رغم إعلان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن انخفاض نسبة الفقر في الديوانية، لا تزال المحافظة تعاني من أزمات خدمية واقتصادية عميقة، تجعل هذه الأرقام موضع جدل بين ما هو مُعلن رسمياً وما يعيشه المواطن فعلياً. فالديوانية، التي تُعد ثالث أفقر محافظة في العراق بعد المثنى وبابل، ما تزال تواجه أزمات البطالة، تردي البنى التحتية، توقف المشاريع الحيوية، إضافة إلى تراجع القطاع الزراعي الذي يشكل عصب اقتصادها.
وبينما تؤكد الوزارة أن جهودها مستمرة بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية للتخفيف من الفقر، يشدد مراقبون ونشطاء محليون على أن الواقع على الأرض لم يتغير، وأن الحل يكمن في خطط استراتيجية ومشاريع تنموية حقيقية تعالج جذور المشكلة.
وتضم محافظة الديوانية 13 قضاءً و3 نواحٍ، أما الأقضية فهي الديوانية، الشافعية، السنية، الدغارة، سومر، الشامية، غمّاس، المهناوية، عفك، آل بدير، الحمزة الشرقي، الشنافية، والسدير، والنواحي هي الصلاحية، نفر، والبسامية.
وتعد الديوانية ثالث أفقر محافظة بعد المثنى (في المركز الأول) وبابل (في المركز الثاني) بنسبة فقر تصل إلى 29%، بحسب نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق التي تم إعلانها في شباط/ فبراير 2025.
يقول المتحدث باسم وزارة العمل، حسن خوام، أن وزارته "تبذل جهودا متواصلة لتقليل نسب الفقر في المحافظات العراقية، مشيرا إلى أن محافظة المثنى كانت على رأس أولوياتهم.
ويضيف خوام في تصريح لـ"طريق الشعب"، "نحاول قدر الإمكان، من خلال التعاون مع منظمات دولية ومحلية وإنسانية، وكذلك عبر برامج الحكومة العراقية ووزارة العمل، معالجة الفقر وتسجيل أفضل النتائج الممكنة".
ويشير الى أن "نسبة الفقر في محافظة الديوانية كانت سابقا تصل إلى 52 في المائة، وقد انخفضت حاليا إلى نحو 40 في المائة، مبينا أن "هذا الانخفاض ليس بالمستوى الطموح الذي تسعى إليه الوزارة، لكننا نحاول استغلال أي فرصة متاحة وفق الإمكانيات المتوفرة للوزارة، لتخفيض نسب الفقر في هذه المحافظة وغيرها من المحافظات".
تناقضات!
ويؤكد أمين محمد، اعلامي وناشط سياسي من ابناء المحافظة، أن المواطن الديواني لم يشعر بتحسن ملموس على الرغم من وعود الحكومة.
ويقول محمد في حديث لـ"طريق الشعب"، أن زيارة رئيس الوزراء إلى الديوانية، تضمنت وعوداً بتحويل المحافظة إلى واحدة من افضل المحافظات في القطاع الخدمي، إلا أن العديد من المشاريع، لم تنجز بعد حتى الان، وأصبحت تشكل عبئا ثقيلا على المواطن، لا سيما مشروع مجاري الديوانية الكبير، اضافة الى مشروع مدخل محافظة الديوانية من جهة النجف الأشرف، الذي أُحيلت ملفاته إلى هيئة النزاهة.
ويضيف أن هناك تراجعاً ملحوظاً في نسب الخدمات المقدمة مقارنة بالتقارير الحكومية، والصحفية الداعمة لعمل الحكومة، والتي تشير إلى تخصيصات ومشاريع عديدة، لكن بالواقع، لا شيء سوى التلكؤ.
