رفع المحامي رسول صالح ميران شريف، من النجف، دعوى إلى المحكمة الاتحادية طالبها فيها بإعلان عدم دستورية المادة (50) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (22) لسنة 1971، والتي تنص فقرتها أولاً – أ: (استثناءً من المادة (49) يقوم المسؤول في مركز الشرطة بالتحقيق إذا صدر أمر بذلك من حاكم التحقيق أو المحقق، أو اعتقد أن الجريمة من شأنها أن تؤخر الإجراءات أو تؤدي إلى ضياع معالم الجريمة أو الإضرار بسير التحقيق، على أن يعرض المحقق حال فراغه منها الأوراق التحقيقية على الحاكم).
وقال المحامي في تصريح لـ"طريق الشعب"، إنه قدّم الدعوى في 10 آذار 2025، على أثر تسجيله العديد من المخالفات المرتكبة في مراكز الشرطة.
وأضاف المحامي رسول صالح في دعواه، أن المحكمة الاتحادية وافقت على النظر في الدعوى، وهي تُنظر حالياً بالرقم (٥٤/اتحادية/٢٠٢٥)، مؤكداً أنه ينتظر الإجراءات الرسمية لغرض البدء في تقديم مرافعته وفق الأصول. وتحدث عن أن "المادة أعلاه تشكل خرقاً لأحكام دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ، ما يستوجب التصدي لها والحكم بعدم دستوريتها".
وعلّل صالح عدم دستورية هذه المادة بكونها تخالف أحكام المادتين (19/أولاً) و(87) من الدستور، اللتين تناولتا موضوع استقلال السلطة القضائية. كما أشار إلى مخالفتها لمواد دستورية أخرى وردت في نص الدعوى. وطالب المحكمة الاتحادية بالحكم بعدم دستورية المادة (50) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، عملاً بأحكام الدستور ومبادئه لعام 2005، لكونها لا تنسجم مع مبدأ استقلال القضاء.
رفع الحزب الشيوعي العراقي، امس الثلاثاء 8 نيسان 2025 شكوى ضد ضابط الأمن المدعو شاكر طه يحيى الدوري، الذي كان مسؤولاً عن ملف ملاحقة الشيوعيين في مديرية أمن أربيل في زمن النظام الدكتاتوري البائد.
وقال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، ان "المشتكى عليه كان مسؤولاً عن ملف الشيوعيين في المدة بين عام 1977 الى 1984 في أربيل، وقد يكون في ذات المهمة في بغداد من 1984 الى 1986".
وتابع انه "قدّم باسم الحزب شكوى ضد هذا الضابط، لانه كان مسؤولاً عن إعدام وتصفية عدد كبير من الشيوعيين في أربيل ومناطق أخرى"، مؤكداً انه "تم تسجيل الشكوى لدى الأمن الوطني الذي يحتجزه حالياً مع عدد آخر من ضباط الأمن الذين جرى اعتقالهم منذ أشهر".
وتابع الرفيق فهمي، أن "عددا من الأحزاب الوطنية والإسلامية وشخصيات أخرى قدمت ايضاً شكاوى بحق هؤلاء، وسيجري لاحقاً تقديم دعاوى شخصية من قبل أهالي الرفيقات والرفاق الذين استشهدوا على يد هذا الضابط الذي كان يعمل في خدمة قيادة النظام الدكتاتوري المقبور".
مع انخفاض حصة الفرد من المياه، تزداد الأزمة بشكل ملحوظ، خاصة في المناطق الجنوبية المتأثرة بانخفاض مستويات الأنهار.
وفي بيان لمناسبة اليوم العالمي للمياه يوم 22 آذار، دعت المديرية العامة للمياه ومنظمة اليونيسف إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الموارد المائية وضمان وصول المياه النظيفة لجميع المواطنين.
المديرية بدأت تنفيذ مشاريع استراتيجية لتحديث الخطط المائية وضمان توزيع المياه بشكل عادل، كما تعمل على رفع الوعي بأهمية استخدامها بشكل آمن.
وبرغم ذلك، يبقى الوضع مقلقا بسبب تراجع المياه القادمة من نهري دجلة والفرات، نتيجة لتأثيرات سياسات دول الجوار. وتضاف هذه المشكلة إلى تحديات كبرى مثل التصحر والجفاف.
