نستذكر اليوم، بفخر واعتزاز، الذكرى السابعة والسبعين لتأسيس اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، هذا الصرح الطلابي العريق الذي انبثق من رحم النضال الوطني خلال مؤتمر السباع الخالد عام 1948، حين اجتمع الطلبة الأوائل ليخطّوا، بإرادتهم الحرة ووعيهم المتقد، أولى صفحات الحركة الطلابية المستقلة في العراق. وفي هذه المناسبة المجيدة، نستحضر ذلك المشهد البطولي الذي سطّره عمال بغداد، وهم يتعاضدون مع الطلبة لحماية المؤتمر من محاولات فضّه وقمعه من قبل سلطات العهد الملكي، في واحدة من أروع صور التضامن بين الحركتين العمالية والطلابية في تاريخنا الحديث.
ونحن إذ نحيي هذه الذكرى، نؤكد تمسكنا الراسخ بالمبادئ التي تأسس عليها الاتحاد، ونجدد العهد بالسير على خطى روادنا الأوائل في الدفاع عن قضايا الوطن والطلبة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي نعدّها قضيتنا المبدئية.
إننا في اتحاد الطلبة العام نعلن تضامننا الكامل مع كفاح الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وندين بأشد العبارات جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في قطاع غزة، إلى جانب السياسات العنصرية والعدوانية التي ينتهجها الاحتلال في كامل الأراضي الفلسطينية.
وإذ ندعو القوى الطلابية الحيّة في العراق والمنطقة والعالم إلى رفع الصوت عاليًا نصرةً لفلسطين، ومقاطعة جميع أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي مع الكيان الصهيوني، نعبّر أيضًا عن تضامننا العميق مع نضالات الحركات الطلابية والشبابية العالمية، التي تواجه القمع والمنع والملاحقة على أيدي الأنظمة المطبّعة.
زميلاتنا وزملاؤنا…
تحلّ الذكرى، وواقعنا التربوي والتعليمي لا يزال يرزح تحت وطأة أزمات متراكمة من سنوات سابقة، وأخرى مستحدثة تتفاقم يومًا بعد آخر. وفي ظل هذا الواقع المأزوم، تواصل المنظومة الحاكمة مساعيها الحثيثة لتقويض أسس التعليم العام، بدءًا بمحاولات إسكات الصوت الطلابي الحر، من خلال فرض تعهّدات على الطلبة بعدم الخوض في القضايا السياسية داخل الحرم الجامعي، مرورًا بفرض نسق أيديولوجي واحد يعكس توجهات القوى المتنفذة.
وقد اتخذت هذه السياسات طابعًا قمعيًا، تجلّى في عدد من القرارات والإجراءات التي تستهدف التنوع الاجتماعي والثقافي، وتفتح في المقابل الأبواب أمام المكاتب الطلابية الحزبية لممارسة الطائفية والترويج للشخصيات السياسية المتنفذة، برعاية وموافقة بعض رئاسات الجامعات.
وفي هذا السياق، نُشير بشكل خاص إلى القرار الجائر بحظر نشاط اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق داخل الجامعات، وهو قرار سياسي بامتياز، لا يعكس سوى خشية السلطة من صوت الطلبة، ومحاولة لتفريغ الجامعات من أي تنظيم طلابي حقيقي يمثّل همومهم ويدافع عن حقوقهم.
ورغم هذا الحظر، فإن الاتحاد سيبقى حاضرًا بصوته ونضاله، وسيواصل أداء دوره الوطني والنقابي، مهما حاولوا منعه أو تهميشه.
كما نحذر من ممارسات خطيرة في الجامعات الأهلية، حيث يُبتزّ الطلبة من خلال تخفيضات مشروطة في الأقساط الدراسية مقابل الولاءات السياسية للأحزاب الحاكمة، ما يكرّس الزبائنية ويحوّل هذه الجامعات إلى أدوات بيد السلطة.
وتتزامن هذه السياسات مع تصاعد مظاهر الانهيار الأخلاقي في عدد من المؤسسات الأكاديمية، حيث تنتشر ظاهرة التحرش بالطالبات من قبل بعض الأساتذة، في ظل غياب الردع والمحاسبة، وتواطؤ إداري يهدد البيئة الجامعية وسلامة الطالبات.
وفي السياق ذاته، يبرز توجه خطير لإلغاء مجانية التعليم، عبر تشريع قانون التعليم الحكومي الخاص سيّئ الصيت، إلى جانب السعي لتعديل قانون التعليم الأهلي بما يمنح المستثمرين حرية التدخل في سير العملية التعليمية.
كما نشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الرسوم المفروضة على الطلبة في الجامعات الحكومية، في انتهاك صارخ لحق التعليم المجاني المكفول دستوريًا، وهو ما يثقل كاهل العوائل العراقية.
ولا تزال مناهجنا الدراسية بعيدة كل البعد عن مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي، فيما تتفاقم أزمة البنى التحتية في المدارس والجامعات، وتستمر معاناة الطلبة في الأقسام الداخلية بسبب انعدام الخدمات الأساسية.