ويشير الى ان غالبية مشاريع الماء والطرق والإعمار "متوقفة" برغم المبالغ المخصصة لها، بينما نفذت وزارة الاعمار والإسكان بعض المشاريع القليلة، التي لم تحدث فرقا ملحوظا في الواقع الخدمي، من بينها جسر الجمهورية الذي استمرت اعماله الانشائية لمدة 11 عاماً.
وينبه محمد الى ان معدلات البطالة والفقر في المحافظة "مرتفعة ومخيفة".
تحديات تساهم برفع نسب الفقر!
مصادر محلية، أكدت أن المحافظة تعاني من فقر مزمن نتيجة غياب المشاريع الاقتصادية الكبرى.
وقالت المصادر لـ"طريق الشعب"، إن الديوانية من المحافظات الفقيرة على مستوى العراق، نتيجة عدم وجود منافذ حدودية أو مشاريع بترودولار، بعكس بقية المحافظات الجنوبية.
وأضافت، أن القطاع الزراعي الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد المحافظة بنسبة تصل إلى 65 في المائة، يعاني هو الاخر من إهمال حكومي، كما تفتقر المحافظة الى خطط استراتيجية واضحة.
وتابعت ان "الديوانية بحاجة ماسة إلى اهتمام حكومي حقيقي، وتخصيص ميزانية طارئة لمعالجة المشاكل التي تعاني منها، مع وضع رؤية استراتيجية للتخفيف من نسب الفقر والبطالة في المحافظة"، مؤكدة ان معالجة هذه القضايا تتطلب جهودًا متواصلة من الحكومة المركزية، والعمل على توفير مشاريع تنموية تسهم في تحسين الواقع المعيشي والخدمي لسكان الديوانية.
شهدت مناطق مختلفة في البلاد، سلسلة من التحركات الاحتجاجية المطالبة بتحسين الخدمات الأساسية، وسط تهديدات بتصعيد المواقف إذا لم تستجب الجهات المعنية لمطالب المواطنين.
حراك قضاء الدير في البصرة
وطالب حراك قضاء الدير الشعبي في محافظة البصرة، الحكومتين المحلية والمركزية باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الإهمال المستمر في الخدمات، مؤكداً أن صبر أهالي القضاء والمناطق التابعة له قد نفد نتيجة التسويف المتعمد.
وجاء في بيان الحراك: "لن نصمت بعد اليوم، ولن نرضى بالوعود الكاذبة أو المساومات الرخيصة، لذلك نطالب الحكومة بالكشف فوراً عن خريطة حقيقية تبين نطاق الكارثة ومناطق التعرض".
وأضاف البيان مطالب أخرى تتعلق بـ"اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لحماية المياه والبيئة وسبل عيش الأهالي"، و"تقديم جداول زمنية واضحة وملزمة لتنفيذ الحلول بمراقبة شعبية ومؤسساتية مستقلة".
وحذر الحراك من أن الشارع سيكون صوتهم في حال لم تتحقق المطالب، مؤكداً أن أي تقصير سيواجه بتصعيد مناسب لحجم المعاناة التي تعرض لها المواطنون.
طلبة الطب يحتجون في بغداد
وفي العاصمة بغداد، نظم عدد من طلبة الطب العراقيين الدارسين في الخارج، وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي رفضاً للتعديلات الأخيرة في تعليمات معادلة الشهادات.
وأوضح المشاركون في الاحتجاج، أن القرارات السابقة كانت تمنح الطلبة أصحاب المعدلات 90 فما فوق إمكانية فتح ملف وإضافة 5 درجات إلى معدلهم، مع إلغاء شرط النجاح بعد عام واحد من الدراسة، فيما قررت الوزارة لاحقاً الاكتفاء بمنح 3 درجات فقط مع اشتراط معدل 95 فما فوق، ما اعتبروه "قراراً مجحفاً وظالماً".
