عقد حزب "أهالي الشرقاط" مؤتمره الثاني يوم الاثنين الموافق 6 كانون الثاني 2025، بحضور ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية من أهالي الشرقاط، بضمنهم عدد كبير من النساء، والأكاديميين والأدباء والشعراء والمثقفين، والعديد من شيوخ عشائر ووجهاء قضاء الشرقاط.
وشارك الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي مع وفد من رفاق الحزب بالقضاء، في المؤتمر الذي شهد القاء عدد من الكلمات لقادة حزب "أهالي الشرقاط"، أكدت على قيم الأمانة والنزاهة والوطنية والمدنية والديمقراطية، وعلى ضرورة مكافحة الفساد وظواهر شراء الأصوات وممارسات المال السياسي في الالتفاف على الإرادة الحرة للناخبين.
وفي كلمته في المؤتمر نقل الرفيق رائد فهمي تحيات الشيوعيين العراقيين إلى المؤتمرين، وأشاد فيها بجهود وتوجهات حزب "أهالي الشرقاط" السياسية والمبدئية وبدوره التوعوي في تنشيط المشاركة السياسية لأهالي الشرقاط. كما تطرق إلى الأوضاع الدقيقة في بلادنا وتحدياتها وما تتطلبه من إجراءات سياسية ذات طابع وطني وديمقراطي لتعزيز مبادئ المواطنة والمدنية والعدالة الاجتماعية.
وأعقب انتخاب الهيئة القيادية للحزب، مهرجان شعري احتفاءً بالمؤتمر وبذكرى تأسيس الجيش العراقي الباسل. هذا وتم انتخاب السيد فهد الدوخي رئيساً للحزب وجرجيس نور الدين نائباً له.
في تشرين الثاني من عام 2023 أصدرت المحكمة الاتحادية قرارا يلزم الحكومة بتقديم الحسابات الختامية مع كل موازنة ترسل الى البرلمان، أي بعد 6 أشهر من تصويت البرلمان على الموازنة الثلاثية، إلا ان الحكومة وعلى الرغم من ارسال جداول الموازنة وانتظار ارسال جداول السنة الأخيرة 2025، لم تنفذ حتى الآن ذلك الالتزام، الذي وضعه القضاء امامها، لتضاف هذه السنوات الى سنوات ماضية لم تنجز فيها الحسابات الختامية حتى اليوم، بحسب عضو في اللجنة القانونية في مجلس النواب.
مفارقات التجربة العراقية
عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، النائب محمد عنوز، قال لـ"طريق الشعب" انه "منذ سنوات لم تقدم الحسابات الختامية مع اي موازنة جديدة، وبالتالي فالأمر ليس جديدا"، مشيرا إلى ان "حسابات أعوام 2012 و2015، وما قبلها وما بعدها موجودة في ديوان الرقابة المالية، ولم يجر تدقيقها حتى الآن".
وأضاف، ان هناك تأخرا مستمرا في هذا الملف، الذي يعتبر واحدا من مفارقات التجربة العراقية.
وعن سبب عدم تقديم الحسابات الختامية إلى مجلس النواب، أوضح عنوز ان "الحكومة مشكلة من قبل الاغلبية في مجلس النواب، وهذه الاغلبية هي من يفترض ان تحاسب الحكومة او تغيرها، وبالتالي هنالك توافقات ضمن نهج المحاصصة، هذا النهج القاتل بالنسبة للتجربة السياسية في العراق. ولذلك نجد الكثير من القضايا الدستورية لا يؤخذ بها، وهناك مبادئ وقواعد قانونية مجمدة بغض النظر عنها، وهذا هو الحال منذ الدورة الاولى لمجلس النواب والى هذا اليوم".
من يتخذ القرار؟
وأضاف، ان "المحكمة ألزمت الحكومة.. فهل هناك اعتقال وسجن وغرامة بحقهم، بالطبع لا يوجد، وعلى مجلس النواب ان يتخذ موقفا، بينما المجلس بأغلبيته هو من شكّل هذه الحكومة.. فمن يتخذ القرار؟". ولفت النائب عنوز الى ان "المحكمة الاتحادية ليس لديها حيلة سوى هذا القرار، ويجب ان تكون هناك رقابة شعبية، والرقابة الشعبية توجه وتدفع الى عدم التصويت في الانتخابات لهذه الجهات، وهذا يحتاج الى وعي واستعداد ومعرفة بالأسباب بشكل واسع".