وتسعى اليونيسيف، بالتعاون مع الحكومة العراقية، إلى توفير مياه شرب آمنة للأطفال في المجتمعات الأكثر تضررًا. وقالت أن العراق بحاجة إلى استثمارات ضخمة لمواجهة هذه التحديات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه. خاصة مع إشارتها إلى وجود ملايين العراقيين من دون ماء صالح للشرب.
250 مترا مكعبا حصة الفرد سنويًا
يقول الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي، أن "العراق يواجه أزمة مائية كبيرة، حيث أظهرت التقارير أن أكثر من 8 ملايين عراقي يعانون من نقص في المياه، وهي نسبة قابلة للزيادة، حيث كانت في العام الماضي 6 ملايين".
وقال الموسوي لـ "طريق الشعب"، إنّ هذا الخطر سيكون أكثر وضوحًا بحلول عام 2030، مع استمرار تراجع حصة الفرد من المياه بشكل ملحوظ؛ ففي سنوات الوفرة، كانت حصة الفرد تصل إلى حوالي 1500 متر مكعب سنويًا، لكن في الوقت الحالي انخفضت إلى 250 مترا مكعبا سنويا، ما يعكس أزمة كبيرة في الموارد المائية.
وأضاف الموسوي، أن "الإيرادات المائية للعراق كانت في السابق تصل إلى حوالي 100 مليار متر مكعب سنويا، لكن الآن لا تتعدى 20 مليار متر مكعب، في وقتٍ يقترب عدد سكان العراق من 40 مليون نسمة".
ولفت إلى أن حصة الفرد العراقي من المياه كانت أفضل بكثير عندما كان عدد السكان أقل من 15 مليون نسمة. ويعتبر هذا التراجع الكبير في إمدادات المياه مؤشرًا على "فقر مائي" في العراق.
وزاد، أن السياسات الحكومية المتبعة لم تواكب حجم الأزمة، إذ وصفها بأنها "ترقيعيه" و"قصيرة المدى"، تفتقر إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى. وتطرق إلى أن المشكلة ليست فقط على الصعيد المحلي، بل أيضًا على الصعيد الإقليمي، حيث أن دول المنبع (تركيا وإيران) قد غيرت مسارات الأنهار، وبنت سدودًا قللت حصة العراق من المياه، ما زاد من خطورة الوضع وقادت إلى مزيد من الجفاف.
وأشار إلى أن الهجرة من الريف إلى المدن تتزايد نتيجةً لندرة المياه، ما يعكس الأثر السلبي لهذه الأزمة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، مشيرا الى أن العراق يعتمد بشكل كبير على المياه القادمة من دول الجوار، خصوصًا المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج في تلك الدول، لكن شح الأمطار في المنطقة يزيد من تعقيد الوضع.
وفي ختام حديثه، حذّر الموسوي من أن أزمة المياه في العراق ستظل تتفاقم ما لم تُتخذ إجراءات جادة لإيجاد حلول طويلة الأمد، مشيرًا إلى أن "كل الحلول المتبعة حاليًا هي حلول وقتية، تعتمد على الاستجابة من السماء"، ما يشير إلى هشاشة السياسات الحالية في مواجهة هذه الأزمة.
موسم جاف
وفي السياق، قال الخبير المائي د. معاذ شغال إن "موسم الأمطار هذا العام تأخر بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات الماضية، حيث كان من المعتاد أن يبدأ المطر في منتصف تشرين الثاني العام الماضي".
واضاف شغال في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "الفائدة المطرية في العراق عادةً ما تأتي من موجتين جويتين: الأولى من البحر الأحمر، التي تغطي المناطق الوسطى والجنوبية للعراق، والثانية من البحر المتوسط، التي تؤثر على بلاد الشام (فلسطين والأردن) ثم تصل إلى شمال العراق، خاصة منطقة الموصل.
وأشار إلى أن الوضع هذا العام غريب، حيث أن موجات البحر الأحمر هي التي كانت تهيمن على الطقس في الفترة الماضية، بينما لم تصل موجات البحر المتوسط.
وأوضح أن "التنبؤات الجوية تتغير بشكل مستمر، وأنه لا يمكن التنبؤ بما سيحدث في المستقبل القريب"، مشيرا إلى أن الغيوم تتغير وتتحرك، لكن المطر لم يأتِ كما كان متوقعًا.