وقال الطالب نهاد سمير: "أكملت 3 سنوات من الدراسة ولا أعلم مصيري الآن، وقد صرفت أموالاً كثيرة وأضعت جزءاً من حياتي بسبب هذا القرار". وأضافت الطالبة مريم جليل أن التغييرات أثرت سلبياً على الطلبة وعوائلهم مادياً ومعنوياً، خاصة الذين درسوا في ظروف صعبة في دول مثل إيران. من جهته، اعتبر خليل فليح، ولي أمر أحد الطلبة، أن هذه القرارات تمثل "كارثة حقيقية ومظلومية" بحق الطلبة العراقيين.
أصحاب المولدات يهددون بالإضراب
وفي منطقة الكيلاني ببغداد، تظاهر أصحاب المولدات الأهلية احتجاجاً على قلة حصة الوقود وتخفيض تسعيرة الأمبير، مطالبين الجهات المعنية بزيادة حصة الكاز ومراجعة التسعيرة.
وأكد المحتجون أنهم سيمنحون الجهات المختصة مهلة محددة قبل اتخاذ قرار الإضراب وإيقاف تشغيل المولدات، مشيرين إلى أن الوضع الحالي يضعهم في مواجهة مباشرة مع شكاوى الأهالي بسبب شح الوقود وارتفاع الأسعار في السوق.
وتعكس هذه الاحتجاجات الشعبية المستمرة غياب الاستجابة السريعة للمطالب الأساسية في العراق، سواء المتعلقة بالمياه والبيئة، أو التعليم، أو الكهرباء، وهو ما دفع المواطنين والطلبة والمواطنين العاملين في قطاع الطاقة إلى النزول إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم الأساسية، مؤكدين استعدادهم لتصعيد تحركاتهم في حال استمرار تجاهل السلطات.
شهدت عدة محافظات، خلال الأيام القليلة الماضية، سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية، تعكس حجم الإحباط والغضب الاجتماعي لدى المواطنين والمجموعات المختلفة، على خلفية القضايا التعليمية، الاقتصادية، والبنى التحتية، بالإضافة إلى ملفات سيادة البلاد والقوانين المحلية.
اتفاقية خور عبد الله
ونظم العشرات من الناشطين والأهالي في مدينة الكوت تظاهرة ليلية انطلقت من ساحة تموز وجابت شوارع المدينة الرئيسية، للمطالبة بإلغاء اتفاقية خور عبد الله وإيداع قرار المحكمة الاتحادية لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وأكد المتظاهرون استعدادهم للتصعيد حتى تحقيق مطالبهم.
وقال فالح الموسوي، أحد منظمي التظاهرة، أن هذه الاحتجاجات تهدف إلى دفاع عن سيادة البلاد وإعادة الحقوق المسلوبة، بينما حذر المتظاهرون من استمرار التسويف الذي يشمل ملفات أخرى مثل تظاهرات الخريجين والتحقيق في حريق الهايبر ماركت.
اتحاد المقاولين يشكو التهميش
من جهته، شكا رئيس اتحاد مقاولي البصرة حسين المالكي من "الظلم والتهميش" الذي يواجه مئات الشركات المحلية بسبب احتكار العقود لشركات محدودة، وتعطيل قرارات مجلس الوزراء.
وقال المالكي خلال مؤتمر صحفي في مقر الاتحاد: إن "مئات الشركات البصرية حُرمت من فرص العمل لسنوات طويلة، بينما تمنح المشاريع لشركات محدودة، مع تمييز واضح وعدم شفافية في توزيع المشاريع، فضلاً عن تعطيل قرارات مجلس الوزراء التي يفترض أن تُنصف الجميع".
وأضاف أن "الوعود التي أطلقها محافظ البصرة بإشراك الشركات المحلية لم تتحول إلى واقع، وبقيت نفس الشركات السابقة هي المستفيد الوحيد بينما ظلت مئات الشركات الأخرى مهمشة".
