، دعاهم فيه إلى "الابتعاد عن الصراع الانتخابي والسياسي"، والتأكيد على أن ولاءهم يجب أن يبقى حصرًا لفتوى مرجعية النجف المتمثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني.
وقال الياسري في بيان رسمي، انه "منذ فترة ونحن نسمع الصراع الدائر في أروقة هذا الحشد المقدس، والاتهامات والتشهير والتسقيط بين قياداته"، مضيفًا "أنتم أتباع فتوى أطلقتها مرجعية النجف، فلا تخسروا الفتوى في أن تخالفوا توجيهات المرجعية العليا، انتماؤكم لها فقط دون غيرها".
وحذّر الياسري من تسييس المؤسسة الجهادية، مؤكدًا أن الحشد "ليسوا سماسرة انتخابات"، رغم احترامه لبعض الكتل السياسية التي انبثقت من رحم الجهاد، إلا أن المجاهد، بحسب تعبيره "يجب أن يبتعد عن هذا الصراع الانتخابي والسياسي".
عدم الخضوع للضغوطات
وأكد القائد العسكري أن عناصر الحشد "يجب ألّا يخضعوا لأية ضغوط سياسية من مسؤوليهم مهما كان الثمن"، داعيًا إياهم إلى رفع أصواتهم عاليًا والتأكيد على أنهم "رجال سواتر" يتمتعون بحرية الاختيار، لا أن يُهدَّدوا بالفصل أو التهميش من أجل التصويت لصالح جهة سياسية معينة.
وأضاف الياسري قائلاً: "كونوا خارج هذه الصراعات الإعلامية التي تقال هنا وهناك وتحاول تشتيت تركيزكم عن واجبكم المقدس في حماية الوطن والشعب والمقدسات"، محذرًا من أن "التدخل في هذا الصراع السياسي سيؤدي إلى خسارة الرونق والمكانة في عيون الناس، الذين قد يرون في الحشد مجرد طلاب سلطة ووجاهة بدلًا من حملة عقيدة وفتوى".
استعدادات انتخابية متواصلة
في المقابل، أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استمرار استعداداتها اللوجستية والفنية لضمان نجاح العملية الانتخابية المقبلة. وقال عماد جميل، رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية، في تصريح صحفي، إن "الاستعدادات ليوم الاقتراع تسير وفق خطط محكمة، تشمل تحديث البرمجيات وصيانة الأجهزة المستخدمة في العملية الانتخابية"، مشيرًا إلى أن المفوضية ستستخدم أكثر من خمسين ألف جهاز إلكتروني داخل محطات الاقتراع.
وأوضح جميل، أن المفوضية أكملت تحضيراتها من حيث تجهيز المخازن وتأمين المواد الخاصة بيوم التصويت، إلى جانب اعتماد خطة أمنية متكاملة وضعتها اللجنة الأمنية العليا، تضمن سلامة نقل المواد الحساسة من المطارات إلى مخازن المحافظات، ثم إلى مراكز ومحطات الاقتراع، قبل إعادتها بعد انتهاء التصويت.
وأشار إلى أن الفئات المستهدفة للعمل ضمن الكوادر المشغلة للعملية الانتخابية تشمل موظفي الدولة (باستثناء الوزارات الأمنية)، وطلبة الجامعات، والخريجين، والمواطنين من مواليد 1970 وحتى مواليد 2006، شريطة امتلاك شهادة الإعدادية كحد أدنى.
وأضاف أن المفوضية مستمرة في استقبال طلبات التعيين للعمل في الانتخابات ضمن فترة تمتد من 3 إلى 9 تموز المقبل، من خلال لجان متخصصة في مكاتب المحافظات. وأكد أن المفوضية تعتمد على أصحاب الخبرة الذين شاركوا في الانتخابات السابقة لعامي 2021 و2023، لما لهم من دراية في تشغيل الأجهزة الإلكترونية المستخدمة يوم الاقتراع.
تحديث البيانات الانتخابية
وفي ما يتعلق بمعدلات تحديث البيانات، كشف جميل عن أن الفرق الجوالة ومراكز التسجيل ساهمت بشكل كبير في رفع نسبة المشاركة، إذ تجاوز عدد المحدثين والمسجلين حتى الآن مليونًا وستمائة وخمسين ألف مواطن، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في محافظات بغداد ونينوى وأربيل والبصرة.
وأشار إلى أن أكثر من 50 بالمائة من غير المحدثين لبياناتهم يتركزون في محافظات بغداد (قرابة مليوني شخص)، ونينوى (مليون شخص)، والبصرة (800 ألف شخص)، موضحًا أن زيادة عدد الفرق الجوالة ساهمت في تشجيع المواطنين على مراجعة مراكز التسجيل والمساهمة في رفع نسب التحديث.
قاعدة انتخابية ضخمة
وكان مجلس الوزراء صوّت في مطلع شهر نيسان الماضي على تحديد يوم 11 تشرين الثاني 2025 موعدًا لإجراء الانتخابات التشريعية. وقد أعلنت المفوضية، عبر المتحدثة باسمها جمانة الغلاي، في 26 آذار الماضي، أن قرابة 30 مليون مواطن يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة.