تحركات مؤقتة
المحامي زهير ضياء الدين، الذي كسب الدعوى أمام المحكمة الاتحادية، التي رفعها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، بإلزام الحكومة على تقديم الحسابات الختامية مع موازنة كل عام، تحدث لـ"طريق الشعب" عن تداعيات هذا الامر بعد مرور سنة وأكثر، مشيرا الى ان "الالزام الذي صدر عن المحكمة الاتحادية يضع الحكومة امام مسؤولية انجاز الحسابات الختامية، وحتى من دون قرار المحكمة الاتحادية يجب على الحكومة والبرلمان انجاز الحسابات الختامية".
ولفت ضياء الدين الى أن "وزارة المالية وبعد صدور قرار المحكمة الاتحادية عملت على تفعيل الموضوع وخاطبت جميع الوزارات لتقديم حساباتها الختامية. وهذا التحرك لم يدُم طويلا، واقتصر على فترة معينة، ومن ثم جرى تجاهله من جديد".
مسؤولية الحكومة والبرلمان
وتابع محامي الدعوى، ان "الدولة ومؤسساتها ملزمة بتقديم الحسابات الختامية للسنة السابقة مع كل موازنة ترسل الى مجلس النواب، لغرض تدقيقها ومعرفة تفاصيلها لغرض تشخيص الخلل ومعرفة وجه القصور، لكن هذا الموضوع مهمل بشكل كبير ومنذ سنوات".
ونوه الى ان "المحكمة الاتحادية أكملت دورها وحسمت موضوع إلزام الحكومة بتقديم الحسابات الختامية، وهي لا تمتلك صلاحيات تنفيذية لقراراتها، والمسؤولية الآن لدى البرلمان والحكومة للالتزام بقرارات المحكمة والمواد الدستورية لتقديم الحسابات الختامية".
الشيوعي العراقي كسب الدعوى
وكان الحزب الشيوعي العراقي قد أعلن في تشرين الثاني من عام 2023 عن كسب حكم قضائي عن المحكمة الاتحادية يتعلق بإلزام مجلس الوزراء بتقديم "الحسابات الختامية" للموازنة الاتحادية إلى البرلمان في موعدها المقرر، فيما أعلنت وزارة المالية إنجازها الحسابات الختامية للأعوام 2017 - 2019، وهو "إنجاز غير مسبوق" بحسب بيان للوزارة في حينها، بالنظر للتأخير المتواصل في إنجاز هذا النوع من الحسابات الدستورية الملزمة التي جرت العادة على تأخر إنجازها في جميع الدورات الوزارية.
وقال الحزب الشيوعي في بيانه، إن "المحكمة الاتحادية العليا ألزمت كلاً من مجلس الوزراء ووزير المالية بتقديم الحسابات الختامية تنفيذاً للدستور العراقي، بناءً على الدعوى التي أقامها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، بعد خوضه الكثير من جولات المرافعات القضائية لحسم هذا الملف".
ونقل البيان عن محامي الدعوى زهير ضياء الدين قوله إن المحكمة أصدرت قراراً، "قضت بموجبه بإلزام كل من مجلس الوزراء ووزير المالية بتقديم الحسابات الختامية تنفيذا لنص المادة (62 / أولاً) من الدستور التي نصت على أن (يقدم مجلس الوزراء قانون الموازنة العامة والحساب الختامي إلى مجلس النواب لإقراره)، عملا بأحكام المادة 34 من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019".
تواجه المواقع الأثرية في العراق تحدياً كبيراً يتمثل في غياب الخدمات الأساسية التي من شأنها أن تجعلها أكثر جذباً للسياح. ورغم غنى العراق بتراث تاريخي هائل، فإن العديد من هذه المواقع تفتقر إلى البنية التحتية الضرورية مثل الطرق المعبدة والمرافق الصحية وأماكن الإقامة. هذا النقص في الخدمات يجعل من الصعب على الزوار الاستمتاع بتجربتهم، ويحد من إمكانيات استثمار هذه المواقع كمصادر اقتصادية وسياحية، رغم قيمتها التاريخية العظيمة.
جمال العراق الحضاري
تحدث السائح الاجنبي سامويل بروساليس لمراسل "طريق الشعب"، عن زيارته للعراق وتجربته التي وصفها بالفريدة من نوعها. وقال سامويل: "ما لفت انتباهي أكثر شيء هو ودّ الناس واستقبالهم، والاحترام الذي يُظهره الأجانب لثقافاتهم وأديانهم. لقد لمست مستوى ثقافياً عالياً لدى الجامعيين العراقيين، مما يعكس عمق الحضارة العراقية وثراءها".