وطالب المالكي بـ"كسر الاحتكار وتحقيق العدالة في توزيع المشاريع، والالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الوزراء ووزارة التخطيط، وفتح حوار مباشر وشفاف مع محافظ البصرة لإيجاد حلول عاجلة"، مؤكداً أن "إنصاف الشركات البصرية هو حق أصيل وضمانة لتنمية حقيقية، وعند عدم تحقيق هذه المطالب سيتم اتخاذ خطوات تصعيدية ومفاجئة تسبق المظاهرات والاعتصامات".
احتجاج في "الشهداء والأسرى"
وناشد أهالي وشيوخ ومثقفو حي الشهداء وحي الأسرى الحكومة المحلية وشركة النرجس المنفذة لمشروع البنى التحتية بعدم تهميش منطقتيهم مقارنة ببقية مناطق البصرة.
وأكد الأهالي أن الشركة لم تباشر العمل في المنطقتين رغم المطالبات المتكررة، ورفضوا الأعذار المتعلقة بوجود تجاوزات أو غياب الموافقات، وطالبوا بالإسراع في تنفيذ المشروع لإنهاء معاناتهم المستمرة.
احتجاج على تردي المياه في النجف
وخرج عشرات المواطنين من النساء والرجال في تظاهرة أمام مجسرات ثورة العشرين احتجاجاً على تردي نوعية المياه التي تصل إلى منازلهم، والتي وصفوها بأنها ذات رائحة كريهة ولون مائل للاخضرار، مؤكدين أنها تهدد صحتهم وصحة أطفالهم، محذرين من مخاطر انتشار بكتيريا خطيرة تسبب التهابات وأمراضاً حتى مع الاستخدام اليومي.
وطالبت المتظاهرة سهاد سالم، الحكومة المحلية والوزارات المعنية بالإسراع في معالجة الأزمة عبر تركيب منظومات وفلاتر تمنع دخول الملوثات، قائلة: "الماء الذي يصلنا ملوث فلا نستطيع أن نغسل به ولا أن نشرب منه، أبسط الحقوق تُسلب منا، أخرجونا من هذه المعاناة وأعطونا حقوقنا التي نستحقها".
خريجو جامعة كرميان
ويواصل خريجو جامعة كرميان في قضاء خانقين اعتصامهم المفتوح منذ 16 يوماً، احتجاجاً على عدم الاعتراف بشهاداتهم من قبل الحكومة الاتحادية نتيجة الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل، ما انعكس سلباً على مستقبلهم الأكاديمي والمهني.
وقال منسق الاعتصامات رازان ماجد، إن "الخريجين يعانون من غياب الإنصاف مقارنة بزملائهم في جامعات الوسط والجنوب وحتى جامعات إقليم كوردستان، حيث رُفض الاعتراف بشهاداتهم الصادرة من الكليات التابعة للجامعة، رغم أن الجامعة معترف بها على مستوى حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية".
وأضاف أن "الأسباب وراء عدم الاعتراف قد تكون سياسية بالدرجة الأولى، وجزءاً من تداعيات الخلافات المستمرة بين بغداد وأربيل، وهو ما انعكس سلباً على مستقبل الخريجين، حيث لم تشمل أكثر من 7 آلاف درجة وظيفية خُصصت لمحافظة ديالى أي خريج من جامعة كرميان، فضلاً عن حرمانهم من التعيينات الخاصة بالأوائل في العراق وكوردستان".
وأشار ماجد إلى أن "المعتصمين نصبوا الخيام منذ أكثر من أسبوعين وواصلوا إضرابهم عن الطعام دون أي استجابة فعلية من الجهات الرسمية، على الرغم من زيارات وفود حزبية وحكومية"، مؤكداً أن "الاعتصام سيستمر وقد يتجه إلى مراحل تصعيدية إذا لم يتم إيجاد حل عادل ينصف أكثر من 17 ألف خريج".