كما صوّت مجلس النواب العراقي، في جلسته الاعتيادية يوم 13 كانون الثاني الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في المفوضية، وذلك بعد قرار القضاء العراقي تمديد ولاية أعضائها الحاليين لمدة سنتين إضافيتين.
وسط صراع إقليمي متصاعد، وتنافس عالمي على ممرات التجارة والطاقة، ما تزال التحديات الكبيرة التي تواجه طريق التنمية قائمة، وتتراوح بين غموض الرؤية الفنية والتشغيلية، وضعف البنى القانونية، الى جانب شكوك حول جدواه الاقتصادية في ظل غياب رؤية تنموية متكاملة.
وبينما يُروّج للمشروع باعتباره ركيزة لتحول العراق إلى مركز لوجستي إقليمي، تتعدد التحذيرات من أنه قد يتحول إلى مجرد ممر لعبور البضائع ما لم يُدمج ضمن خطة شاملة تشمل مراكز صناعية وخدمات ذات قيمة مضافة.
المشاكل القانونية قد تعيقه
في هذا الشأن، قال عضو لجنة النقل والاتصالات النيابية، هيثم فهد، إن مشروع “طريق التنمية” يُعدّ مكملاً لمبادرة “طريق الحرير” ويمثل فرصة استراتيجية كبرى للعراق للربط بين الشرق والغرب، لكنه لا يزال في مراحله الأولى من الدراسة والاستملاك والاستشارة، ولم تبدأ الأعمال الفعلية بعد، كما أن الجدول الزمني الخاص به غير واضح المعالم حتى الآن.
وأضاف في حديثه لـ"طريق الشعب"، أن المشروع يتضمن شقين: "طريق بري مُعبد، وربط عبر السكك الحديدية، ما يتطلب استيعاباً كاملاً لحجم النقل المتوقع عبر الشاحنات ووسائط النقل المختلفة، وهو ما يستدعي ربطاً متكاملاً بين الطريقين البري والسككي".
وأوضح فهد، أن المشروع "يحمل أهمية كبيرة في ظل التنافس الإقليمي والدولي، خاصة في ضوء الموقع الجغرافي المتميز للعراق، الذي يؤهله ليكون محوراً لربط قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا". لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن "السياسات الحكومية السابقة لم تستثمر هذا الموقع بشكل فعّال".
وأشار إلى أن "العراق كان يمكن أن يؤدي دوراً أكبر في تخفيف التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، ويستفيد من هذا الدور لتعزيز مكانته السياسية والاقتصادية عبر مشروع طريق التنمية الذي يوفر منافذ بحرية عبر ميناء الفاو، ومنافذ برية عبر الحدود مع إيران باتجاه الصين ودول آسيا".
وتابع قائلاً انه بإمكان العراق أن "ينأى بنفسه عن الصراعات الإقليمية والدولية، وأن يتحول إلى ساحة حوار ومحور تلاق لا صدام، بشرط أن يلتزم بمبدأ الحياد، وهو ما ينص عليه الدستور العراقي، بحيث لا تُستخدم أراضيه أو أجواؤه في أي نزاع”.
وشدّد على أن المشروع "لا يحتاج إلى تشريعات جديدة، لكنه يتطلب تعديل بعض فقرات قوانين الاستثمار القائمة، إلى جانب صياغة بنود قانونية واضحة تُترجم إلى لغات متعددة وتُودع لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لغرض التحكيم في حال وقوع نزاعات".
وأشار إلى أن "العراق غالباً ما يخسر في المحاكم الدولية بسبب ضعف الخط القانوني والدفاعي، مؤكدًا ضرورة وجود خط هجومي قانوني يُحافظ على حقوق العراق في التعاقدات الدولية".
وأوضح أن "ما يُميز مشروع طريق التنمية عن غيره من المشاريع هو التنافس الإقليمي عليه، حيث تبدي دول الخليج وروسيا وإيران ولبنان وتركيا اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة فيه، لأنه يمر عبر أراضيها أو يؤثر في مصالحها الاستراتيجية".
وحول الضمانات اللازمة لاستمرار المشروع، شدّد فهد على أهمية "حماية العقود قانونياً لتفادي التلاعب السياسي أو المالي"، مشيرًا إلى وجود "قلق دائم بشأن آلية إدارة الأموال وحصة العراق من العائدات، إضافة إلى شكل الشراكات مع الدول الأخرى، وما إذا كانت هذه الدول ستنخرط فعليًا داخل الأراضي العراقية".
واختتم بالقول إن "المشروع لا يزال في طور الدراسة واستكمال إجراءات الاستملاك في عدد من المحافظات، مع استمرار بعض الإشكالات في محافظة البصرة بسبب مرور الطريق عبر أراضٍ زراعية ونفطية قد تتسبب بزيادة الكلفة، وكذلك في إقليم كردستان عند نقطة الربط داخل الحدود الإدارية، معربًا عن أمله في أن تُحل هذه القضايا قريبًا لتسهيل تنفيذ المشروع.
بحاجة إلى مراكز صناعية
من جانبه، قال الخبير في مجال اقتصاد النقل الدولي، زياد الهاشمي، إن العراق تبنّى منذ بداية طرح مشروع “طريق التنمية” رؤية غير واقعية، تستند إلى أهداف طموحة وغير قابلة للتطبيق، مثل الربط التجاري المباشر بين الشرق والغرب عبر الأراضي العراقية، في وقت تمتلك فيه الصين ممرات سككية مباشرة تربط مصانعها بالأسواق الأوروبية دون الحاجة إلى المرور بالعراق.
