تمكّن جهاز الأمن الوطني، أمس الأربعاء، من تفكيك إحدى أخطر شبكات تجارة المخدرات في بغداد، إثر اعتقاله تسعة من أعضاء العصابة، وكشفه المخزن الرئيسي للمواد المخدرة شرقي العاصمة وضبطه كميات كبيرة من المخدرات داخله: ثلاثة كيلوغرامات ونصف من مادة الماريغوانا، و220 علبة بلاستيكية تحتوي على مادة الكوكايين، و458 قطعة من مخدر LSD، مخبّأة في منزل أحد المتهمين.
ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية، ما زالت تجارة وتعاطي المخدرات ينتشران كالنار في الهشيم داخل المجتمع العراقي. والأدهى من ذلك هو بيعها وإدخالها إلى مراكز التأهيل والسجون، حسب تصريحات صادرة عن مديرية مكافحة المخدرات.
ووفقًا لتصريحات مسؤولين ونواب، فإن بعض هذه المخدرات تدخل إلى العراق عبر المنافذ الرسمية، وهو ما يمثّل كارثة حقيقية.
لكن المشكلة في هذا الملف هي أن ضبط مثل هذه الكميات لم يؤدِّ إلى تراجع ظاهرة التعاطي، بل وتشير التقارير والمعلومات إلى اتساع نطاقها وتداولها بأساليب وطرق جديدة، بينها الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإيصالها إلى المنازل بواسطة خدمة التوصيل (الدليفري)، بل وحتى نشر مروّجيها في التقاطعات!
فمن الذي يحمي هؤلاء القتلة، ويقدم لهم الدعم والاسناد؟!
حسب عضو لجنة التربية البرلمانية حيدر شمخي، يكمن أبرز مشاكل وزارة التربية في صراع الأحزاب داخلها. فالمحاصصة لم تعد تقتصر على المناصب العليا في الوزارة، بل صارت تشمل مناصب مديري المدارس، في إطار السعي لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية.
تصريحات النائب تعيد تسليط الضوء على الواقع المر: الوزارة الأهم، التي يُفترض أنها حجر الأساس لأيّ نهضة تعليمية وتنموية في البلاد، أصبحت رهينة بيد قوى المحاصصة، التي لا تتردد في التضحية بمصالح المواطنين لأجل ترسيخ نفوذها.
لقد جعلت سياسات هذه القوى من كل شيء غنيمة، وهي لن تتوقف عن الاستحواذ والتمدد ما دام الصمت سيد الموقف، وما دام هناك رضوخ لعبثها بمستقبل الأجيال.
إلى متى تبقى المدارس ميدانا لتقاسم النفوذ بين الأحزاب؟! هل بات مستقبل الطلبة مرهونًا باتفاقات سياسية ومساومات انتخابية؟! وزارة التربية لم تعد اذن تعاني من ضعف التخطيط فقط، بل غدت ميدانا لتقاسم الغنائم، وكأن التعليم رفاهية يمكن العبث بها!
جريمة بحق الأجيال القادمة هو الصمت على هذه المهزلة، وحريّ بالمجتمع أن يدرك أن استمرارالمحاصصة في التربية، يعني استمرار الانهيار المعرفي والعلمي لعقود قادمة.
اتّهم النائب ياسر الحسيني وزارة التجارة بالفشل في توفير سلة غذائية مناسبة للمواطنين، وأشار إلى أنه خلال زيارات لبعض المخازن، ظهر أن التلف أصاب مواد غذائية عديدة ، ورغم ذلك تُوزع على المواطنين. وأوضح الحسيني أن "هناك شركات منافسة تستطيع تقديم بضائع أفضل، لكنها تُمنع من دخول السوق العراقية بسبب اتفاقات سياسية تُبقي التعاقدات محصورة بجهات معينة، وهذا يعرقل تحسين جودة السلة الغذائية".
على صعيد آخر، طالب مدير بلدية الموصل عبد الستار الحبو بالتصدي لمحاولة وزارة التربية إنشاء مجمع سكني في غابات الموصل. ورغم نفي الوزارة ذلك، أكدت وثيقة صادرة عنها أن الوزير إبراهيم الجبوري اتخذ قرارا بإحالة الغابات إلى الاستثمار، ووجه محافظة نينوى باستكمال الموافقات الخاصة بذلك، قبل ان يتدخل رئيس مجلس الوزراء ويوجه بمنع إقامة أية منشأة سكنية داخل الغابات.