من الديوانية الى البصرة.. المياه تتلوث
فيما أكد علاء كولي، عضو منظمة الجبايش البيئية، أن "ملف المياه يعد من أكثر الملفات تعقيدًا في العراق، وخاصة في المناطق الجنوبية التي تعتبر الأكثر تضررًا من شح المياه وتلوثها".
وقال كولي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "هذه المناطق تقع بالقرب من ذنائب الأنهار، ما يجعلها عرضة للكثير من المخاطر، بما في ذلك تلوث المياه التي تصل إليها".
وأضاف، أن المياه التي تأتي إلى هذه المناطق غالبا ما تكون "ملوثة نتيجة مرورها عبر عدة مدن تُلقي نفاياتها في الأنهار، ما يؤدي إلى تغير لون المياه، وهو ما يلاحظ بشكل خاص في المناطق من الديوانية إلى البصرة".
وأشار كولي إلى أن "تلوث المياه ليس هو المشكلة الوحيدة التي تواجه هذه المناطق، بل هناك أيضًا شح مائي واضح، وهو ما يؤثر بشكل كبير على حياة السكان الذين يعتمدون على الزراعة وتربية الحيوانات".
وتابع، ان "أي تراجع في مستوى المياه يؤثر بشكل كبير على هؤلاء الناس، خصوصا في مناطق مثل الأهوار جنوب الناصرية وجنوب شرقها"، حيث أصبح شح المياه سببا رئيسا للهجرة.
وأوضح كولي، أن "الهجرة من هذه المناطق تكون على نوعين: الهجرة الداخلية، حيث يبحث الناس عن مصادر مياه في مناطق قريبة أو بعيدة، والهجرة الخارجية، التي تؤدي إلى الانتقال إلى محافظات الفرات الأوسط التي تتمتع بمياه وفيرة".
وزاد بالقول: أن هذه الهجرات تحمل آثارا اجتماعية واقتصادية كبيرة، حيث يواجه السكان صعوبة في الاندماج بالمجتمعات الجديدة بسبب اختلاف العادات والتقاليد.
وأكد أن "إدارة الموارد المائية في العراق تعاني من العديد من المشاكل"، مشيرا إلى أن العراق "ضحية لهذه الإدارة"، وأن الحلول التي يتم اتخاذها في الوقت الحالي لا تتناسب مع حجم المشكلة، داعيا إلى اعداد خطة مائية حقيقية تشمل إنشاء وحدات معالجة للمياه في المناطق الجنوبية، والاستفادة من مياه الأمطار التي تتساقط في الفترات الأخيرة، بدلاً من تركها تذهب إلى المجاري.
وفي ختام حديثه، شدد كولي على أهمية توفير حلول مستدامة للمشكلة المائية في العراق، لضمان ايجاد حياة أفضل للسكان الذين يعتمدون بشكل أساس على المياه في حياتهم اليومية ومعيشتهم.
أصدرت محلية الحزب الشيوعي العراقي في الناصرية، بياناً، استنكرت فيه القمع الوحشي الذي طال المعلمات والمعلمين في أثناء ممارستهم حقهم الدستوري في التظاهر السلمي، مطالبين بحقوقهم المشروعة.
وفيما شدد التيار الديمقراطي على أهمية الاستجابة العادلة لمطالب المعلمين المشروعة، دانت منظمات ديمقراطية الإجراءات القمعية التي طالت المعلمين.
شيوعيو ذي قار
وقال محلية الحزب، في بيانها: نتابع بقلق واستنكار بالغين ما جرى في محافظتنا ذي قار من قمع وحشي طال المعلمين والمعلمات خلال ممارستهم لحقهم الدستوري في الإضراب والتظاهر السلمي للمطالبة بحقوقهم المشروعة.
وأضاف، ان القوات الأمنية استخدمت القنابل الدخانية لتفريق المحتجين، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من المعلمين والمعلمات وإصابتهم بجروح، في مشهد يعكس استخفافًا صارخًا بحرية التعبير والكرامة الإنسانية.
ورفضت محلية ذي قار هذه الإجراءات القمعية: "نعدها انتهاكًا فاضحًا للدستور وللحريات العامة، واعتداءً غير مبرر على أبناء الشعب من التربويين والنشطاء"، وطالبت بمحاسبة من اقترفها.