ونوه في حديثه مع "طريق الشعب"، أن المشروع بصيغته الأولى لم يكن عملياً، لكنه شهد لاحقًا تعديلات مقترحة من الجانب التركي تهدف إلى صياغة نموذج أكثر واقعية. ورغم ذلك، لا يزال هذا النموذج بحاجة إلى تطوير شامل".
واوضح ان هناك حاجة "لإعادة ترتيب الأولويات والتركيز على إنشاء مراكز صناعية ولوجستية، تكون نقطة الانطلاق الأساسية لأي بنية تحتية للنقل، بما فيها طريق التنمية".
ولفت الى أن استراتيجية المشروع يجب أن "تبدأ من تحديد الأسواق المستهدفة – مثل أسواق شرق أوروبا – ومن ثم بناء خطوط السكك الحديدية والطرق البرية وفق هذا المسار، لتشكّل هذه الشبكات حلقة ربط طبيعية بين المراكز الصناعية العراقية والأسواق العالمية، بدلاً من بناء طريق لا يخدم سوى عبور البضائع الأجنبية".
وتابع أن طريق التنمية "يختلف عن مشاريع النقل الدولية الأخرى، لا سيما أنه يربط دول الخليج بتركيا عبر العراق، بينما يُعد مشروع “الحزام والطريق” الصيني مبادرة أوسع تربط الصين بأوروبا عبر ثمانية ممرات سككية، وهو مشروع عملي وموجود على الأرض، على عكس مشروع “الهند – الشرق الأوسط – أوروبا”، الذي لا يزال افتراضيًا وغير واقعي من الناحية الاقتصادية، ما لم يشهد تغييرات جوهرية، أبرزها تجاوز الكيان الإسرائيلي لتقليل التكاليف والمخاطر الأمنية".
وبيّن أن النقل الدولي اليوم "لم يعد يعتمد فقط على سلاسل الإمداد التقليدية، بل على التكامل بين التصنيع، والخدمات المضافة، والبنية التحتية اللوجستية.
وأكد أن دول الخليج، ومصر، بدأت فعليًا بتأسيس مدن صناعية قرب مصادر المواد الخام، وربطها بموانئ مثل ميناء الملك عبد الله في جدة، لتشكيل منظومة إنتاج وتصدير متكاملة عبر البحر".
وأضاف ان "النقل وحده لم يعد كافياً لتحقيق الإيرادات. مشروع طريق التنمية يجب أن يُدمج ضمن منظومة اقتصادية أشمل، تشمل مناطق صناعية ومراكز خدمات لوجستية، حتى يكون الطريق أداة لخدمة هذه الصناعات، لا مجرد ممر عبور لا يدر أرباحًا تغطي الكلفة التشغيلية العالية".
وأشار الهاشمي إلى أن إيران "تعمل منذ أكثر من عقدين على مشروع استراتيجي يربط ميناء “جابهار” في الجنوب الإيراني بميناء “مومباي” الهندي، ومن ثم بشبكة السكك الحديدية الإيرانية باتجاه روسيا، عبر مسار شمال-جنوب، وقد أنشأت مدنًا صناعية وخدمات لوجستية ضمن هذا المسار".
وقال إن طريق التنمية العراقي "لا يتقاطع مع هذا المشروع، لأن أهدافه ومساراته مختلفة، إذ يسعى لربط الخليج بتركيا وربما دول شرق أوروبا كبلغاريا، وليس روسيا أو الهند".
وفي ما يتعلق بالصراعات الإقليمية، خصوصًا بين الولايات المتحدة وإيران، رأى هاشم أن هذه الخلافات لا تمثل تحدياً مباشراً لمشروع طريق التنمية"، معتبرًا أن "التحدي الحقيقي يتمثل في قدرة العراق على بلورة نموذج عمل واقعي، وجذب مشغلين ومستثمرين قادرين على تنفيذ المشروع، عبر تطوير البنية التحتية، وإنشاء السكك الحديدية، وبناء المناطق الصناعية والخدمات اللوجستية".
رغم المبادرات الحكومية المتكررة لدعم الإسكان وتوفير القروض، لا يزال حلم امتلاك منزل بعيد المنال بالنسبة لشريحة واسعة من أصحاب الدخل المحدود والشباب في العراق؛ فارتفاع نسب الفوائد، وعُقد شروط الضمانات، وغياب البدائل التمويلية العادلة، هي عوامل تحول دون تحقيق هذا الحلم، وتُفاقم من أزمة السكن المتصاعدة في البلاد.
حلم السكن
يقول الشاب علاء السالم، إن "الحصول على بيت أصبح حلماً بعيد بالنسبة للشباب رغم أني موظف واتقاضى راتبا بحدود 800 ألف دينار شهريا".
ويضيف أنه، وعلى الرغم من حديث الدولة المتكرر عن دعم الشباب وتوفير قروض الإسكان، إلا أن الواقع مختلف تماما، بل ومحبط في كثير من الأحيان.