من جانبه، قال الناشط المدني علي صوفي إن "هذه الاحتجاجات يجب أن تكون درساً لجميع القيادات السياسية والحكومية في حكومتي الإقليم وبغداد بأن الشعب لن يسكت بعد الآن عن المطالبة بحقوقه المسلوبة". وأضاف أن "المحتجين لن يستقبلوا بعد الآن أي مسؤول يأتي إلى خيام الاعتصام ليتظاهر بدعم القضية، بل يريدون دعماً حقيقياً يتمثل بالذهاب إلى بغداد وأربيل والعمل على إنصاف حقوق الخريجين".
وتكشف أزمة خريجي جامعة كرميان جانباً من التحديات المتراكمة التي يواجهها قطاع التعليم العالي في العراق، حيث تتحول الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل إلى عقبة مباشرة أمام مستقبل آلاف الطلبة. ويؤكد مراقبون أن استمرار تجاهل مطالب الخريجين قد يوسع فجوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات الرسمية، ويحوّل الاحتجاجات الطلابية إلى سابقة ضاغطة.
احتجاج في كركوك
الى ذلك، تظاهر العشرات من أهالي ناحية تازة خورماتو وقرية بشير جنوبي كركوك، احتجاجاً على قرار نقل عدد من أفراد الشرطة المحلية إلى تشكيل جديد ضمن قيادة شرطة المحافظة.
وقال أحمد أصغر جواد، منسق التظاهرة، إن "الأهالي نظموا وقفة احتجاجية سلمية قرب مركز شرطة ناحية تازة للتعبير عن رفضهم لإجراءات نقل المنتسبين"، مشيراً إلى أن "قوات الشرطة المحلية في تازة وبشير لعبت دوراً محورياً في تعزيز الأمن وحماية الأهالي منذ سنوات، وأي تغيير في مواقعهم قد يترك فراغاً أمنياً يهدد استقرار المنطقة".
من جانبه، قال أحد المتظاهرين ويدعى (أبو علي التازلي)، إن "أكثر من 50 منتسباً من قصبة بشير وشرطة تازة جرى نقلهم إلى قوة جديدة مشكلة داخل قيادة شرطة كركوك تحت اسم قوة فرض القانون"، مطالباً بوقف القرار والإبقاء على عناصر الشرطة في مناطقهم لخدمة الأهالي وحمايتهم.
ويخشى سكان المنطقة أن يؤدي هذا الإجراء إلى إضعاف المنظومة الأمنية المحلية التي طالما اعتمدت على معرفة عناصر الشرطة بطبيعة المنطقة والعشائر والعلاقات الاجتماعية، وهو ما ساهم في تقليص المخاطر الأمنية ومنع تكرار الخروقات خلال السنوات الماضية.
وتعكس الاحتجاجات والتظاهرات في البلاد، تنامي الإحباط الاجتماعي والغضب الشعبي بسبب الإهمال الحكومي، سواء في مجالات التعليم العالي، المشاريع الاقتصادية، البنى التحتية، أو السيادة الوطنية. كما أن استمرار تجاهل مطالب المواطنين قد يؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات وتحويلها إلى ضغوط سياسية واجتماعية مباشرة على الحكومة المحلية والمركزية، في وقت يطالب فيه المتظاهرون بخطوات عملية وحقيقية بدل التصريحات والشعارات الإعلامية.
خرجت تظاهرات واسعة في ثلاث محافظات هي البصرة والمثنى وبابل، خلال اليومين الماضيين، طالبت بتوفير العمل وتقديم الخدمات، وبمستحقات الفلاحين عن موسمهم الزراعي السابق.
وتشهد البلاد تظاهرات يومية، نتيجة غياب العدالة الاجتماعية والتسويف لمطالب المواطنين وعدم تقديم الخدمات المناسبة، وهذا يعود الى استمرار منظومة المحاصصة في تبني نهج المحاصصة والفساد كأسلوب وحيد في الحكم.