ويُعاني القطاع التعليمي من عجز واضح في الكوادر الأكاديمية، ونقص حاد في المؤسسات التعليمية، خصوصًا في المناطق الطرفية، ما يشكّل عائقًا حقيقيًا أمام أي إصلاح تربوي جاد. وفي هذه المناسبة، نعبّر عن تضامننا الكامل مع حراك المعلمين ومطالبهم المشروعة في تحسين أوضاعهم المعيشية والاجتماعية، ونشدّد على ضرورة توفير الحماية القانونية لهم من الاعتداءات التي يتعرضون لها على يد الخارجين عن القانون. كما ندين بشدة القمع والاعتداء الذي طال حراكهم السلمي، ونعدّه انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير والتظاهر، وتعديًا على كرامة هذه الشريحة الأساسية في بناء مستقبل البلاد.
وعليه، فإننا في اتحاد الطلبة العام نطالب بما يلي:
فتح تحقيق عاجل في ملف انتهاك الحرم الجامعي وتوغّل الأحزاب المتنفذة فيه، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.
إلغاء قانون التعليم الحكومي الخاص، والتحقيق المهني في مصير أموال صندوق التعليم الموازي.
إطلاق حملة وطنية كبرى لبناء الجامعات والمدارس الحكومية، وتوزيعها العادل بين الأطراف ومراكز المدن.
مراجعة مدخلات القطاع التربوي ومخرجات التعليم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.
تخفيض أجور الدراسة المسائية والأهلية بما يتناسب مع دخل الفرد العراقي.
تحديث المناهج الدراسية بما يواكب التطورات العلمية والتكنولوجية.
تفعيل قانون حماية المعلم وصيانة كرامته من الاعتداءات.
مكافحة ظاهرة ابتزاز الطالبات، وفرض عقوبات صارمة بحق مرتكبي هذه الجرائم.
إطلاق الحريات الطلابية عبر تشريع قانون الاتحادات الطلابية.
إلغاء رسوم النقل والاستضافة بين الأقسام والجامعات، وتخفيض أجور النوادي الطلابية وإخضاعها للرقابة الصحية.
تطوير السكن الطلابي، وتقليص الإجراءات البوليسية فيه.
وضع ضوابط صارمة للتعليم الخصوصي تحد من انتشاره العشوائي.
زميلاتنا… زملاؤنا…
إننا إذ نهنئكم بعيد الطالب العراقي، ذكرى تأسيس اتحادكم العتيد، نجدد العهد على مواصلة النضال من أجل تعليم مجاني رصين، وحريات طلابية وأكاديمية حقيقية، ومناهضة كل أشكال التهميش والإقصاء لدور الطلبة في الحياة العامة.
ونستذكر بتقدير واعتزاز التضحيات الجسام لشهداء اتحادنا ومناضليه، الذين واجهوا أعتى الأنظمة الدكتاتورية، فكانت دماؤهم نبراس طريقنا في مواجهة منظومة المحاصصة والفساد.
كان الشعر الشعبي العراقي، وما زال صوتاً نابضاً للوجدان الشعبي، ووسيلة مؤثرة في التعبير عن قضايا الناس والهموم التي تثقل كاهلهم. ومن بين الشعراء الذين جعلوا من الكلمة سلاحاً نضالياً، الشاعر فالح حسون الدراجي، الذي اقترن إبداعه بقضايا الوطن وحريته والشعب وسعادته، وجعل من قصائده وأغانيه رسالة تنبض بأهداف الحزب الشيوعي العراقي والقيم التي يؤمن بها ويدافع عنها.
منذ سبعينيات القرن الماضي، استطاع الدراجي أن يصوغ كلماته بحرفية عالية ومشاعر صادقة، محولاً قصائده إلى أغنيات تتردد في ذاكرة العراقيين، تحمل رسائل الأمل والتحدي وتشحذ الهمم. وفي مناسبة الذكرى الـ91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، أجرت "طريق الشعب" حواراً مع الشاعر، للحديث عن تفاصيل الأغنية الأخيرة التي كتبها بمناسبة هذه الذكرى، وتعاونه مع الفنانة بيدر البصري، وتجربته الطويلة التي تمتد لأكثر من خمسين عاماً، وعن دور الشعر والفن في مسيرة الحزب والتحديات التي واجهها خلال مراحل مختلفة من تاريخ البلاد.
شهر الفرح والنضال
قال الدراجي إن آذار ليس مجرد شهر عادي، فهو يحمل معاني كثيرة تلامس الوجدان، إلى جانب كونه موعداً لعيد ميلاد الحزب الشيوعي العراقي، فهو شهرٌ يفيض بالجمال، يحمل معه الخضرة والمطر وأزهار الربيع، ويتكلل بمناسباتٍ عزيزة مثل عيد المرأة، وعيد نوروز، وأعياد أخرى، لكن ذروته تبقى في عيد الحزب الذي يختتم أيامه ويمنحه رمزية خاصة.