وبيّن في حديث مع مراسل "طريق الشعب"، أنه توجه إلى احد المصارف الحكومية بعد أن سمع عن قرض الإسكان انه يصل إلى 200 مليون دينار، بفائدة قدرها 4 في المائة سنويا. ولكن، بعد أن تم احتساب القسط الشهري، اكتشف أن عليه دفع أكثر من مليون و300 ألف دينار شهريا، وهو مبلغ يفوق قدراته بكثير، خاصة وأن راتبه بالكاد يكفي لمصاريف العيش اليومية.
ثم لجأ إلى صندوق الإسكان العراقي، الذي قيل إنه يمنح قروضا بدون فوائد.
ويؤكد علاء أن ما قيل صحيح من حيث الفائدة، لكنها تستبدل بعمولة إدارية تستقطع مباشرة من مبلغ القرض بنسبة 5 في المائة، ما يقلل من قيمة ما يستلم. ومع ذلك، لم تكن المشكلة الكبرى في العمولة، بل في شرط وجود كفيل حكومي راتبه يعادل ضعف القسط الشهري، وهو ما لم استطع توفيره، خاصة وأن الكثير من أصدقائه ومعارفه في أوضاع مالية مماثلة.
وأشار الى انه توجه الى عدد من المصارف الاخرى التي طلبت منه دفع مقدمة لا تقل عن 20 في المائة من قيمة العقار، أي عشرات الملايين من الدنانير. وهنا، يتساءل علاء: "إذا كان لدي هذا المبلغ، فلماذا ألجأ إلى القرض أصلاً؟".
ويُعبر عن خيبته بالقول إن القروض تبدو وكأنها مصممة لمن لا يحتاجها، بينما تُغلق أبوابها في وجه من هو بأمس الحاجة إليها. ويضيف ان "الشباب أمثالي، من ذوي الدخل المحدود، يحتاجون فعلاً إلى قروض عادلة بشروط إنسانية، لا إلى أنظمة تضعهم في دائرة العجز والديون."
وبالتالي، يرى علاء أن الحديث عن دعم الإسكان ما هو إلا حبر على ورق ما لم تراجع الشروط والضمانات بشكل يتناسب مع واقع الشباب والفئات الضعيفة.
ويخلص الى القول: "نحن لا نطلب المستحيل، فقط نطلب فرصة للعيش بكرامة، تحت سقف نملكه نحن لا غيرنا".
فوائد مرتفعة
وقال الباحث الاقتصادي أحمد عيد إن القروض ذات الفوائد المرتفعة تشكل تحديا كبيرا أمام فئة الشباب وأصحاب الدخل المحدود في العراق، لا سيما في ظل الركود الاقتصادي، وتراجع فرص التشغيل، وغياب شبكات الحماية الاجتماعية الفاعلة.
وأضاف عيد لـ "طريق الشعب"، أن "الاعتماد المفرط على الاقتراض التقليدي القائم على الفائدة يُسفر عن آثار سلبية تراكمية على المدى المتوسط والبعيد، من أبرزها ارتفاع العجز المالي الشخصي، وتآكل القوة الشرائية، وتزايد حالات التعثر المالي، مما يُدخل الأفراد في حلقة مفرغة من المديونية المزمنة".
ولفت عيد إلى أن "عبء خدمة الدين، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، يؤدي إلى تقييد حركة رأس المال البشري ويؤثر في قدرة الأفراد على الاستثمار بالتعليم، وتطوير المهارات، والمشاريع الصغيرة، الأمر الذي يُعيق التمكين الاقتصادي ويُكرس التفاوت الطبقي".
وأشار إلى أن غياب أدوات تمويل بديلة وعادلة يزيد من خطورة هذه الظاهرة، إذ لا تراعي الأدوات الحالية خصوصية الفئات الهشة، ولا تضمن عدالة الوصول إلى الموارد المالية.
وفي سياق أزمة السكن، أوضح عيد أن السياسات التمويلية العقارية القائمة على القروض المرتفعة الفائدة " تعد من العوامل المغذية لأزمة الإسكان في البلاد، حيث تُشكل الأقساط المرتفعة المرتبطة بسعر الفائدة عقبة كبيرة أمام الشباب الراغبين في امتلاك وحدة سكنية، خصوصاً العاملين في القطاع غير الرسمي أو أصحاب الأجور المنخفضة".
وبيّن أن شروط الضمانات المعقدة وغياب برامج الدعم المباشر حولت هذه القروض إلى أداة لإعادة إنتاج التفاوت الطبقي، بدلا من أن تكون وسيلة للعدالة الاجتماعية والتمكين الاقتصادي.
ودعا عيد إلى ضرورة تبني التمويل التشاركي كبديل تنموي ملائم، نظرا لاعتماده على مبدأ تقاسم الربح والمخاطر، لا تحميل المقترض أعباءً ثابتة بغض النظر عن نتائج النشاط الاقتصادي، مشددا على أن هذا النمط يقوم على التعاون، والشفافية، والشراكة الحقيقية، وهو أكثر انسجاما مع احتياجات الفئات التي تُقصى من النظام المصرفي التقليدي بفعل شروطه الصارمة.
واختتم عيد بالدعوة إلى مراجعة شاملة للسياسات التمويلية المعتمدة، مطالبا الجهات الحكومية، والبنك المركزي، والقطاع المالي بإرساء بيئة تشريعية محفزة، وتقديم حوافز للابتكار المالي، ودعم المؤسسات الوسيطة، بما يُعزز من قدرات الشباب على الإسهام في الاقتصاد الوطني، دون الوقوع في فخ المديونية الاستهلاكية أو السكنية.