وتطرق بروساليس إلى جمال العراق التاريخي، مشيراً إلى زيارته للعديد من المواقع الأثرية المهمة في بلاد ما بين النهرين، ومنها بغداد، كربلاء، بابل، الناصرية، أربيل، والموصل. وقال: "التواجد في بلاد ما بين النهرين ورؤية الزقورات المذهلة كان تجربة استثنائية. هذه المعالم تأخذك إلى عصور تاريخية عظيمة وتشهد على إسهامات العراق في بناء الحضارة الإنسانية".
لكن بروساليس لم يُخفِ شعوره بالأسف لما لاحظه من إهمال يطال بعض الآثار العراقية التي تحمل قيمة تاريخية عظيمة، موضحا انه "بالرغم من روعة الزقورات والمواقع الأثرية، لا يمكن إنكار أن هذه الكنوز التاريخية تستحق اهتماماً أكبر ورعاية أكثر من أجل الحفاظ عليها للأجيال القادمة. إنها ليست مجرد مواقع محلية، بل إرث إنساني عالمي يجب أن يُصان".
وأعرب بروساليس عن أمله في أن تبذل جهود أكبر للحفاظ على هذا التراث الثقافي، مشيراً إلى أنه يشعر بمسؤولية جماعية للحفاظ على هذه الكنوز التاريخية التي تجسد الحضارة الإنسانية، حيث تنعدم الخدمات في تلك المواقع. واختتم قائلاً: "العراق ترك لديّ ذكريات لا تُنسى. أحب أن أعود إلى هذا البلد العظيم، فهو يملك شعباً دافئاً وآثاراً تحكي قصصاً خالدة. ولكنني أتمنى أن أرى تلك المعالم وقد نالت العناية التي تستحقها".
١٨ ألف موقع أثري
يقول حميد محسن، الخبير في مجال الآثار والتراث، أن العراق يملك ما يقارب 18 ألف موقع أثري، إلا أن ما تم اكتشافه من هذه المواقع لا يتجاوز 15 في المائة. ورغم هذه الثروة الأثرية الهائلة، يعاني القطاع الأثري من إهمال شديد، حيث يفتقر إلى الفرص التنموية والدعم الكافي. وقال محسن لـ "طريق الشعب"، أن "المواقع الأثرية العراقية، رغم غناها وتنوعها، تتعرض لإهمال لافت خاصة في بغداد والمحافظات الأخرى، مما يحرم البلاد من الاستفادة من هذه الكنوز التاريخية كمصادر اقتصادية وسياحية". وأضاف أن "التجاوزات العمرانية على المواقع الأثرية تمثل تهديدًا خطيرًا لهذه المواقع، حيث يتم بناء مشاريع سكنية ومرافق أخرى قد تؤثر على هذه المواد التاريخية".
كما ذكر أن مواقع مثل طاق كسرى في المدائن تُعاني من إهمال واضح، حيث لا تحظى الطرق المؤدية إليها بالعناية اللازمة، بالإضافة إلى تدهور بعض المناطق الأثرية الأخرى مثل باب الوسطاني وعكركوف التي لم تشهد أي تطوير أو صيانة، لافتا الى الإهمال الذي تتعرض له زقورة اور، حيث أكد أن "الزقورة بالرغم من كونها معلما تاريخيا يجذب السياح من جميع انحاء العالم، الا ان الخدمات تنعدم فيها بشكل كامل".
وفي سياق حديثه عن الأبعاد الاقتصادية لهذه المواقع، شدد محسن على أن "استثمار هذه المواقع الأثرية يمكن أن يكون خطوة هامة في تعزيز السياحة المحلية". وأكد أن "تحسين استغلال هذه المواقع سيسهم في دعم الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص عمل جديدة، ما يساعد في تقليل معدلات البطالة".
ونوه محسن بأهمية استثمار المواقع الأثرية في المناطق النائية، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلق فرص اقتصادية لسكان تلك المناطق، ما يعزز من استقرارهم ويخلق بيئة اقتصادية نشطة تدعم القطاع السياحي والأنشطة المرتبطة به، مثل الفنادق والمطاعم.
وتطرق محسن أيضًا إلى التحديات التي تواجه الآثار في العراق، وعلى رأسها سرقة وتخريب هذه الكنوز التاريخية. وكشف عن وجود مافيات تهريب الآثار التي تستهدف المواقع العراقية، مشيرًا إلى أن أكثر من 150 ألف تل أثري في العراق تفتقر إلى الرقابة، ما يجعلها عرضة للنهب والتخريب.