البصرة.. احتجاجات الخريجين تتواصل
وصعّد خريجو الاختصاصات النفطية من احتجاجاتهم، واقدموا على انزال راية شركة نفط البصرة واغلقوا جميع أبوابها، وذلك بعد سبعة أشهر من التظاهرات المتواصلة، مطالبين بتوفير فرص عمل دون تحقيق مطالبهم.
وقال ممثل التظاهرة حسن الشاوي، إن "المحتجين قرروا التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم، والمتمثلة بتوفير فرص تعيين ولو بصفة أجر يومي لهم ضمن الشركات الرابحة التابعة لوزارة النفط، فضلاً عن إلزام الشركات الأجنبية والمحلية العاملة في الحقول النفطية بتشغيل أبناء المحافظة حصراً أسوة بمحافظة ذي قار".
وطالب المتظاهرون بتفعيل مكاتب التشغيل الفرعية في الأقضية والنواحي "بعد حل المكتب المركزي، إذ تحولت هذه المكاتب إلى مجرد كرفانات بلا جدوى"، حسب العديد منهم.
فض الاحتجاج بالقوة
وفي وقت سابق، أقدمت القوات الأمنية على فض تظاهرة لعشرات العاطلين عن العمل أمام بوابة شركة مصافي الجنوب المطالبين بالتعيين في مشروع FCC.
وقال احد المتظاهرين أحمد شاكر، إن "القوة المكلفة بحماية التظاهرة جرى تغييرها، وبالتالي جرى هذا الاعتداء على المعتصمين بالقوة وفض تظاهرتهم"، مؤكداً انهم لم يشهدوا مثل ذلك من القوة المكلفة سابقاً. في إشارة الى ان موضوع فض الاعتداء قد تم تدبيره في وقت مسبق.
وأضاف شاكر أن "المتظاهرين يتظاهرون بشكل يومي أمام بوابة شركة المصافي في المحافظة، ويحاولون الضغط على المسؤولين من اجل الاستجابة لمطالبهم، لكنهم فوجئوا بتغيير القوة المكلفة بالحماية، والتي اعتدت عليهم، وأصيب بسبب ذلك عدد من المتظاهرين بضربات مباشرة".
السماوة تظاهرة ضد استثمار الأراضي
وعبّر عدد من أبناء عشيرة الشنابرة في السماوة، عن رفضهم لقرار تخصيص أرض تعود ملكيتها لهم، لصالح أحد مشاريع الاستثمار خلافاً للقانون، واحتشدوا امام هيئة استثمار المحافظة.
وأكد المتظاهرون، ان "ملكية الأرض تعود للعشيرة وهي مسجلة قانونيا"، مؤكدين أنهم لن يسمحوا بالتصرف بأملاكهم دون شرائها أو دفع تعويض لهم" حسب قولهم.
..وتظاهرة فلاحية اخرى
كما نظم عدد كبير من مزارعي محافظة المثنى، تظاهرة أمام سايلو السماوة، مطالبين بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة عن تسويق محصول الحنطة للموسم الزراعي الماضي.
وأكد الفلاحون المتظاهرون، أنهم تسلموا جزءا بسيطا من مستحقاتهم، وهي لا تكفي لتغطية احتياجاتهم الزراعية، وهذا ما يجعل موسهم الزراعي المقبل في خطر، مشيرين إلى أن "تأخر صرف المستحقات حتى الآن يعني انقطاع الدعم الحكومي للمزارعين بعكس التصريحات والوعود التي تصدر عن المسؤولين".
خريجو الحلة: نريد التعيين!
وشهدت مدينة الحلة، تظاهرة كبيرة لمئات الخريجين، طالبوا فيها بتوفير درجات وظيفية.
وأغلق المحتجون تقاطع الثورة وسط المدينة تعبيراً، ورفضوا التسويف المستمر لمطالبهم من قبل الحكومة المحلية والاتحادية.