قروض دون فوائد
من جانبه، قال د. مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، أن "قروض السكن التي يقدمها صندوق الإسكان العراقي التابع لوزارة الإعمار والإسكان تُمنح بدون فوائد، مما يجعلها من الخيارات التمويلية الميسرة أمام المواطنين، مقارنة بالقروض المصرفية الأخرى التي غالبا ما تترافق مع فوائد مرتفعة".
وأوضح صالح، أن القروض تخضع فقط لعمولة إدارية بسيطة تُستوفى مرة واحدة عند منح القرض، في حين تمتد فترة السداد إلى نحو ٢٠ عامًا، شريطة أن يمتلك أو يحوز المقترض أرضًا لا تقل مساحتها عن 100 متر مربع، وأن يكون قد شيد بناءً بمساحة لا تقل عن 60 مترا مربعا.
وأشار صالح، إلى أن "القروض تُمنح للأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و63 عاما، على أن يُقدم كفيلا ضامنا يغطي نصف راتب المقترض الاسمي لضمان سداد الأقساط الشهرية، أو أن يُعتمد راتب المقترض ذاته كضمان في حال كان موظفا".
ولفت صالح إلى أن المصرف العقاري قد يتجه نحو اعتماد نموذج مشابه، خاصة في ظل مبادرة البنك المركزي العراقي التمويلية، التي تهدف إلى دعم قطاع الإسكان وتوفير بيئة سكنية ميسورة لشرائح أوسع من المواطنين.
اقبال كبير
بدوره، ذكر المهندس نبيل الصفار، المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، أن "القروض التي يمنحها صندوق الإسكان العراقي تقدم بدون فوائد، وهو ما جعلها محل إقبال كبير من المواطنين".
وأوضح أن "باب التقديم على هذه القروض مغلق حاليا، بعد أن تم فتحه في شهر شباط الماضي،" مشيرا إلى أن عدد المعاملات المقبولة إلكترونيًا عبر منصة "أور" حتى تاريخ 30 نيسان تجاوز 9 الاف معاملة، ويتم استكمال إجراءاتها تباعا".
وبين الصفار، أن "الصندوق يمنح هذه القروض حصريا لغرض بناء الوحدات السكنية، في إطار رؤية الوزارة لزيادة الرصيد السكني في العراق، على عكس بعض القروض التي تقدمها المصارف الأخرى والتي غالبا ما تخصص لشراء وحدات سكنية قائمة".
وفيما يتعلق بباقي القروض العقارية، أوضح أن نسب الفوائد تُحدد من قبل كل مصرف بناءً على سياساته الخاصة وتعليمات البنك المركزي العراقي، وهو ما يخرج عن نطاق عمل الوزارة.
وأشار الصفار إلى أن "تفعيل منظومة القروض السكنية يعد أمرا ضروريا في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الاستعداد لإطلاق مدن سكنية جديدة".
واكد وجود تفاهمات مستقبلية مع المصارف والبنوك بهدف إيجاد آليات تمويل مناسبة تتيح للمواطنين شراء الوحدات السكنية ضمن هذه المشاريع.
كل هذه الإجراءات والوعود وغيرها تبقى رهناً بالتنفيذ الفعلي، في وقتٍ أصبح فيه من الضروري اختزال الحلقات البيروقراطية، وإلغاء دور الوسطاء والمعقّبين، وتقديم المزيد من الحوافز التشجيعية لتسهيل الحصول على قروض السكن.
برغم الحديث المتكرر عن “المعالجات الجذرية” و”الخطط الحكومية الطموحة”، لا يزال مشهد المشاريع المتلكئة في العراق العنوان الأبرز في البلاد؛ فالأرقام والوقائع على الأرض تكشف عن استمرار الفشل الذي رافق كل الحكومات المتعاقبة، في استكمال آلاف المشاريع التي تمسّ حياة المواطنين اليومية، من بنى تحتية ومدارس ومستشفيات، إلى شبكات الصرف الصحي وغيرها.
وعاد هذا الملف المعقد إلى الواجهة مجددًا، في ظل تساؤلات متزايدة حول فاعلية الإجراءات الحكومية في معالجته، فعلى الرغم من تأكيد الجهات الرسمية اتخاذ خطوات تنفيذية لتجاوز هذه الأزمة المزمنة، يرى مختصون ان تلك الخطط تصطدم بتحديات بنيوية، في مقدمتها الاقتصاد الريعي المعتمد على أسعار النفط المتذبذبة، وسوء الإدارة، وتضارب الصلاحيات بين المؤسسات، ناهيك عن شبهات الفساد التي تطوق الكثير منها.
التخطيط: خطة لإنجازها وعدم تكرارها
وأعلنت وزارة التخطيط، اخيراً، عن تشكيل لجنتين حكوميتين لمعالجة المشاريع المتلكئة، مؤكدة استئناف العمل في عدد كبير من المستشفيات، ومعالجة مئات العقود المتوقفة في الوزارات والمحافظات.
وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، أن ملف المشاريع المتلكئة يُشكل ضغطاً كبيراً على الدولة، نظراً لما أنفق عليه من أموال، ولما سبّبه من تفويت للفرص التنموية والاقتصادية والخدمية، نتيجة لتأخر تنفيذ هذه المشاريع.
وأضاف الهنداوي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هناك حاجة ملحّة لوضع معالجات منطقية وجذرية لهذا الملف، بهدف معالجة المشكلات القائمة، وتفادي تكرارها في المستقبل، وضمان عدم توقف المشاريع لأي سبب كان.
وتابع أن السبب الرئيس لتوقف أغلب المشاريع يعود إلى "القرار الحكومي رقم 347 لسنة 2015، الذي صدر في خضم الأزمة الاقتصادية والأمنية التي شهدها العراق آنذاك"، مشيراً إلى أن “الحكومة حينها لم تكن قادرة على توفير التخصيصات المالية الكافية لمواصلة العمل في المشاريع، خصوصاً تلك التي كانت نسب إنجازها متدنية، ما أدى إلى إيقافها”.
وواصل القول ان توقف العمل فيها تسبب في اندثار العديد منها، ما أدى إلى ارتفاع كلفتها بشكل كبير.
وزاد أن الحكومة الحالية جعلت من ملف المشاريع المتلكئة أولوية، وشكّلت لهذا الغرض لجنتين برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط د. محمد تميم، مبينا أن "اللجنة الأولى هي لجنة الأمر الديواني (45)، التي كانت قد شُكّلت في عهد الحكومة السابقة، وتم تفعيلها من قبل الحكومة الحالية، وهي معنية بمعالجة ملف المستشفيات المتلكئة في عموم البلاد".
واشار الى انه “كان لدينا نحو 72 مستشفى متلكئاً بسعات سريرية تتراوح بين 50 و600 سرير، موزعة على عدد من المحافظات، بعضها ضمن البرنامج الاستثماري لوزارة الصحة، وبعضها ضمن برامج تنمية الأقاليم، فيما تنتمي مجموعة ثالثة إلى وزارة التعليم العالي بوصفها مستشفيات جامعية”.
وأكد أن اللجنة "نجحت في معالجة مشكلات جميع هذه المستشفيات، حيث استُؤنف العمل في أغلبها، وتم إنجاز أكثر من 15 منها وأُدخلت إلى الخدمة، فيما تتواصل الأعمال في الأخرى، بانتظار استئناف التنفيذ في القريب العاجل".
أما اللجنة الثانية، فقال الهنداوي أنها "معنية ببقية المشاريع المتلكئة، كالمشاريع الخدمية، ومشاريع الماء والصرف الصحي والمدارس والكهرباء والبنى التحتية"، مضيفا أن هذه اللجنة، التي تضم ممثلين عن وزارتي المالية والتخطيط، وديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، بدأت عملها مطلع عام 2023، وتمكنت من وضع معالجات لعدد كبير من المشاريع المتوقفة.
وحول المشاريع التي لم تُعالج بعد، أوضح الهنداوي أن "بعضها يرتبط بملفات قضائية، تشمل شبهات فساد أو إشكالات قانونية أخرى، وبالتالي فإن حسمها مرهون بقرارات القضاء"، موضحا أن اللجان المعنية "تقوم بدراسة المشاريع مكتبيًا وميدانيًا، وتطلع على جميع تفاصيلها قبل اتخاذ قرارات المعالجة المناسبة، والتي قد تشمل سحب العمل من الشركات، أو تمديد المدة، أو زيادة الكلفة، وذلك بحسب طبيعة المشكلات التي تسببت بتوقف المشروع".
اين نتائج المعالجات؟
من جانبه، أكد عضو اللجنة القانونية البرلمانية النائب عارف الحمامي، أن المشاريع المتلكئة ما تزال تنتشر في مختلف مناطق العراق، مشيراً إلى أن قطاع التعليم يُعد من أبرز الأمثلة على ذلك، إذ “ما تزال مئات المدارس في محافظة ذي قار متوقفة ولم تُنجز حتى الآن”.
وقال الحمامي في حديث لـ"طريق الشعب"، ان “هذا مثال واحد من بين عشرات، بل ربما مئات المشاريع المتوقفة التي لم تُستكمل حتى اليوم”، مضيفا أن "المشكلة لا تقتصر على قطاع التعليم، بل تشمل محطات ومشاريع خدمية وصحية، ومنها مستشفى الحوراء في قضاء الشطرة، الذي مضى على بدء العمل فيه أكثر من 15 عاماً، ورغم إنجاز نحو 95 في المائة من هيكله، إلا أنه ما يزال متلكئاً".
وأشار إلى أن "مشاريع الماء والمجاري تواجه المصير نفسه، رغم أنها ذات أهمية بالغة، خاصة في ظل الظروف الصحية الصعبة التي تمر بها محافظة ذي قار، حيث تسجل نسباً مرتفعة في حالات الإصابة بالسرطان والفشل الكلوي، ناهيك عن باقي المحافظات".
وشدد الحمامي على “ضرورة وضع خطط حقيقية ومدروسة لتحسين البيئة بالتعاون مع وزارة الصحة، لمعالجة التدهور الحاصل في الواقع الصحي والخدمي”.