هذا وغيره يمر غالبا مرور الكرام، في تجاهل تام للمسؤولية والشفافية. وهو نتيجة لتكريس نهج المحاصصة الطائفية والقومية، التي يواصل أبطالها وروادها الدفاع عنها بكل ما أوتوا من قوة، في مسعىً لتعزيز مصالحهم الشخصية وملء جيوبهم وقاصاتهم على حساب مصالح المواطنين وحقوقهم.
منذ فترة غير قصيرة بدأ بعض الساسة يطرق أبواب الرياضة، تارةً بهدف استعادة الجماهيرية المفقودة، وتارةً أخرى للاستفادة من الأموال المخصصة لها من قبل الوزارات.
ومع أن الأندية الرياضية كانت منذ سنوات تخضع لسيطرة جهات متنفذة، إلا أن الأمر أخذ يظهرعلنا، ولم يعد السياسيون يخفون في أحاديثهم تدخلاتهم سواء في إدارة الأندية، أو في الضغط لضمان انتقال لاعب من نادٍ إلى آخر.
وهذا المشهد عكس ويعكس بوضوح، الخراب الذي طال الرياضة العراقية لعقود.
سيطرة الأحزاب المتنفذة على الأندية والاتحادات الرياضية ليست سوى مثال حيّ، على محاولة هذه القوى الهيمنة على كل مفاصل الدولة، وتسخيرها لخدمة أجنداتها، سواءً السياسية أو الاقتصادية أو غيرها، بهدف زيادة رصيدهم الانتخابي والمالي، من دون أي اعتبار لمصلحة هذا القطاع الحيوي.
ان استمرار هيمنة هذه القوى على قطاع الرياضة يعني استمرار تدهوره، ولن نعود نرى في مشهده سوى الصراعات و"المكافش" على المكاسب الشخصية.
فكم سيبقى العراقيون ينتظرون لحظة فارقة أخرى، تُكرر إنجاز البطل الراحل عبد الواحد عزيز، الذي أحرز الميدالية الأولمبية الوحيدة للعراق في عهد حكومة ثورة 14 تموز المجيدة.
قال النائب ثائر الجبوري انه بعد استطلاعات ميدانية للوقوف على خلفيات نفوق أعداد كبيرة من الجاموس والمواشي الاخرى في بغداد والمحافظات، وبضمنها الاستفسار من مربي الحيوانات، تبيّن أنّ استيراد الماشية في الأشهر الأخيرة هو السبب الرئيس وراء ظهور الحمى القلاعية. وحمّل الجبوري وزارة الزراعة ودائرة البيطرة المسؤولية المباشرة عن هذا الإخفاق، باعتبارهما الجهتين المعنيتين بفحص المواشي الداخلة إلى العراق، مشيراً إلى أنّ هذه المواشي دخلت البلاد بصورة عشوائية وبدون فحص.
كلام النائب هذا يفند ادعاءات المسؤولين في الوزارة عدم إصابة الحيوانات المستوردة بالامراض، ويكشف عن استهتار خطير بأرواح المواطنين وبالثروة الحيوانية. ويتضح في النهاية أنّ الحيوانات المستوردة هي السبب المباشر لتفشي المرض، فماذا عن آليات الرقابة وعن الإجراءات الوقائية؟
وأخيرا، وبعد تفشّي المرض وتكبّد مربّي الحيوانات خسائر فادحة، هرعت الحكومة لتشكيل لجنة تحقيق في الأسباب. ويبقى السؤال: هل ستلقى هذه اللجنة مصير سابقاتها، وتبقى نتائج تحقيقاتها حبيسة الأدراج دون إجراءات حقيقية؟ أم أننا سنشهد هذه المرة محاسبة فعلية ومصارحة للرأي العام؟
وكم يجدر بالحكومة التحلى بالشفافية، وكشف المسؤولين عن إدخال المواشي دون فحص، وعن المستفيد من الصفقات المشبوهة.