وتابع محسن في حديثه أيضًا أن غياب الخدمات الأساسية في المواقع الأثرية يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه هذا القطاع في العراق. فالمواقع التي يمكن أن تكون وجهات سياحية مهمة تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لاستقبال الزوار، مثل الطرق المعبدة، والمرافق الصحية، وأماكن الإقامة والمطاعم. هذا الإهمال في توفير الخدمات يعيق جذب السياح المحليين والدوليين، وبالتالي يحد من فرص استثمار هذه المواقع كمصادر اقتصادية. وفي ختام حديثه، حذّر محسن من أن "الإهمال الحكومي المستمر للمواقع الأثرية، سواء من خلال نقص الدعم أو عدم تخصيص الموارد اللازمة للحفاظ عليها، يهدد بفقدان جزء كبير من التراث الثقافي العراقي، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة للحفاظ على هذه المواقع قبل فوات الأوان".
التغير المناخي
يقول مدير مفتشية الآثار والتراث في محافظة الأنبار، عمار علي، أن "التغيرات المناخية والعوامل الجوية لها تأثيرات كبيرة على المواقع الأثرية"، مشيراً إلى أن "هذه التأثيرات تمتد لتشمل التفاعلات الكيميائية وتحلل العناصر التي تتكون منها الآثار".
وقال علي لـ "طريق الشعب"، أن "المواقع الأثرية تتأثر بالظروف الجوية مثل الأمطار والرياح والرطوبة والأملاح، خصوصاً إذا كانت هذه المواقع مكشوفة كالأبنية الشاخصة أو الأسوار. الجو الصحراوي والغبار لهما تأثير كبير، خاصة إذا كان الغبار يحمل نسبة من الأملاح التي تؤثر على الأجزاء الخارجية للموقع".
وأضاف، ان "الرطوبة والمياه الجوفية تلعبان دوراً كبيراً في تحلل الأحجار ومواد البناء المستخدمة في المواقع الأثرية، مثل الطوب اللبن والجص والنورة. هذه العوامل تؤدي إلى تدهور حالة المواقع، ما يستدعي تدخلات متواصلة للصيانة والترميم من قبل الهيئة العامة للآثار".
وفي ما يتعلق بمحافظة الأنبار، أوضح عمار علي أن "المحافظة تضم مئات المواقع الأثرية، وقد تم اكتشاف مواقع جديدة مؤخراً، حيث تجاوز عددها 500 موقع موثق ومثبت لدى الهيئة العامة للآثار"، لكنه أشار إلى أن "خطط الحفاظ على هذه المواقع تعاني من ضعف الإمكانيات وقلة التخصيصات المالية، ما يجعل الجهود المبذولة حالياً "فقيرة" مقارنة بحجم التحديات".
واختتم حديثه قائلاً: "برغم هذه التحديات، نحن مستمرون بالعمل على صيانة وترميم المواقع الأثرية، خصوصاً تلك المتأثرة بالتغيرات المناخية، خوفاً عليها من الاندثار أو الانهيار. نسعى بكل إمكانياتنا المتوفرة للحفاظ على هذا الإرث التاريخي الذي يمثل جزءاً مهماً من هوية العراق".
لا يوجد اهمال!
أحمد المختار، مدير قسم الإعلام في الهيئة العامة للآثار والتراث، أكد أن "الاهتمام بالمواقع الأثرية في العراق شهد تحسناً ملحوظاً في الفترة الأخيرة بظل جهود الحكومة الحالية".
وأضاف المختار، انه "لا يوجد إهمال في الوقت الحالي. تم ترميم العديد من المواقع الأثرية وإعادة تأهيلها"، عازيا الإهمال الموجود الى الظروف التي مرت بها البلاد والحكومات المتعاقبة سابقاً على هذا القطاع، الامر الذي يتطلب تخصيصات مالية وكوادر مدربة".
وأشار الى وجود "بعثات تنقيبية عادت للعمل، كما تم تأهيل العديد من المواقع وتسييجها."
وأشار المختار إلى الاهتمام الخاص بمواقع أثرية بارزة مثل زقورة أور، موضحاً ان "الزقورة تحظى باهتمام كبير جداً، وهناك بعثات تنقيبيه تعمل عليها. كما أن عدداً من المواقع في بغداد، الموصل، الناصرية، وبابل قد تمت إعادة تأهيلها وأصبحت جاهزة لاستقبال الزوار."