دور الشعر في التوعية بالقضايا الوطنية والتقدمية
ولدى سؤاله عن دور الشعر في إيصال الرسائل الوطنية والتقدمية، أجاب الدراجي "لقد كتبت نصوصاً كثيرة مستوحاة من روح الحزب، إذ بلغ عدد الأغاني التي كتبتها للحزب 61 أغنية. كانت البداية في عام 1973 بأغنية 'رسالة إلى فهد'، التي أداها المطرب الشعبي بشير الخزاعي، أحد أصدقاء الحزب، في حفل شبه علني أُقيم بمدينة الثورة قبل إعلان الجبهة بأربعة أشهر."
وأضاف "في تلك الفترة، كنت أشارك كريم العراقي ومجموعة من الرفاق والأصدقاء – ولم نكن أعضاء في الحزب بعد، بل اعضاءً في المنظمات الديمقراطية (اتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة) - في السفرات التي نُقيمها احتفالاً بعيد ميلاد الحزب، وكنا نعيد صياغة كلمات الأغاني المعروفة لتتناسب مع المناسبة وتعبّر عن روح الحزب وأفكاره."
ويتابع الشاعر الدراجي "أما أول أغنية رسمية كتبتها للحزب، فقد كانت قصيدة 'رسالة إلى فهد'، التي أصبحت نقطة انطلاق لمسيرتي في الكتابة الغنائية ذات الطابع الوطني والتقدمي. ومنذ ذلك الوقت، صرت أكتب أغنية في كل آذار، لتُقدّم بأصوات مختلفة وعلى مدار ظروف صعبة، خاصة في فترة الثمانينيات، حيث كان التعبير الفني عن الحزب ونضالاته محفوفاً بالمخاطر." ويشير الدراجي إلى أن عدداً من الفنانين الملتزمين غنوا كلماته، مثل فؤاد سالم، ومحمد عبد الجبار، وعدنان البريسم، ومالك محسن، وعمر سعد. وقال: "الأغنية، بالنسبة لي، وسيلة فعالة لنقل الرسائل الوطنية والتقدمية، لأنها تخاطب الوجدان وتصل إلى عقل وقلب المتلقي بأجنحة متعددة."
القصيدة الشعبية والحزب
ويتحدث الدراجي عن العلاقة الوثيقة بين القصيدة الشعبية العراقية والحزب الشيوعي العراقي، قائلاً: "القصيدة الشعبية العراقية ارتبطت تاريخياً باليسار، وما أن تُذكر القصيدة الشعبية حتى يُذكر الحزب الشيوعي العراقي، فهما قدّما دعماً متبادلاً ساهم في الارتقاء بالشعر والفن إلى مستويات عالية. لقد ساهم الحزب بنضالاته وجماهيره الواسعة في تعزيز مكانة الشعر والفن الوطني، بينما ساهم الشعر والفن في نشر رسائل الحزب وأفكاره التقدمية."
المشاعر والانتماء
وعن مشاعره يوم إنتمى للحزب يقول الدراجي "عندما أكتب أغنية للحزب، فإن مشاعري وانتمائي يتجسدان في الكلمات بشكل تلقائي. فأنا ابن هذه المسيرة، ابن الحزب الشيوعي. عائلتي ملتزمة بنهج الحزب، فقد كان شقيقي الشهيد خيون حسون الدراجي أحد شهداء الحزب المعروفين، وزوج أختي هو الرفيق حيدر الشيخ علي، وكذلك الشهيد خالد حمادي الذي كان أخاً لزوجتي."
وأضاف "في هذه البيئة صار انتمائي للحزب جزءاً من وعيي ولا وعيي، ومنظومة قيمي الأخلاقية التي لا تسمح لي بارتكاب أي خطأ يتعارض مع ما تربيت عليه من قيم شيوعية. هذا الانتماء ينعكس تلقائياً في كتاباتي، فأنا لا أحتاج إلى التفكير في ترجمة مشاعري تجاه الحزب، لأنها جزء من وجداني المتأصل."
أغنية ورد آذار وبيدر البصري
وعن أغنية "ورد آذار" الأخيرة، قال الدراجي "في هذه الأغنية، حاولت أن أنشر أجواء الفرح والبهجة التي كانت تسود احتفالات الحزب. استعدت ذكريات الاحتفالات في السبعينيات، مثل ذلك الحفل الذي أُقيم في بيتٍ قريب من السدة بمدينة الثورة عام 1972، حيث كانت الأمطار تتساقط وصورة فهد معلّقة عند الباب مع كلمات العهد (ع الباب صورة فهد.. وع الصورة خطّوا عهد.. ينهار حتى الجبل واحنه فلا ننهار)."