كما جددت التأكيد على وقوف تضامن الحزب الكامل ووقوفه الى جانب المعلمين والتربويين والمتظاهرين السلميين، وأكدت دعمها لمطالبهم العادلة، داعية إلى مواصلة الضغط الشعبي والنقابي من أجل انتزاع الحقوق المسلوبة، والسير نحو بناء وطن حر تسوده العدالة والكرامة.
تلبية المطالب ضرورة وطنية
وقالت لجنة العمل النقابي والمهني في التيار الديمقراطي، إنّ "استحقاقات الكوادر التعليمية والتربوية من أهم الأسس التي تعمل على بث الروح الوطنية العراقية، فهم الرواد الذين يبذلون جُلّ جهدهم للارتقاء بالمجتمع العراقي نحو الاستقرار والتطور المجتمعي وإعداد جيل وطني يُعتَمد عليه في بناء العراق بناءً صحيحاً"
وأيّدت جميع مطالب الأسرة التربوية وما أقرته نقابة المعلمين العراقية وإصدار التشريعات المناسبة لهذه المطالب المشروعة وكذلك إصدار سلم رواتب عادل لكافة موظفي الدولة العراقية.
رابطة المرأة العراقية
ودانت رابطة المرأة العراقية، الاعتداءات السافرة التي تعرضت لها التظاهرات السلمية للمعلمين. وقالت في بيان إنّ "الاعتداء على المعلمات والمتظاهرات هو إهانة مضاعفة: إهانة للمرأة، وإهانة للمعلم. وهو دليل خطر على توجه يراد منه إخراس الأصوات المطالبة بالعدالة والكرامة، بالقمع والترهيب".
وطالبت الرابطة بفتح تحقيق مستقل وشفاف في هذه الانتهاكات، ومحاسبة كل من تورط فيها، مؤكدة أهمية عدم المساس بحقوق النساء وتضامنها مع المعلمات المتظاهرات في نضالهن من أجل الكرامة والعدالة.
اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي
بدوره، رفض اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي القمع ضد المعلمات والمعلمين، واكد وقوفه معهم في حرية التعبير. وعبّر في بيان له عن إدانته الشديدة للاعتداءات القمعية التي طالت التظاهرات السلمية للكوادر التربوية. كما استنكر بشكل خاص ما تعرضت له المعلمات والمتظاهرات من عنف جسدي ولفظي مهين، مشيرا الى ان هذا الاعتداء "يكشف عن عقلية سلطوية لا تتورع عن استخدام كل أشكال الترهيب لإخماد الأصوات الحرة".
وجاء في بيان الشبيبة أيضا، أن "ما جرى لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التوجه العام لتجريم الاحتجاج السلمي ومحاولات تطويع المجتمع بالقوة، وهو أمر خطير لا يستهدف المعلمين والمعلمات وحدهم، بل يمسّ جوهر الحريات العامة وحقوق الإنسان".
ودعت الشبيبة في بيانها القوى المدنية والنقابية والشبابية إلى أوسع تحرك تضامني مع الكوادر التربوية، دفاعًا عن الكرامة، وعن الحريات، وعن مستقبل البلد الذي لا يُبنى إلا بالعلم والمعلم الحر.
فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا مجموعة من الرسوم الجمركية الجديدة على السلع الموردة إلى الولايات المتحدة، والتي تشمل رسومًا تبدأ من 10 في المائة وتصل إلى 39 في المائة على بعض السلع.
وبرغم أن صادرات العراق إلى الولايات المتحدة تمثل نسبة ضئيلة من حجم التجارة بين البلدين، فإن هذه الرسوم سيكون لها تداعيات واسعة على الاقتصاد العراقي بحسب مختصين. فالتأثير لا يقتصر فقط على التجارة الثنائية، بل يمتد إلى أسعار النفط، والقدرة على تحويل الأموال، وكذلك تزايد التوترات الاقتصادية العالمية.
ومع التوقعات بتراجع أسعار النفط بشكل اكبر نتيجة لهذه السياسات، يشهد العراق وغيره من الدول المنتجة للنفط تحديات جديدة قد تؤثر بشكل مباشر على الإيرادات النفطية. كما أن هناك خشية من تأثير الرسوم الجمركية على تحويلات العراق المالية إلى بلدان أخرى، وهو ما قد يؤدي إلى تبعات اقتصادية إضافية.