وتابع ان "الوزير يشرف ويتابع بشكل مباشر جميع الجهود المتعلقة بترميم المواقع الأثرية. كما أن رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث، يتابع العمل يومياً لضمان تنفيذ الخطط."
واختتم المختار حديثه قائلاً: انه "رغم قلة التخصيصات المالية، نحن نعمل بالتعاون مع الجهات الساندة على تحسين الوضع أكثر في المستقبل القريب".
دعت رئاسة مجلس النواب إلى عقد جلسة استثنائية، اليوم الأحد، للتصويت على تمديد عمل مفوضية الانتخابات، للمرة الثالثة، كي تتجنب المفوضية الدخول في فراغ قانوني، لكن واقع الحال يقول إن الكتل السياسية تحاول الإبقاء على صفقة المحاصصة في مجلس المفوضين الحالي، وتجنب صراعا جديدا عليه، في ظلّ اقتراب موعد انتخابات الدورة البرلمانية السادسة، في تشرين الأول من العام الجاري.
ودخل مجلس النواب في عطلة الفصل التشريعي بعد أن مدده لمدة 30 يوماً استناداً للمادة 58 من الدستور العراقي، وبالتالي انتهت تلك المدة، وأصبح وجوباً الدخول في العطلة من 9 كانون الأول إلى 9 كانون الثاني الجاري.
معارضة في اللجنة القانونية
ويرفض عضو في اللجنة القانونية النيابية، فكرة تمديد مدة عمل مجلس المفوضين، لمدة سنة واحدة.
ويقول النائب محمد عنوز: "أنا لست مع ان يمدد عمر المفوضية لمدة سنة لأنه قد لا تتم العملية الانتخابية في نفس الوقت لأسباب كثيرة منها موضوع قانون الانتخابات قد يذهب الى التعديل، وهذا جزء من الصراع، وقد يأخذ وقتا طويلا".
ويضيف، ان "التمديد هو مجرد مقترح وبالتالي يفترض ان يعرض أمام اللجنة القانونية، لغرض إعداد صيغته النهائية، وتقديمه للقراءة الأولى ثم القراءة الثانية، وثم التصويت عليه وفقا للنظام الداخلي".
وينبه عنوز إلى ان "فكرة التمديد ترتبط بالتوافقات السياسية وقاعدة المحاصصة بين الأطراف السياسية، فهذه الطريقة هي التي قسمت ظهر البلد ودمرت العملية السياسية، وأبعدت ثقة المواطن بالعملية، لأنها قائمة ليس على مبدأ المواطنة والكفاءة والنزاهة".
وبحسب قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (31) لسنة 2019، فإنها هيئة مهنية مستقلة ومحايدة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري وتخضع لرقابة مجلس النواب.
وفقا للقانون، تتألف المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من مجلس المفوضين، والإدارة الانتخابية، فيما يتكون مجلس المفوضين من تسعة أعضاء وعلى النحو الآتي: خمسة من قضاة الصنف الأول يختارهم مجلس القضاء الأعلى من بين مجموعة المرشحين مع مراعاة العدالة بين المناطق الاستئنافية.
حاجة ضرورية
وبخلاف ما ذهب اليه عنوز، فان زميله في اللجنة ذاتها النائب عارف الحمامي، يقول ان "الجلسة الاستثنائية ستكون مخصصة للبت في مسألة تمديد عمل مجلس المفوضين المنتهية ولايته، سيما وان صلاحياته القانونية قد انتهت أيضاً، وبالتالي يجب ان يكون هناك تمديد لكي تتخذ الهيئة القرارات والإجراءات التي تخص الانتخابات، خصوصاً أنها باتت قريبة وتحتاج لإجراءات فنية ومالية".
وأضاف الحمامي في حديث مع "طريق الشعب"، أنّ هذه "الإجراءات تتطلب غطاءً قانونياً، نأمل ان يتم التصويت على تمديد عمر مجلس المفوضين".
وتابع في حديثه، أنّ "مسألة تغيير القانون، تتعلق بالدرجة الأساس بالقوى السياسية لا الحكومة، وليس من اختصاصها بل تعتمد على اتفاق الكتل السياسية".
وبيّن أنّه عندما تتبنى كتلة سياسية موضوع التغيير، لا بدّ أن تقنع الكتل الأخرى التي تؤيد هذا التوجه أو ذاك، للحصول على العدد الكاف لتمرير هذا القانون داخل مجلس النواب.