وأضاف "اخترت الفنانة الشابة بيدر البصري لأداء الأغنية، لأنها تمتلك ثقافة موسيقية غنية ورصينة، تجمع بين الموسيقى الشرقية التي ورثتها عن والدها الموسيقار حميد البصري، والموسيقى الغربية التي تعرّفت عليها في شبابها. صوتها يجمع بين أصالة أنوار عبد الوهاب البغدادية وحيوية سيتا هاكوبيان البصراوية، لكنها أيضاً تمتلك لونها الخاص الذي أضاف للأغنية بُعداً جديداً." ويتابع "تواصلت مع الملحن علي بدر، الذي أبدع في تلحين الأغنية، ثم اتصلت بأحد الرفاق في هولندا لترتيب التعاون مع بيدر، التي رحّبت بالفكرة بحماسة."
الفن كأداة للنضال
وعن دور الفن في النضال الوطني، قال الدراجي "الفن، وخاصة الأغنية، له دور كبير في النضال الوطني، ليس فقط من خلال التحفيز والتعبئة، بل أيضاً من خلال نشر الجمال والقيم الإنسانية. الحزب الشيوعي العراقي كان دائماً داعماً للفن الجاد، ولذلك نجد أن العديد من كبار الشعراء والفنانين في العراق والعالم كانوا يساريين أو شيوعيين، مثل مظفر النواب، وسعدي يوسف، وعبد الوهاب البياتي، وعريان السيد خلف، ومحمود درويش، وغيرهم."
وأضاف: "ولكن مع ذلك، لا يمكن للحزب أن ينهض بهذا الدور وحده، لأنه لا يملك الإمكانات التي تمتلكها الدولة. وهنا تأتي مسؤولية الدولة في دعم الأغنية الوطنية التقدمية التي تخدم القضايا العادلة، وتسهم في توعية المجتمع."
رسالة لجمهور الحزب
وفي ختام الحوار، وجه الدراجي رسالة إلى جمهور الحزب قائلاً "في ذكرى تأسيس الحزب الواحدة والتسعين، أقول لجمهور الحزب، إن المرحلة التي نمر بها صعبة للغاية، وتتطلب تضافر جهود الجميع لإنقاذ العراق مما يعانيه. لقد تخلّصنا من نظام فاشي جثم على صدورنا لعقود، لكننا اليوم بحاجة إلى تحويل هذا النصر إلى مكاسب لجميع الجماهير."
" إن جمهور الحزب هو الأقدر على التثقيف ومحو الأمية السياسية والفكرية، فالعراقيون وطنيون بطبيعتهم، لكنهم يعانون من التشويش. دورنا اليوم هو إزالة هذه الغشاوة عن أعينهم، والفن يمكن أن يكون أداة فعّالة في هذا الاتجاه." ويختتم الدراجي حديثه بالقول للفنانين التقدميين "لا تنتظروا توجيهات من الحزب لتقديم أغنية وطنية أو قصيدة ملتزمة. المبادرة مطلوبة، وأنا شخصياً مستعد لدعم أي مشروع يهدف إلى خدمة القضايا الوطنية والتقدمية."
في إطار الاحتفالات بالذكرى الـ91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، قدمت الفنانة بيدر البصري أغنية جديدة بعنوان "ورد آذار"، من كلمات الشاعر فالح حسون الدراجي وألحان الفنان علي بدر. الأغنية، التي تحمل روح النضال والفرح، جاءت كهدية مبدعين تعكس ارتباط الفن بقضايا الوطن والشعب. في هذا الحوار الخاص مع "طريق الشعب"، تكشف بيدر البصري تفاصيل تجربتها في تقديم هذه الأغنية، وتتحدث عن التحديات التي واجهتها، ودور الفن في تعزيز الوعي السياسي والوطني.
من أين جاءت الفكرة
ابتدأت الفنانة بيدر حديثها بالإشارة إلى اتصال الشاعر القدير فالح حسون الدراجي بها وطلبه أن يقدما معاً أغنية من كلماته وألحان علي بدر بمناسبة الذكرى الحادية والتسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي. وتضيف "كانت لديه أمنية أن تكون الأغنية 'فرحة للناس'، وأن تحفظ من قِبلهم ليتم ترديدها معي لاحقاً على المسرح. وبعد أن قرأت كلماتها واستمعت إلى اللحن، أعجبتني جداً، وتم التعاون فيما بيننا لاستكمالها وإخراجها بأبهى صورة."
البُعد النضالي في الأغنية
وعن كيفية تعاملها مع اللحن والكلمات التي تحمل معاني فكرية ونضالية، أوضحت بيدر:"أنا من أسرة مناضلة تحمل فكراً وطنياً طوال حياتها. روح النضال وحب الوطن والناس مزروع ومتأصل بداخلي. لهذا لم أجد صعوبة في غناء 'ورد آذار'، خصوصاً بعد أن أجاد المبدع علي بدر في تلحينها بطابع بسيط وجميل يدخل إلى قلوب الناس مباشرة."
وتتابع قائلة "أما الكلمات فهي لشاعر قدير يعرف جيداً كيف يجعل مفرداته تلامس قلوب المحبين. ولهذا أشعر بالفخر والسعادة الكبيرة بتجربتي الغنائية الأولى مع الشاعر القدير والمهم فالح حسون الدراجي. وهي بداية لأعمال مهمة قادمة."