وأكدوا استمرار حراكهم الاحتجاجي منذ عام ونصف العام، من دون استجابة لمطالبهم.
وقال المتظاهر أحمد حسين: استخدمنا كل الوسائل السلمية دون جدوى، ووافقنا على جميع الحلول الممكنة سواء بأجور رمزية أو عقود بأجر يومي، أو حتى كمحاضرين مجاناً لحين توفير التخصيصات، لكن لم يُستجب لنا.
فيما أكد المتظاهر ليث الحسيني، أن تظاهراتهم ستستمر: "اذا استمر التجاهل سوف نلجأ للتصعيد مجدداً".
تشكل البقع السوداء الناتجة عن مياه الصرف الصحي الراكد في محافظة ديالى، تهديداً بيئياً وإنسانياً متصاعداً، بعد أن أودت بمصرع طفلين في قرية السناجرة. هذه المستنقعات لا تقتصر خطورتها على غرق الأطفال، بل تُعد بيئة خصبة لتفشي الأمراض، ما يجعل التصدي لها ضرورة عاجلة، تتطلب تحركاً سريعاً من السلطات المحلية والمراكز الصحية، لحماية حياة المواطنين والبيئة على حد سواء.
خطر مضاعف
وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان، عن الحاجة الملحة لإنهاء ما وصفته بـ"البقع السوداء" لمياه الصرف الصحي في المحافظة، بعد حادث مأساوي أودى بحياة طفلين.
وقال مدير مكتب المفوضية في ديالى، صلاح مهدي، أن "الطفلين لقيا مصرعيهما إثر غرقهما في مستنقع لمياه الصرف الصحي بالقرب من قرية السناجرة في ناحية جباره شمال شرق ديالى"، مشيرا إلى أن الحادثة أثارت قلق الرأي العام وسلطت الضوء على المخاطر البيئية لهذه المستنقعات، والتي تزيد من احتمالية انتشار الأمراض، وتشكل خطراً على حياة الأطفال والمواطنين.
ودعا مهدي إلى اعتماد استراتيجية شاملة لمعالجة مستنقعات المياه الراكدة ومياه الصرف الصحي في جميع مناطق المحافظة، مؤكداً أن هذه الإجراءات العاجلة ضرورية لتفادي وقوع المزيد من الكوارث وخسارة الأرواح، مؤكدا أن مكافحة "البقع السوداء" ليست مجرد مسألة بيئية، بل قضية إنسانية عاجلة، تتطلب تنسيقاً بين السلطات المحلية والمراكز الصحية لضمان سلامة السكان، خصوصاً الأطفال.
التلوث مصدره المجاري
من جهته، ذكر مدير الموارد المائية في محافظة ديالى مهند علي، أن مياه الشرب المجهزة للمواطنين صالحة للاستخدام وخالية من الملوثات، نافياً ما أشيع مؤخراً حول وجود بقع داكنة تؤثر على نوعية المياه في نهر ديالى.
وقال علي لـ "طريق الشعب"، ان دائرته لم ترصد أية بقع داكنة في نهر ديالى أو في مجرى المياه التي تُستخدم للشرب، حيث تعمل جميع محطات الإسالة في المحافظة، والبالغ عددها أكثر من 200 محطة، بشكل طبيعي، وتضخ مياها صالحة للاستهلاك اليومي في جميع مناطق المحافظة.
وفيما يخص قضية تصريف المياه الثقيلة، أوضح علي أن المشكلة تكمن في قيام بعض شبكات الصرف الصحي بتصريف المياه إلى نهر ديالى من دون معالجة، مؤكداً "رفع أكثر من عشر دعاوى قضائية ضد دائرة مجاري ديالى، بسبب وجود مصبات لمياه المجاري، تُصرف بشكل مباشر في النهر، وهو ما يمثل التحدي الأكبر الذي نواجهه كمؤسسة معنية بالموارد المائية".