ثلاثة خيارات
الخبير الانتخابي، دريد توفيق أشار إلى انه تم تمديد مجلس المفوضين في انتخابات مجالس المحافظات، ومن بعدها في انتخابات إقليم كردستان، وفي وقت لاحق سنحتاج إلى تمديد ثالث لإتمام الانتخابات النيابية في تشرين الأول 2025.
وقال توفيق لـ"طريق الشعب"، ان هناك ثلاثة خيارات محتملة: إما ان يتم التمديد للمجلس الحالي أو إعادة النظر بالقانون كله وتعديله، او يتم تبديل المجلس وفق القانون النافذ حالياً"، مشددا على ضرورة حسم هذا الإشكال القانوني والإداري "لأننا في بداية سنة جديدة، ويحتاج المجلس إلى تخصيص مالي للعملية الانتخابية، ورسم جدول زمني للعمليات الانتخابية: سجل ناخبين، تحديث الأجهزة، تسجيل المرشحين، والكثير من التفاصيل التي تحتاج إلى غطاء مالي".
وتابع قائلاً إنه "من جانب اخر فإن عمل الهيئة من شمال العراق وحتى جنوبه، لديها 1079 مركز تسجيل، وفيها موظفون وصل تعدادهم إلى 4 آلاف موظف، ما بين عقد وملاك دائم، وهؤلاء الموظفون لديهم حقوق والتزامات يجب إيفاؤها، وبشكل أوضح فإن الوضع لا يتحمل، ويجب حسمه بأسرع وقت".
وتناول في سياق حديثه مسألة تعديل قانون المفوضية، قائلا ان هناك احتمالين: الأول، ان يتم تعديله بحيث نرجع الى الخبراء بدل القضاة، او يكون هناك دمج ما بين القضاة والخبراء الفنيين، مردفاً "لكن السؤال المهم، اذا تم اختيار مرشحين آخرين غير القضاة، فمن الذي سوف يقوم بعملية الاختيار؟ وما هي المعايير لاختيارهم؟".
وأعرب توفيق عن مخاوفه من ان تكون مسألة اختيار الخبراء الفنيين مناطة بمجلس النواب، لأنه بالنتيجة ستتم العملية وفق مزاج النائب، والكتل النيابية، التي تنفذ رغبات وتوجهات زعمائها.
ولحسم هذا الملف بصورة مناسبة، يعتقد المتحدث أن "من الأفضل ان يكون هناك تعديل لقانون الانتخابات، وتعديل المادة 25 التي تحدثت عن إعفاء بعض الموظفين من رؤساء أقسام وغيرهم من مناصبهم، وان يتم اختيار المفوضية من القضاة والخبراء الفنيين؛ فالقضاة يعطون قوة عالية للقرار وأيضا يتم دعمهم من الفنيين الذي يمتلكون خبرة فنية".
محاصصة وهيمنة حزبية
وعن تقييم عمل المفوضية الحالية، قال المختص بالشأن الانتخابي علاء الصفار، ان هناك ضعفا ملحوظا في اداء المفوضين عموما، نظراً لعدم التخصص وضعف الكفاءة نتيجة المحاصصة المقيتة، مشيرا إلى أن "المهمة الأساسية المكلفين بها من قبل أحزابهم لا تنسجم مع مهام المنصب الحساس، وتأتي على حساب إرادة الشعب".
وأضاف في حديث مع "طريق الشعب"، أنّ هناك ضعفاً في الجانب الإعلامي للمفوضية أيضاً، في ما يخص أهمية المشاركة والنظام الانتخابي المعمول به وضرورة التحديث البايومتري وغير ذلك.
وانتقد الصفار، "إغلاق معهد التثقيف الانتخابي، الذي كان يتولى مسؤولية تدريب الكيانات السياسية وخاصة الأحزاب حديثة التسجيل، لأسباب نجهلها".
وتابع قائلاً، أنّ "الإدارة الانتخابية ما زالت تناط بمسؤولية أشخاص تابعين لأحزاب متنفذة، وبالتالي فإننا نحتاج إلى زج ممثل واحد أو أكثر عن هيئة النزاهة، وممثل متخصص بالإحصاءات عن وزارة التخطيط، وعدم الاعتماد على القضاة لوحدهم".
واتهم الكتل المتنفذة بـ"تحجيم دور المفوضين" عبر طرق ووسائل عديدة من بيها عدم التواصل مع الجمهور في البرامج الحوارية لإيضاح الكثير من الأسئلة المتعلقة بمراحل العملية الانتخابية والآليات المعتمدة لتنفيذها.