وعن التحديات التي واجهتها أثناء تسجيل الأغنية، قالت بيدر: "الصعوبة تكمن في البُعد الجغرافي بين المغني والملحن والشاعر. نحن في ثلاث دول مختلفة. كان التحدي الأكبر هو إعطاء نفس الإحساس وكأن الكل بجانبي، وهذا أمر غاية في الصعوبة." وتضيف "كان التحدي الآخر هو إنهاء الأغنية في فترة زمنية قصيرة رغم انشغالاتنا. ولهذا أود أن أشكر صديقي المبدع 'آرت' لمساهمته في إنجاز الأغنية وتقديمها على شكل فيديو في موعد قياسي. لقد ارادها هو أيضاً هدية منه لهذه الاحتفالية. ونفذها خلال أيام قليلة."
وعن دور الأغنية في تعزيز الوعي السياسي والنضالي، قالت بيدر "تعلمت من والدي ووالدتي وفرقتهم الشهيرة 'فرقة الطريق العراقية' بأن صدى صوتهم أقوى من صوت المدافع، وبأن الكلمة أقوى من حمل السلاح. الأغنية الوطنية فعالة ولها تأثير في وجدان الشعوب، وتزدهر في الثورات والحروب."
وأكملت: "برأيي الشخصي، فإن الأغنيات الوطنية المهمة سوف تصل دائماً بكل سلاسة إلى الشعب وتبث فيه الحس الوطني عبر الأزمنة."
تأثير الأغنية السياسية والنضالية
وحول تأثير الأغنية السياسية والنضالية على الجيل الجديد، قالت بيدر: "الأجيال تنجذب إلى ما تحبه وما يؤثر بها ويعبر عن همومها. التميّز يكمن في أن نصنع أغنية بإمكانها أن تظل خالدة مع الأجيال. لذلك نجد بعض الأناشيد الوطنية والأغنيات يعاد استذكارها وترديدها بين آونة وأخرى."
وأضافت: "الجيل الحالي جيل ذكي، ويمكن التعويل على وعيه. أتمنى لو يعاد تقديم أغنيات ذات طابع سياسي واجتماعي وثوري، وعدم الاكتفاء بالأغنيات الوطنية التي تعتمد الرومانسية الثورية فقط. مثلاً، يحتاج العراق إلى إعادة مشروع لتقديم المونولوج بطريقة مبتكرة، وصياغة أغنيات يكتبها شعراء وملحنون واعون، ويربون الشباب عليها. الأغنية رسالة وطنية وليست وسيلة ترفيه فحسب."
مشاريع فنية أخرى
وعن مشاريعها الفنية الأخرى، قالت بيدر "منذ عام 1999، لم أتوقف عن تقديم الأغاني التي تخدم قضايا بلدي وقضايا الشعوب أجمع، سواء كانت وطنية أو اجتماعية أو سياسية. لقد قدمت أكثر من تسعين حفلاً يخص هذه القضايا في أوروبا، من ضمنها ثلاثة وثلاثين حفلاً للسلام الدولي."
وأضافت: "في نهاية هذا الشهر، لدي حفل للسلام في هولندا، سوف أغني فيه في ذكرى وفاة والدي أغنية من ألحانه وكلمات جاسم سيف الدين بعنوان 'طير الذهب'، تتحدث عن الحرب والسلام. سأغني مع أكثر من مئتي موسيقي ضمن أوركسترا وكورال هولندي ومن دول أخرى أيضاً."
رسالة إلى جمهور الحزب
وعن ما تعنيه لها أغنية "ورد آذار"، قالت بيدر: "أشعر بالسعادة الكبيرة بأداء هذه الأغنية، وأعتقد بأنها سوف تدخل إلى قلوب الناس الآن وستبقى لسنوات قادمة. وهي إضافة جميلة ومهمة لمسيرتي الفنية." وفي ختام الحوار، وجهت بيدر البصري رسالة إلى جمهور الحزب الشيوعي العراقي قائلة: "التهنئة للحزب بمناسبة ميلاده، والتهنئة لجماهيره وأهله وناسه. الأمنيات له بأن يأخذ دوره الكبير في خدمة المجتمع وقيادته، فهو العريق الذي جمع في مسيرته الحافلة أبرز نجوم الأدب والفن، وهو الذي طالما كان مع الناس والفقراء والمظلومين، ونادى بحقوقهم. مباركة ذكرى التأسيس وألف مباركة."
احتشد الشيوعيون وأنصارهم، يوم الخميس الماضي، في قاعة جمعية المهندسين ببغداد، لإحياء الذكرى العشرين للشهيد وضاح عبد الأمير حسن (سعدون)، بحضور عائلته والرفيق حميد مجيد موسى.
وبعد الوقوف للاستماع الى النشيد الوطني، قرأ الرفيق حسين النجار عضو المكتب السياسي للحزب، الذي أدار الحفل، نعي اللجنة المركزية للحزب الشهيد سعدون عام 2004، ثم طلب من الحضور الوقوف دقيقة حداد، استذكاراً للشهيد سعدون ورفاقه والى شهداء الحزب والوطن.