كيف سيتأثر العراق؟
في هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي ان العراق سيتأثر بشكل غير مباشر من القرار الأميركي بزيادة التعرفة الجمركية، لكن التأثير الأكبر سيأتي من ارتدادات الأزمة على الدول الأخرى.
واوضح بالقول إن “العراق يصدّر إلى الولايات المتحدة النفط وبعض المواد الأولية مثل الكبريت، وهناك تبادل تجاري بين البلدين، وعلى قلّته، إلا أن هذه المبادلات تُسهم في تقليل كلفة بعض الواردات”.
وأضاف، انه “عندما يُباع النفط، فإن تكلفة النقل تقع على عاتق المنتج، أي أن العراق يتحمل الرسوم والتعريفات الجمركية المفروضة أثناء عبور الشحنات، بحسب الاتفاقات والتشريعات الجمركية لتلك الدول”.
وبيّن الهماشي، أن “الولايات المتحدة تفرض دائمًا رسوما جمركية على الجهة المُصدّرة، ما يعني أن العراق لن يتأثر بشكل مباشر وكبير، لا سيما وأن صادراته إلى أميركا ليست كبيرة، وهناك إمكانية لتعويض ذلك بخفض كميات التصدير أو توجيهها لأسواق بديلة”.
في المقابل، أشار إلى أن “العراق يستورد من الولايات المتحدة معدات ثقيلة وسيارات ومكائن وأجهزة كهربائية وملابس ومواد غذائية وغيرها، وزيادة الرسوم الجمركية الأميركية ستؤدي إلى رفع أسعار هذه المنتجات بشكل واضح، خاصة أن العراق يفرض حالياً رسوماً جمركية تصل إلى 100 في المائة على البضائع الأميركية والأوروبية، ما يعني أن أية زيادة إضافية من الجانب الأميركي ستُضاعف من الكلفة النهائية”.
وأوضح الهماشي أن “العراق بلد مستهلك وليس منتجًا، لذا فإن أي تغيير في الأسعار على المستوى العالمي سينعكس عليه مباشرة. كما أن الشركات الأميركية، لا سيما المصرفية منها سترفض تحمّل أي رسوم أو أعباء إضافية على تعاملاتها المالية مع العراق، بحكم أن الولايات المتحدة تمثل المركز المالي العالمي، وبالتالي ستُفرض فوائد ورسوم إضافية على الأموال والمصارف العراقية المرتبطة بمصارف مراسلة أميركية”.
واختتم الهماشي تصريحه بالقول: ان “التأثير الأكبر لن يأتي من القرار الجمركي الأميركي بحد ذاته، بل من تداعياته على الدول الأخرى المنتجة التي يتعامل معها العراق، والتي سترتفع أسعار سلعها هي الأخرى، وبالتالي سيتضرر العراق بشكل غير مباشر. كما أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يتعامل مع السياسة من منظور اقتصادي، وقد استخدم هذا الأسلوب في جميع الملفات، السياسية والأمنية والدبلوماسية، ما سيؤدي إلى خلق أزمات أعمق تؤثر على النظام الاقتصادي العالمي، الذي سينعكس تدهوره حتمًا على العراق”.
منعطفخطير
من جانبه، اكد الخبير المالي العراقي، رشيد صالح أن هذه الإجراءات ستنعكس سلباً على الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بشكل كبير على الأسواق الخارجية والسلع المستوردة.
وقال رشيد في حديث صحافي تابعته "طريق الشعب"، إن "ما صدر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قرارات تتعلق بالرسوم الجمركية يعد بمثابة عاصفة غير مسبوقة، وهي الأولى من نوعها على الأقل خلال المئة عام الماضية".
ولفت الى ان "فرض رسوم مرتفعة للغاية على بضائع قادمة من عدة دول، خاصة من الصين ودول شرق آسيا، يعكس نزعة أحادية في إدارة الاقتصاد الدولي، ويسعى من خلالها ترامب إلى تكريس مبدأ الاستفراد الأمريكي على حساب الشراكة العالمية".
وأشار الخبير المالي إلى أن العراق سيكون من بين الدول المتضررة بشكل مباشر، موضحاً أن "الاقتصاد العراقي مرتبط بشكل وثيق بالاقتصاد العالمي، وتحديداً الأمريكي، من حيث تدفق السلع والأسعار والتكنولوجيا".