وخلص الى القول: ان "المحاصصة وانتفاع القوى المتنفذة هي السبب الرئيس في عدم حسم ملف مجلس المفوضية بشكل مستمر"، مؤكداً ان "الحاجة باتت ضرورية لتغيير مجلس المفوضية، وإبعاد نهج المحاصصة وتأثير المتنفذين، والاستعانة بالتخصص والخبرة في اختيار المفوضين".
يبدو أن الحكومة الحالية التي بدأ أنصارها يحشّدون لموسم الانتخابات المقبلة، قد استسلمت لرهان قوى المحاصصة التي وقفت بالضد من التعديل الوزاري، الذي تعهّد السيد رئيس مجلس الوزراء بإجرائه بعد سنة من تشكيل حكومته، الى جانب الكثير من الملفات التي تصدرت منهاجه الوزاري، لكنها لم تغادرْه إلى أرض الواقع، إنما بقيت حبيسة الاستهلاك الإعلامي.
ولقرابة 22 عاما، ظل العراقيون يأملون في إصلاحات حقيقية تقترب من تطلعاتهم إلى الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على نظام مؤسساتي وقانوني، يسعى لتحقيق العيش الكريم لجميع أبناء البلد. لكن النهج المحاصصاتي لم ينتج سوى حكومات عاجزة عن تحقيق ذلك، مستسلمة للولاءات الحزبية والمصالح الضيقة، ورغبات الأقلية المتنفذة، تاركة العراقيين يتقلبون من أزمة الى أزمة.
عرقلة مقصودة
وفي مقابلة متلفزة، أذاعتها قناة العراقية، الخميس الماضي، تطرق رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني الى ملف التعديل الوزاري، مؤكدا وجود عرقلة مقصودة لإجرائه.
وقال إن لديه "تقييمات، ونتائجها توصلت الى ان هناك حاجة الى تعديل وزاري يشمل 4ـ 6 وزارات"، مشيرا إلى ان تأخر التعديل "ليس له علاقة بعامل الوقت؛ فبعض القوى السياسية ارتأت ان يكون التعديل الوزاري شكليا لوزارتين او ثلاث، لكنني رفضت".
وأضاف انه فاتح القوى السياسية بشأن تلك التعديلات، لكنه واجه "مشكلتين، حيث كان يفترض اجراء التعديلات قبل فترة ولكن شغور منصب رئيس مجلس النواب حال دون ذلك. بينما الكتل السياسية تتعامل بمزاجية مع ملف تغيير الوزراء، وبعض الكتل قدمت مرشحين، ولكن مواصفاتهم اقل بكثير من الوزير المراد تغييره".
واشار الى انه "في ظل غياب التوافق مع القوى السياسية، لا يمكنني الذهاب الى البرلمان وطلب تغيير بعض الوزراء".
أسباب الإخفاق
وفي هذا الشأن، قال الأكاديمي، د. مجاشع التميمي ان "حديث رئيس الوزراء عن الحاجة إلى إجراء هذه التعديلات، وتأكيده على وجود عراقيل تمنع هذا الإجراء، يعني انه ما يزال يواجه ضغوطا كبيرة ولا يتمتع بأي حرية كما ادعت القوى السياسية وقت تشكيل الحكومة عام 2022".
وأضاف التميمي في حديث مع "طريق الشعب"، أن "المحاصصة ـ كما كان متوقعاً ـ قيدت رئيس الوزراء كثيراً، ولم تسهل مطلقا اي جهود في تقديم الخدمات وتحقيق البرنامج الحكومي، وهذه هي أبرز اسباب الاخفاق في تنفيذ المنهاج الحكومي".
وتابع قائلا: ان "الشعور بالإحباط، قد يكون هو الذي دفع السوداني للحديث بهذه الصراحة في الاعلام عن القيود التي وضعتها القوى السياسية في موضوع التعديل الوزاري الذي وعد به منذ 2023".
ولفت الى ان "اغلب الوزراء كانوا دون مستوى الطموح واغلبهم لا يملكون الخبرة في الإدارة خاصة في هذه الظروف، التي على أساسها سميت حكومة الخدمات، بل ان بعضهم لا يصلح لإدارة قسم، وليس وزارة".