فيما عزا في السياق ذاته أسباب تلكؤ المشاريع إلى "مشاكل في التمويل، لكن بعد توقفها انذاك، كان يفترض أن يُعالج هذا الملف وتوفر الظروف المناسبة لإنجاز المشاريع، لاسيما بعد تشكيل حكومة جديدة واعتماد موازنة مالية كبيرة”.
وانتقد الحمامي الأداء الحكومي، قائلاً انه “رغم الوعود بمعالجة المشاريع المتلكئة، لم نلمس أي تغيير على أرض الواقع، وهو ما يكشف عن وجود خلل إداري واضح”، محملاً الحكومة “المسؤولية الأساسية عن استمرار هذا التلكؤ، نتيجة غياب الضوابط والإجراءات الفاعلة التي من شأنها أن تضع حداً لهذه الظاهرة”
استهلاك إعلامي
الى ذلك، قال المراقب للشأن الاقتصادي خالد حسن أن واقع المشاريع في العراق لا تحدده القوانين أو القرارات أو حتى الرغبات الحكومية، بل يتوقف أساساً على أسعار النفط، قائلاً إن “الاقتصاد الريعي الذي يعتمد عليه العراق يجعل المشاريع دائماً عرضة للانتكاسات والتوقف، تبعاً لتقلبات الأسعار”.
وأضاف حسن في حديث مع "طريق الشعب"، انه "في ظل التزامات الدولة المالية الكبيرة، وعلى رأسها رواتب الموظفين والإنفاق التشغيلي، تزداد الضغوط عاماً بعد عام على الموازنة العامة، ما ينعكس سلباً على استمرار المشاريع التنموية والخدمية”.
وأوضح أن “العديد من المشاريع تلكأت أو توقفت بسبب انخفاض أسعار النفط في فترات سابقة، أو بفعل الحرب ضد تنظيم داعش”، مبيناً أن “الحكومة أعلنت عن وضع خطط لمعالجة هذا الملف منذ اشهر، لكن لم تظهر نتائج ملموسة على أرض الواقع حتى الآن”.
وأشار حسن إلى أن “عدداً من المشاريع التي يراد إعادة العمل بها، مرت عليها سنوات طويلة، ما تسبب بحالة من الاندثار، قد تصل نسبتها إلى 70 في المائة، حتى وإن كانت نسب الإنجاز السابقة تصل إلى 90 في المائة، وبالتالي فإن معالجتها تتطلب إعادة تأهيل واسعة ومكلفة”.
وفي ما يتعلق بتمويل المشاريع المتوقفة، قال ان "العراق اليوم لا يمر بمرحلة وفرة مالية تمكنه من تمويل مشاريع كبرى أو إعادة تأهيل المتلكئة منها، ولذلك تبقى كل الأحاديث عن المعالجات محل شك، خاصة وأننا لا نرى مؤشرات حقيقية على الأرض”.
ونوه بانه "لا توجد مشاريع متلكئة من السابق قد تم استئناف العمل فيها بشكل فعلي، ما يجعل ما يُطرح اليوم أقرب للاستهلاك الإعلامي، أو محاولة لإدامة زخم الأداء الحكومي مع اقتراب موعد الانتخابات واحتدام التنافس السياسي".
وخلص الى القول: انه "مع توقف البرلمان وغياب دوره الرقابي في هذه المرحلة، يصبح التعويل عليه ضعيفاً جداً، وربما الرهان الوحيد المتبقي هو مدى مصداقية الحكومة في تنفيذ وعودها. وهذه المصداقية بدورها تعتمد بشكل أساس على ارتفاع أسعار النفط، وهو أمر غير متحقق حالياً".
أعلنت قوى مدنية ووطنية في بغداد عن تشكيل تحالف انتخابي مدني كبير، يضم أحزابا وشخصيات سياسية بارزة، استعداداً لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ويضم التحالف الجديد الذي حمل اسم "البديل"، الحزب الشيوعي العراقي، حركة الوفاء ـ عدنان الزرفي، حزب الاستقلال ـ سجاد سالم، حزب البيت الوطني ـ حسين الغرابي، الحركة المدنية ـ شروق العبايجي حركة كفى ـ رحيم الدراجي، التجمع الجمهوري ـ سعد عاصم الجنابي، بناة العراق برئاسة رياض الإسماعيلي، تحالف الاقتصاد العراقي - عدي العلوي، حركة المثقف العراقي ـ ضرغام علاوي، حركة ريادة ـ طارق اللهيبي، والتيار الديمقراطي ـ منسقه العام أثير الدباس.
وقال التحالف في بيان، أن "هذه الخطوة تشكل ولادة خط سياسي جديد طال انتظاره، يعبر عن أمل المجتمع العراقي، ويجسد حلم الأجيال بوطن يحتضن الجميع دون تمييز"، مشيرا الى انه "ينبذ الطائفية والمكوناتية، ويرفع راية المواطنة والعدالة والكرامة، ليكون البديل الحقيقي الذي يستحقه".
وأضاف أن "التحالف سيقود مسيرة إصلاح جذري ويؤسس لمرحلة جديدة من العمل السياسي القائم على النزاهة والكفاءة والانتماء للوطن فقط".