بعدها قرأ الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية كلمة الحزب، ثم تبعه الرفيق شاكر عبد جابر (أبو اكد) بقراءة كلمة رابطة الأنصار الشيوعيين.
كما قرأت الرفيقة دنيا رامز (ام كفاح) زوجة الشهيد سعدون كلمة العائلة في المناسبة (نص الكلمات منشور في هذه الصفحة).
وفي الفعالية، قرأ الشاعر فالح حسون الدراجي قصيدة بعنوان (يا سعدون) ثم قدم الفنانان علي خيون وعلي البابلي مقاطع من الأغاني في المناسبة، ليتبع ذلك الشاعر حمزة الحلفي الذي قرأ قصيدة أطربت الحضور، بعد ذلك عرضت “طريق الشعب” جزءا من فيلم وثائقي عن حياة واستشهاد الرفيق سعدون الذي سوف تنشره لاحقاً في موقعها ومنصات التواصل الاجتماعي.
العزيزة الرفيقة دينا زوجة الشهيد سعدون، العزيز كفاح ابن الشهيد سعدون والرفيق كفاح شقيق الشهيد.. الرفيق العزيز حميد مجيد موسى
الرفيقات والرفاق والأصدقاء الأعزاء... الحضور الكريم
يتعرض مناضلو الاحزاب الشيوعية في شتى بقاع الارض الى التضييق والمراقبة والقمع والتصفية الجسدية، بسبب سعيهم ونضالهم الدؤوب لتغيير المجتمع والانتقال به من حالة التخلف والركود الى التقدم وتحقيق ما تصبو اليه الجماهير الكادحة في العيش الرغيد والسلام والديمقراطية.
وفي سبيل هذه الاهداف النبيلة، يقدم الشيوعيون وسائر دعاة الحرية والعدالة الاجتماعية، تضحيات جّمة وغالية قلّ نظيرها، لقناعتهم الراسخة بعدالة قضيتهم، وشرعية كفاحهم ضد الجور والظلم والاستغلال الطبقي، دون ان تثنيهم السجون والمعتقلات والتعذيب، وكل أنواع الحرمانات، عن تصدر مسيرة الشعوب في نضالهم الجسور ضد الامبرياليين والرجعيين وكل أعداء الإنسانية، تتقدمهم مواكب الشهداء الذين ضحوا بحياتهم، التي لا أثمن ولا أغلى منها، غير المبادئ السامية التي تشرّبتها عقولهم المتفتحة، وأفئدتهم المترعة بحب الشعب والوطن، فحولتها الى قيم إنسانية رفيعة، والى إصرار وعناد ثوريين بوجه الاضطهاد والعسف والاستبداد، بأي ثوب تزيا، وبأي خطاب مزيف أعلن عن نفسه.
إنها البطولة بكل ما في الكلمة من معنى، وقد أبت الا ان تكون لصيقة بهم، فهم القدوة والنموذج والمثل الأعلى لكل من يعتز بآدميته، وبقدرته على الفكاك من أسر الذات والبحث عن الخلاص الفردي، رغم أكداس، الخراب والدمار والويلات التي تعصف بالجماهير الشعبية الغفيرة، وبكل من يناضل من أجل تحقيق أحلام الكادحين في الوطن الحر والشعب السعيد.
انهم الثوريون الحاملون بشرى الانتصار القادم لا محالة الى الشعب الذي ينظر اليهم بمنظار الأمل والتفاؤل لتحقيق أمانيهم وطموحاتهم المشروعة على أرض الواقع وليس في الخيال.
ان مواكب الشهداء الشيوعيين، وسائر القوى الوطنية والديمقراطية، لا تعد ولا تحصى، ولم تبخل الحكومات المتعاقبة وجلاوزتها بدءاً من حكومة نوري السعيد، مروراً بحكم الطاغية “صدام حسين” الى هذا الزمن الرديء الذي نعيشه الآن، وإرهابه المنفلت بإضافة أعداد وقوافل جديدة من هؤلاء الفدائيين.
اليوم نستذكر بمهابة وتقدير عال، واحداً من هؤلاء البواسل، هو الشهيد البطل “سعدون” الذي اغتاله البرابرة أيتام النظام السابق والظلاميون يوم 13/11/2004 مع الرفيقين نوزاد توفيق توفيق وحسيب مصطفى حسن، أثناء توجهه الى كردستان لزيارة عائلته، وهو استذكار واحتفاء بكل شهدائنا، وشهداء شعبنا وحركتنا الوطنية والديمقراطية.
لقد كان “سعدون” مثالاً للشيوعي المتفاني وللالتزام الحزبي بأعلى مستوى، حيث لا قضية لديه أهم وأغلى من مصلحة حزبه وشعبه، ودفاعه عن الفقراء والمحرومين.
كان يتابع كل شاردة وواردة، ويكرس جهوداً استثنائية لرعاية رفاقه وعوائلهم وتفقدهم ومتابعة أحوالهم، وبنكران ذات يقترب من التصوف. كما جعل العلاقة بالجماهير في صلب اهتمامه ونضاله.