وأضاف ان "ارتفاع الرسوم الجمركية على المواد الأولية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الكثير من المنتجات في السوق العراقية، وهو ما سيخلق أعباء معيشية إضافية على المواطنين، ويهدد استقرار الأسواق".
وفي تعليقه على طبيعة الصراع، أوضح رشيد أن "ما تقوم به واشنطن هو حرب تجارية معلنة ضد الصين، لكنها ليست حرباً ثنائية صرفة، بل مرشحة لأن تتوسع إلى ملفات اقتصادية وجيوسياسية أخرى تمس دولاً غير معنية مباشرة بالنزاع، ومنها العراق"، منبها إلى أن "الاقتصاد العراقي هش ولا يحتمل أية اضطرابات جديدة، خاصة في ظل اعتماده شبه الكامل على عائدات النفط التي تشكل أكثر من 90% من صادرات البلاد".
وتطرّق رشيد إلى نقطة بالغة الحساسية تتعلق بفرض رسوم جمركية تصل إلى 39 في المائة على صادرات عراقية لا تشمل ملف الطاقة، قائلاً إن "هذه الإجراءات مثيرة للقلق، حتى وإن كانت قيمة الصادرات غير النفطية متواضعة، لكنها تنذر بمنعطف خطر في التعامل الأمريكي مع شركائه الاقتصاديين".
واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن "الولايات المتحدة تسعى من خلال هذه الحرب التجارية إلى سحب الاستثمارات نحو السوق الأمريكية، عبر خلق بيئة عالمية غير مستقرة تدفع رؤوس الأموال للبحث عن الملاذ الآمن داخل الولايات المتحدة نفسها"، مضيفاً ان "الهدف الأبعد يبقى كبح جماح الصين التي باتت تتصدر المشهد الاقتصادي العالمي خلال العقد الأخير، وهي محاولة يائسة لمنع واشنطن من فقدان مركزها المتقدم".
ما حجم تأثيرها على الاقتصاد العالمي؟
الى ذلك، قال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي انه "من المتوقع أن يكون لهذه الرسوم الجديدة تأثير سلبي على التجارة والنمو الاقتصادي العالمي، ما سيؤثر بدوره على الطلب العالمي على النفط. وعليه، شهدت بالفعل أسعار النفط تراجعًا سريعًا بمقدار دولارين كرد فعل أولي على تلك الرسوم، ويُتوقع أن تزداد التأثيرات السلبية في الأيام المقبلة، حيث ستتضرر جميع الدول المصدرة للنفط، بما في ذلك العراق".
واضاف قائلا في حديث لـ "طريق الشعب"، ان هناك مخاوف من أن "المصارف الأمريكية قد تفرض رسومًا إضافية، على تحويلات العراق إلى البلدان الأخرى عند تسديد قيمة الاستيرادات عبر تحويل الدولار إلى عملات تلك الدول"، مشيراً الى انه من الممكن ان "تُفرض رسوم على عوائد استثمار الاحتياطيات الدولارية العراقية في الولايات المتحدة عند تحويلها إلى عملات أخرى، نظرًا لأن عوائد النفط العراقية مودعة في أميركا بموجب قرارات دولية وأميركية".
وحذر الخبير الاقتصادي من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب "ستؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي، حيث ستؤدي إلى تقليل الكفاءة الإنتاجية على مستوى العالم، ما سيؤثر سلبًا على سلاسل التوريد العالمية".
وأشار المرسومي في سياق حديثه إلى أن هذه الرسوم "قد تساهم في تفاقم الركود التضخمي، حيث ستعمل على زيادة الانكماش في الدول المصدرة المتأثرة، بينما ستؤدي إلى زيادة التضخم في الدول المستوردة التي تفرض هذه الرسوم".
وزاد بالقول ان هذه الرسوم قد "تساهم أيضًا في تأجيج الصراعات التجارية بين الدول، خاصة في أوقات النزاعات الدولية الكبرى. وهذا من شأنه أن يزيد من التوترات التجارية ويضر بالتجارة العالمية التي يقدر حجمها بـ 33 تريليون دولار، ما سيؤدي إلى تفاقم البطالة وفقدان الملايين من الوظائف في مختلف أنحاء العالم".