السعي لبناء دولة مدنية ديمقراطية
وقال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، علي صاحب، إن "الحزب سيخوض الانتخابات ضمن تحالف البديل الذي حصل على الاجازة والمصادقة من قبل مفوضية الانتخابات، ويعتزم دخول المعترك الانتخابي في 15 محافظة"، مبينا ان "التحالف يضم قوى وأحزابا وشخصيات وطنية ومدنية، وسيعمل على مختلف المساحات الممكنة، فضلا عن كونه واحدا من اكبر التجمعات الوطنية والمدنية ضمن خارطة التحالفات".
وأضاف صاحب في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "التحالف ينطلق من برنامج يسعى الى بناء دولة مدنية ديمقراطية ويعمل على حصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الفساد، والعمل على انهاء المحاصصة الطائفية والاثنية. كما انه يقدم برنامجا يتضمن تفصيلات عديدة ستأخذ مجالها للتنفيذ في مختلف الموضوعات التي يحتاجها العراق".
وشدد القيادي في الحزب على ان "التحالف يؤكد على موضوعة التغيير باعتبارها ضرورة ملحة لتجنيب البلد مزيدا من المآسي والدمار والخراب، وانقاذه من الازمات التي يعيشها"، منبها الى ان "الحزب يعمل حاليا على تشخيص المرشحين الاكفاء الذين سيكونون عنوانا للنزاهة، ولا شائبة على وطنيتهم، ومن مختلف مدن ومحافظات العراق من رفاق واصدقاء الحزب، وسيكونون من الشخصيات التي لديها باع طويل على المستوى المهني والسياسي والاجتماعي".
واكد ان "مرشحينا يسعون الى تمثيل تطلعات الشباب والطبقات والفئات المهمّشة، بعيدا عن قوالب التحاصص التقليدية التي حكمت العملية السياسية منذ 2003".
ووفقاً للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن عدد الناخبين الكلي في العراق بلغ أكثر من 29 مليون ناخب، بعد شمول مواليد 2005 و2006 و2007 الذين أتموا أو سيتمون السن القانونية (18 عاماً) بحلول موعد الانتخابات المقرر في 11 تشرين الثاني 2025.
"ضد نوعي" لقوى السلطة
حسين الغرابي، أمين عام البيت الوطني، المنضوي في تحالف البديل، قال لـ"طريق الشعب"، ان "التحالف يضم اغلب القوى المدنية والتشرينية، وبالخصوص في محافظة ذي قار"، مبينا ان "وجهة التحالف تنطلق من جمع غالبية القوى المدنية، وبالتالي لا يمكن جمع كل القوى المدنية، وهذا الامر مفهوم. وبعض المحسوبين على القوى المدنية حسموا امرهم باتجاهات أخرى لا نستطيع ان نمضي معها، لاسيما مع قوى السلطة او القوى التي لدينا معها إشكالات قوية في مسألة التعاطي مع الاحتجاجات".
وأضاف الغرابي، "الآن اكتمل تسجيل التحالف، وبدأنا مرحلة اختيار المرشحين وهي مرحلة صعبة وخطرة. إذ نريد ان نختار مرشحين يمثلون فعلا الواجهة المدنية والقيم المدنية ويؤمنون بدولة المواطنة، وبعيدين عن المحاصصة وينبذون السلاح والطائفية ويرفعون الهوية الوطنية، وهذا ما سننجح به بالتأكيد".
وشرح الغرابي اختيار اسم تحالف البديل بأنه "جاء لكوننا ضد نوعي لما موجود في المنظومة الحاكمة من أحزاب لديها ولاءات خارجية. سنقدم الضد النوعي الحقيقي لهذه الأحزاب".
مزاج الناخبين ينبذ قوى المحاصصة
من جهته، أكد سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، ان تحالف البديل يحتكم لمعيارين: المدني والوطني، متوقعا ان ترافق التحالف "حظوظ جيدة" في الانتخابات المقبلة، برغم التنافس الشديد مع القوى الأخرى، على اختلاف أسمائها، التي تنتهج المحاصصة.
وقال فهمي في تصريح صحفي، ان "المزاج العام لدى العراقيين اليوم يدعو إلى التغيير في الأوضاع نحو البعدين المدني والوطني، والتخلص من تداعيات نهج المحاصصة"، مضيفاً "نحن كحزب شيوعي ننظر إلى العملية الديمقراطية باعتبارها ليست بمعزل عن الصراع داخل البلد ككل، ونحن عملنا ونستمر بالعمل من أجل مواجهة قوى المحاصصة وكل ما يترتب على هذا النهج".
واضاف فهمي، ان "الوضع العام لقوى المحاصصة أضعف من السابق: هناك انفضاض شعبي عنها، لكن هل هذا التذمر في المواقف سيتحول إلى أصوات انتخابية؟ هذا هو التحدي، ونحن نعرف أن قسماً كبيراً من الناس رافضين لنهج المحاصصة ولما سائد اليوم".
وأشار سكرتير الحزب الى ان "أحزاب الإطار التنسيقي يتحدثون عن إنجازات كبيرة هنا وهناك، لكن الدولة العراقية تواجه مشاكل كبيرة جداً على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وكثير من المرتكزات التي قام عليها الإطار التنسيقي اهتزت بسبب التطورات التي شهدتها المنطقة مؤخراً، والجهات المرتبطة بالسلاح والجماعات المسلحة وضعهم ليس كالسابق. والمكاسب الجزئية التي حققوها موضع تساؤل".