كان يمتلك عقلاً موسوعياً، اشبه بالكومبيوتر، لا ينسى ولا يهمل شيئاً، ومهما كان صغيراً او لا يلفت النظر، واستطاع خلال مدة وجيزة، ان يطور إمكاناته وقدراته الفكرية والسياسية والتنظيمية بصورة تدعو الى الإعجاب والى ضرورة اتخاذها نموذجاً وقدوة لكل المناضلين من رفاقه وأصدقائه.
اما دوره وتفانيه في حركة الأنصار الشيوعيين، فالجميع يعرف انه كان من أفضل واشجع قادة البيشمركة والانصار، عسكرياً وإدارياً وجماهيرياً، وقد أحبه الناس لشجاعته، وبطولته، وذكائه ودفاعه المستميت عنهم، وتناقلوا اخباره، وأخبار المعارك التي قادها ضد الجحوش، ومرتزقة النظام الدكتاتوري. كما أحبه رفاقه وأصدقاؤه، وتعلقوا به دون استثناء، وكانت علاقاته حميمية مع الجميع. لقد ولد ليكون شيوعياً، وبفضل سماته السياسية والحزبية، وخصاله الشخصية والاجتماعية الرائعة، غدا محوراً اساسياً في عمل الحزب بكل تلاوينه وميادينه، فكان يوزع المهام على الرفاق كلاً حسب امكاناته وقدراته دون اثقال وارهاق. لذلك كانت مساهمته في قيادة الحزب متميزة. سُداها ولحمتها الكفاءة والنجاح والابداع رغم الظروف الصعبة والخطيرة في آن واحد. ولذلك أضحى هدفاً مطلوباً بإلحاح وبأي ثمن لكل المعادين للشيوعية والديمقراطية، وللشعب العراقي وكادحيه.
انه مفخرة من مفاخر حزبنا الشيوعي الكثيرة، وأيقونة نضاله التي لا يخبو ضياؤها وتأثيرها الايجابي الكبير مهما طال الزمن. وحرّي بنا استلهام كفاءته المتميزة ومواقفه المشرفة وبطولته في الدفاع عن الحزب، وتجسيده الحقيقي للقب الشيوعي، التزاماً وشجاعة وثباتا، وحباً للرفاق، وقدوة فائقة على اقتران الاقوال بالافعال، وهو أحد المعايير الاساسية للشيوعي بصرف النظر عن موقعه الحزبي وتاريخه النضالي.
مجداً خالداً لك رفيقنا أبا كفاح، ولكل شهداء حزبنا وشعبنا الابطال.
الخزي والعار الأبدي للقتلة المجرمين الذين حرموا الحزب من عطائك الفذ والثري جداً.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
14-11-2024
**********************************************
الأنصار الشيوعيون: كانت حياة سعدون سلسلة من المعارك و الاقتحامات
الرفيقات والرفاق الحضور الكريم
في ذكرى اليوم الحزين.. اليومَ الذي استشهد فيه، رفيقنا العزيز وضاح حسن عبد الامير (سعدون)، نلتقي في هذا المكان، لكي نستلهم العبر، ونستمد العزم، من مسيرة الكفاح العنيد والمتواصل في سبيل كرامة الشعب وازدهار الوطن.
لقد اقتفى الرفيق النصير(سعدون)، أثر الشيوعيين الأبطال من مؤسسي حزبنا، وقادته، وكوادره، وأعضائه. كما اقتفى أثر رفاقه الأنصار البواسل، الذين أعطوا بسخاء، وقدموا أرواحهم دفاعا عن حقوق شعبهم، ولم يترددوا أمام المهمات الصعبة والخطيرة، ولم يحنوا هاماتهم لحاكمٍ استبد بأرض العراق الحبيب.
لم يكُن طريق نضال الشيوعيين معبّدا، بل كان وعرا، وشاقا، ومعمدا بدمائهم الطاهرة في مختلف مراحل الكفاح، سواء كان ذلك أثناء العمل العلني، او خلال العمل السري، او في فترة الكفاح المسلح في جبال كردستان، فلم يتعب اصحاب المبادئ، ولم يصب الملل نفوسهم، ولم يجد اليأس طريقا إلى أرواحهم.
إنّ شهداءَنا، همُ، رموز هيبتنا، وعنوان فخرنا، وكتاب مجدنا، الذي نتباهى بصفحاته المضيئة في تاريخ حزبنا النضالي الطويل، وفي تاريخ نضال شعبنا الوطني. كما أنهم، دليلنا في مسيرتنا المستمرة حتى تحقيق أهداف حزبنا في التغيير الشامل وإقامة النظام المدني الديمقراطي.
نستذكر اليوم الرفيق النصير (سعدون)، الذي عرفناه، نحن الأنصار، في ثمانينيات القرن الماضي، قدوة لرفاقه في الإقدام والأخلاق وتحمل المصاعب، وخبرناه نصيرا شجاعا في صفوف حركة الأنصار الشيوعيين العراقيين (البيشمركة)، وهكذا كانت حياته عبارة عن سلسلة من المعارك والمجازفات حتى يوم اغتياله من قبل عصابة ارهابية جبانة.
