يُقال - والعهدة على القائل - إن مهربي المواد الممنوعة وتلك الخاضعة لتعرفة كمركية عالية، باتوا يدفعون تأمينات تُعادل قيمة البضائع المُهرّبة للتجار المسؤولين عن استيرادها، قبل ان يستلموا الشحنات.وهذا يعكس مستوى عاليا من الاطمئنان الى هؤلاء المهربين والثقة بقدرتهم على تجاوز السيطرات الخارجية المُنتشرة على طول الطرق وصولًا إلى العاصمة بغداد.
والمعلومات تُشير إلى عمليات تهريب واسعة لمختلف البضائع، وعلى رأسها المخدرات طبعا، كذلك الأدوية غير المُفحوصة، والأجهزة الطبية، والسكائر، والكحوليات، وبعض المواد الغذائية، وكل ما يُراد إدخاله إلى الأسواق المحلية بطرق غير شرعية.
وما يُعزز هذه المعلومات هو قيام البنك المركزي العراقي قبل ايام بمعاقبة 49 شركة، جزاء عدم مطابقة أقيام فواتيرها مع البضائع الداخلة عبر المنافذ الرسمية. يُضاف إلى ذلك تقرير هيئة النزاهة الأخير، الذي كشف عن استمرار عمليات تهريب الأدوية بشكل منهجي.
ويبقى السؤال المطروح الذي يبحث عن إجابة شافية: هل ثقة المهربين هذه هي ناتج تواطؤ بعض الأجهزة الحكومية ذات العلاقة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما سرّ استمرار دخول هذه المواد إلى الأسواق وتداولها بشكل طبيعي؟!
نقل عدد من موظفي التعداد السكاني في العاصمة بغداد أن إحدى الموظفات قامت بجمع اسماء عدد كبير من العاملين في التعداد ضمن مجموعات على تطبيق واتساب، بحجة المطالبة بتعيينهم في مؤسسات الدولة.
إلا أنه وبعد اكتمال تشكيل هذه المجموعات، أفصحت الموظفة عن نيتها الحقيقية، وأبلغت المعنيين أن تعيينهم مرهون بإعادة انتخاب أحد أعضاء مجلس النواب الحاليين.
تُظهر هذه الحادثة أن المعركة الانتخابية بدأت مبكرة جدًا، وأن القوى المتنفذة لا تزال تلجأ إلى تسخير إمكانات الدولة لتحقيق مكاسب انتخابية، تمامًا كما حصل في مواسم انتخابية سابقة.
ما يثير القلق هنا ليس فقط الاستغلال الواضح للموظفين، بل أيضًا مسألة تسريب بياناتهم الشخصية. فكيف حصلت هذه الموظفة على هذا الكم من أرقام الهواتف؟ ومن الذي سهّل لها الوصول إلى هذه المعلومات؟
الأخطر من ذلك هو احتمال أن يمتد تسريب البيانات ليشمل معلومات المواطنين التي تم جمعها خلال التعداد السكاني، واستخدامها لخدمة مصالح القوى المتنفذة، كما حدث سابقًا مع سجلات الناخبين التي أصبحت في متناول الماكينات الانتخابية للأحزاب الحاكمة.
إن المنافسة الشفافة المبنية على البرامج الانتخابية الفعلية وعملية انتخابية تتسم بالعدالة والنزاهة هو ما مطلوب الان، اما إذا استمر النهج السائد، فإن الأوضاع لن تسير الا نحو المزيد من التدهور.
نُقل عن برلمانية من نواب شمال شرقي بغداد تهديدها مواطنا باستخدام فرق التفتيش التابعة لوزارة العمل للكشف عن مكان عمله ومنزله، بذريعة عدم استحقاقه راتب الرعاية الاجتماعية، الذي سبق ان حصل عليه عبر مكتبها في فترة انتخابات مجالس المحافظات.