واكد التميمي ان هناك "حاجة لإجراء تعديلات وزارية، لان اغلبهم ليس بمستوى المسؤولية، وحتى نتائج تقييم اللجنة التي شكلها السوداني، أظهرت انهم غير قادرين على ترجمة البرنامج الحكومي على ارض الواقع، كما يفترض ان تكون التعديلات وفق تقييمات ورؤية رئيس الحكومة، لا مزاج القوى السياسية".
نتائج المحاصصة
وضمن السياق، قال رئيس مركز بغداد للدراسات، د. مناف الموسوي ان "هذا الاخفاق هو نتيجة طبيعية حينما تتشكل الحكومة على اساس المحاصصة، والواقع يقول ان رئيس الوزراء غير قادر على الاقدام على تغيير وزاري، فهؤلاء الوزراء حصة القوى السياسية التي شكلت الحكومة"، مؤكدا ان "الحديث عن اي تعديل وزاري أصبح بلا قيمة او معنى، فهذا التغيير حتى لو تم فلن يسهم بتحسين الأداء الضعيف للحكومة الحالية، التي لم يتبق من عمرها سوى 10 أشهر".
ولفت في حديثه مع "طريق الشعب"، الى ان "رئيس الحكومة لا يمكنه اتخاذ قرار بهذا الشأن دون العودة الى القوى التي شكلت حكومته، والتي بطبيعة الحال لم تسمح"، مبينا ان "المحاصصة السياسية والطائفية هي أخطر ممارسة تنتجها القوى المتنفذة، حيث ان الوزراء عادة ما يعملون لمصلحة الحزب او الزعيم السياسي، على حساب مصالح الشعب والدولة".
وتابع الموسوي: ان "رغبة إجراء تعديلات وزارية، تدلل على ان هناك خللا وسوء ادارة واشكالا لدى الحكومة"، مبينا ان "اغلب الوزارات لم تنفذ المنهاج الوزاري. بمعنى ان هناك اخفاقا في الكثير من القطاعات مثل الصحة والتعليم الى جانب بقية القطاعات الاخرى". وخلص الى القول ان هذا الإخفاق الحكومي يأتي في الاصرار على نهج المحاصصة، وغياب المعارضة الحقيقية والرقابة الفاعلة لمجلس النواب في متابعة تنفيذ البرنامج الحكومي".
مزاج القوى المتنفذة
من جهته، قال الصحفي والناشط المدني رحيم الشمري انه "لا قيمة لأي إجراءات حكومية في تقييم الأداء، كون الحكومة تشكلت بشكل توافقي على اساس محاصصاتي، ورفضت القوى المتنفذة التوجه نحو التعديل الوزاري منذ العام 2023".
وأضاف الشمري في حديث مع "طريق الشعب"، ان "الحديث عن إجراء تعديل وزاري او استبدال وزير مجرد أضغاث أحلام، إذ لا يمكن حتى استبدال مدير عام وليس وزيرا، لان مجلس الوزراء مجرد موظفين عند رؤساء الأحزاب الحاكمة والمتحكمة بصناعة القرار، فهم يقررون كيف تسير الأمور".
ولخص المشهد بأن "الانتخابات البرلمانية صارت قريبة، وعمر الحكومة الحالية قصير جدا، بينما انتصرت المحاصصة وتغلغل الفساد أكثر في دوائر الدولة، وانشغلت الأحزاب المتنفذة بالصفقات والمكاسب والامتيازات، بينما يحمل العراقيون آمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم، التي لم تجد اهتماما وتعاطيا جادا معها من قبل تلك القوى".
وكانت اللجنة القانونية في مجلس النواب، قد اكدت أن البرلمان سيركز خلال الفصل التشريعي المقبل على استجواب الوزراء بدلاً من النظر في التعديل الوزاري.
وقال عضو اللجنة القانونية، محمد الخفاجي، ان "هناك استجوابات مهنية ستتم خلال الفصل التشريعي المقبل، وهي تمثل إحدى أهم أدوات البرلمان الرقابية".
وأضاف أن "اللجنة طالبت أكثر من مرة بعدم عرقلة الاستجوابات، إذ يوجد أكثر من ملف استجواب مكتمل ومدقق، ولكنه متوقف على موافقة رئاسة المجلس".
وأضاف، "نأمل تحريك هذا الموضوع في الجلسات المقبلة، خلال الفصل التشريعي المقبل، إذ إن استجواب الجهات التنفيذية يعد أحد أهم أدوار البرلمان. وفي حال أيدت هيئة الرئاسة هذا الأمر، فإن المجلس سيكون قادرًا على استجواب المسؤولين الحكوميين".