وأضاف أن "المديرية وجهت عدة مخاطبات رسمية للجهات المعنية لمعالجة هذه المشكلة"، مشدداً على أن "التلوث الظاهر في بعض المناطق يعود بالدرجة الأساس إلى مياه الصرف الصحي غير المعالجة، وليس إلى مياه الشرب المجهزة عبر محطات الإسالة".
المياه الراكدة مصنع للأمراض
فيما أعرب أحمد الزبيدي، ناشط بيئي من محافظة ديالى، عن قلقه الشديد إزاء انتشار "البقع السوداء" لمياه الصرف الصحي في المحافظة، مؤكداً أن الإهمال المستمر في التعامل مع هذه المستنقعات، أدى إلى تفاقم المخاطر البيئية والصحية.
وقال الزبيدي في حديث لـ "طريق الشعب"، إن "هذه البقع ليست مجرد مياه راكدة، بل مصانع للأمراض ومهدد دائم لحياة الأطفال والمواطنين. حادثة وفاة الطفلين دليل صارخ على فداحة الإهمال"، مضيفا أن "المشكلة تكمن في غياب الرقابة الصارمة على شبكات الصرف الصحي وتصريف المياه دون معالجة. إذا استمر هذا الوضع، فإننا سنشهد المزيد من الفواجع البيئية والإنسانية".
ودعا الزبيدي الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة لإزالة مستنقعات مياه الصرف ومعالجة البقع السوداء في كل أنحاء المحافظة، مشدداً على أن حماية البيئة هي في الوقت نفسه حماية لحياة الناس وحقهم في العيش بسلام وأمان.
من منبع عذوبة الى مكب نفايات
أما الباحث والناشط البيئي فلاح الأميري، من شبكة البصرة لحماية وتحسين البيئة، فقد شكا من تدهور حالة نهر ديالى، مؤكداً أن هذا النهر الذي كان في السابق من أشهر الأنهار العذبة والجميلة في العراق، أصبح اليوم يعاني من مستويات عالية من التلوث، تهدد الزراعة والمجتمعات المحلية والصحة العامة.
وقال الأميري لـ"طريق الشعب"، ان النهر كان سابقاً يغذي المناطق على طرفيه بمياه الري والشرب والاستخدامات اليومية، إلا أن ما نراه اليوم يختلف تماماً عن تاريخه. أصبح النهر الآن بؤرة للتلوث ومكباً للنفايات بمختلف أنواعها، بما في ذلك المياه الثقيلة للمجاري.
وأضاف أن التوسع العمراني وتحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية زاد من معدلات التلوث، مضيفاً ان "من الأخطار المهمة لتلوث مياه نهر ديالى تأثيره السلبي على الزراعة، وتحول المناطق المحاذية للنهر إلى أراض جرداء، بالإضافة إلى تغير أنواع النباتات وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض عند استخدام مياه النهر للشرب أو الري، حتى أصبح النهر لا يصلح لأي استخدام تقريباً.
وأوضح الأميري، أن هذا الوضع يعكس تجاهل ملف إدارة المياه في العراق، مشيراً إلى أن العالم كله يعاني من شح المياه، والعراق متأثر بشكل كبير بالتغير المناخي "ومع ذلك، ما زلنا نهمل موضوع إدارة المياه والحفاظ عليها في ظل شحها".
ولفت إلى أن "الاعتقاد السائد بأن مياه نهري دجلة والفرات في الجنوب هي الأكثر تلوثاً لم يعد صحيحاً بعد مشاهدة الوضع في نهر ديالى، الذي يعد من أهم الأنهار في البلاد، لكنه اليوم الأكثر تلوثاً". وأكد "ضرورة تبني سياسات جديدة وحديثة لإدارة المياه والمحافظة على الكميات المتوفرة".
ودعا أصحاب القرار إلى التعامل مع هذه المسألة بجدية لحماية ما تبقى من الموارد المائية.