وبررت النائبة هذا الإجراء بعدم ترويج صفحة المواطن على فيسبوك لأنشطتها، وعدم دعمه لها في مواجهة حملة الانتقادات الواسعة الموجهة لها، خصوصاً بعد تسريب مقاطع صوتية منسوبة إلى مدير مكتبها، يحث فيها الموظفين على تأسيس "جيوش إلكترونية" تخضع لتوجيهها المباشر وتدعمها.
لن نشير هنا بالطبع الى أية أسماء، فالقضية تتجاوز كونها حدثاً فردياً، ومثل هذه الحالات تتكرر في مختلف مدن البلاد، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.
وكنا قد نوهنا بذلك، ونحن هنا نعيد التحذير من استغلال المتنفذين، بضمنهم بعض النواب، كذلك الجماعات المسلحة، للإعانات الاجتماعية لأغراض انتخابية.
ومع تخصيص أموال لغرض زيادة المشمولين بالإعانات الاجتماعية في موازنة العام المقبل، نتساءل عما اذا سيتكرر ما حدث سابقا من توزيع لهذه الإعانات على غير مستحقيها؟
اما النائبة التي نتحدث عنها، فسنرى كيف يتعامل معها رئيس كتلتها السياسية!
احتفل العالم أمس الأول بيوم حقوق الانسان، وفي المناسبة صرح المتحدث بأسم الحكومة العراقية بانها ملتزمة بجميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور والقانون.
هذا التصريح استفز متابعين كثيرين لحال حقوق الانسان عندنا. فمراجعة قرارات وتصريحات المنظومة الحاكمة وقيادتها، لا تدعم قول المتحدث الرسمي. فهناك حملات واسعة تهدف للتضيق على الحريات العامة والخاصة، في مسعى لفرض نهج محدد على شعبنا.
وتكفي الإشارة الى محاولة تمرير تعديل قانون الاحوال الشخصية، وعدم الاهتمام بقضايا المرأة والتشريعات ذات العلاقة مثل قانون منع العنف، ومحاولة تشريع قانون يحد من حق التظاهر وحرية التعبير، وعدم تشريع قانون حق الحصول على المعلومة، ومنع بيع المشروبات الكحولية الذي يصادر حقوقا دستورية ، ومنع نشاط الاتحادات الطلابية، وقمع الاحتجاجات المطلبية، وتهديدات ومحاكمات صحفيين وناشطين، واغلاق صفحات ومواقع اخبارية والكترونية ومؤسسات صحفية، وقلة فرص العمل وانتشار البطالة وندرة الخدمات، بجانب انتشار الفساد والسلاح المنفلت .. وغيرها.
أفاد أحد أعضاء مجلس النواب أن محكمة جنايات الكرخ حكمت بالسجن أربع سنوات على محمد جوحي، المتهم في القضية المعروفة بـ"التنصت على هواتف المسؤولين".
من جانب آخر حذرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من وجود صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، تنتحل صفة الوزارة وتوجه رسائل للمواطنين تتضمن معلومات مضللة حول توفير فرص عمل.
الخبران المذكوران يعكسان قضايا خطيرة تتعلق بحماية أمن الدولة من جهة، وبضمان حقوق المواطنين من جهة أخرى. كما يسلطان الضوء على موضوع بالغ الأهمية، هو إخفاق كل من وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات في أداء مهامهما بشكل مقبول، على أقل تقدير.
القضيتان تقعان في صلب اختصاص المؤسستين المذكورتين، لكننا نلاحظ بوضوح عجزهما بشكل فاضح عن اداء واجباتهما. وما يزيد المشهد غرابة، تصاعد محاولات تقييد الحريات وتكميم الأفواه من خلال حظر مواقع إخبارية وأخرى متنوعة، بذرائع ومبررات غير مقنعة، مما يثير تساؤلات جدية حول الأولويات الحقيقية لهذه المؤسسات.
ألم يكن من الأولى منع التنصت والتصدي للمواقع التي تستغل المواطنين، بدلًا من حظر المواقع الإخبارية أو تلك المخصصة لتقييم الأفلام؟ أم ان هذا الامر يقع خارج اهتمامكم؟