ترك لنا الرفيق النصير الشهيد وضاح حسن عبد الأمير(سعدون) ، كنزا من الوفاء للمبادئ الحقيقية، والإخلاص للفكر الوطني والانساني، والتفاني غير المحدود في الدفاع عن حق البسطاء في العيش الكريم، فكان ابنا بارا لهذا الوطن ولهذا الشعب، وكانت مسيرته مفعمة بالتضحيات وزاخرة بالقيم الجميلة، وغنية بالدروس الملهمة.
لقد شكّل رحيل الرفيق وضاح، خسارة كبيرة لحزبه ورفاقه الذين يواصلون الطريق من بعده، لكنّ عزاءنا، في ما تركه الشهيد(سعدون)، ورفاقه الشهداء، من إرث كفاحيٍ مجيدٍ، جعل من حزب الشيوعيين، حزبا قويا، لا ينكسر امام العواصف مهما كانت شدتها.
ستظل ذكرى رفيقنا الشهيد وضاح، وجميع شهداء حزبنا، حية في القلوب وستظل تضحياتهم ملهمة للشيوعيين وكل الوطنيين.
المجد والخلود للشهيد وضاح حسن عبد الامير/ سعدون ورفيقيه نوزاد وحسيب.
اللجنة التنفيذية لرابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين/ اربيل
في الذكرى العشرين لرحيل القائد الشيوعي والأب الحنون والزوج الوفي، نستحضر معكم أثره الذي بقي حياً في وجداننا، كان سعدون رفيقاً لكم في النضال، ونوراً لعائلته، وعوناً لحياتنا، ومصدراً ملهما لأحلامناً الجميلة.
لقد عرفته كحبيب صادق وصديق رائع، ورفيق وفي، شجاعا لم يتردد يوماً في مواجهة الظلم والدفاع عن المظلومين. لقد كان حبّه للوطن أعلى من كل شيء، وكان يرى النضال طريقاً للكرامة والعدالة، عاش قنوعا صادق الانتماء واثقا من طريقه. لم يحمل في قلبه سوى المحبة لرفاقه وأصدقائه، على طول حياته معنا لم نسمع منه كلمة حقد على رفيق، ولا تذمّراً من الحزب، فقد كان منفذاً مبدعا لسياسات الحزب، أميناً لعلاقاته، مُخلصاً في مواقفه. في البيت، كان سعدون الأب الحنون الذي يبعث الأمل في قلب ابنه كفاح، ويعلمه أن الشجاعة تكمن في الإصرار على الحق وفي القدرة على العطاء وبذل المحبة. كان يحمل في قلبه حلماً كبيراً بأن يرى كفاح وأبناء جيله يعيشون في عراق حر تسوده العدالة والكرامة، بعيداً عن الظلم والاستبداد. أما كزوج، فقد كان سعدون الرفيق والسند، تشاركت معه الحياة حلوها ومرها، وعشنا الحلم الجميل بعراق امن ومستقر. عاش مبتهجا قنوعا، يزرع الطمأنينة بأن طريقنا رغم صعوبته هو الطريق الصحيح، وأن المستقبل رغم العتمة سيشرق يوماً بوطن حر وشعب سعيد.
لشخصيته القوية والعطوفة أثرٌ لا يمكن أن يُمحى من بالي، ولحضوره معنى يجعلني أقف اليوم بثبات، رغم ألم الفراق. في هذه الذكرى، نجدد عهدنا مع سعدون ومع كل الشهداء الذين رحلوا من أجل حزبنا العظيم. نعاهدهم أن نسير على نفس الدرب، أن نبقى أوفياء للقيم والمبادئ التي ضحى أبو كفاح من أجلها. سنظل نسير بعزم واصرار، وأن حب سعدون لحزبه ورفاقه سيظل حاضراً في كل خطواتنا. هذه الكلمات من قلب الزوجة التي صبرت على رحيل حبيبها ومن قلب ابنه الوفي، نرفعها لكم لنتشارك معكم ذكراه، ولنؤكد أن نضال سعدون لن ينتهي، وأن إرثه سيبقى حياً فينا، حاضراً في كل نبضة من نبضات قلبينا. أخيرا .... نعبر عن شكرنا العميق للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على تنظيم هذا الاستذكار الذي يحمل وفاءً كبيراً لرفيق عاش واستشهد من أجل قضية مشرفة. إنه شرف لنا أن نرى ذكراه حية في قلوب رفاقه واصدقائه، وفي عيون كل من تابع مسيرته النضالية.
شكرا لكل الحاضرين هنا شكرا لكم لأنكم كنتم، وما زلتم، سندا لنا. الشكر لحضوركم المشرف، نعدكم أن نبقى أوفياء للوطن، للحزب، وللشعب، وأن يظل إرث الشهيد نبراساً لنا نهتدي به في درب الحرية والكرامة.