شدد وكيل وزارة الزراعة مهدي سهر الجبوري على "منع استيراد أي نوع من الشحوم، بما في ذلك الليّة"، وعلى أهمية دور الجهات الأمنية في وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، في منع ادخال أي مواد غذائية مهربة الى العراق، حفاظاً على صحة وسلامة المواطنين.
واضح أن التهريب لا يهمل حتى"اللية"، وها هي وزارة الزراعة تحذر من إدخالها عبر المنافذ الرسمية وغير الرسمية المنتشرة على امتداد الخارطة العراقية.
وهذا الحديث المتكرر عن تهريب المواد إلى داخل العراق يستدعي وقفة جادة وايضاحاً لدور أجهزة الدولة في ضبط هذا الملف الحيوي، الذي يتسبب سنوياً بخسارة الخزينة العامة مليارات الدولارات نتيجة عدم إحكام السيطرة على الحدود.
يقينا ان الدولة وأجهزتها تدرك مكامن الخلل، والجهات التي تقف وراء عمليات التهريب الممنهجة، والتي – كما نعلم ويعلم الجميع – تديرها أطراف متنفذة تؤمّن مسار هذه المواد من الحدود حتى المراكز التجارية الرئيسية. وتسهّل هذه الجهات تجاوز السيطرات الأمنية عبر الرشاوى أو بوسائل أخرى.
لهذا فإن تهريب "الليّة" وما يماثلها من المواد سيستمر، ما دامت هناك جهات متنفذة تستغل نفوذها لتأمين مصالحها الخاصة غير المشروعة.
هل هي فرصة جديدة استثمرها الفاسدون المرتبطون بالقوى المتنفذة لتبييض ثرواتهم الحرام، فباشروا شراء وبيع الذهب؟ فحسب مصدر مطلع دخل العراق خلال نصف السنة الحالية الاول فقط 750 كلغ منه.
ونُقل عن عضو في مجلس النواب قولها ان "شبكة خطيرة" تقف وراء عمليات تهريب الذهب من العراق، ما قد يؤثر على سوق الذهب العالمية ويعرض البلد إلى عقوبات دولية.
مفهوم ربما قيام متنفذين وفاسدين بشراء سبائك ذهب بالسعر الرسمي للدولار وبيعه بالسعر الموازي داخل البلد، لكن عمليات تهريب السبائك للخارج ثم اعادتها تؤشر مخاطر جدية تهدد اقتصاد البلاد المربك اصلاً، سواءً عبر التهرب من الضرائب أو من خلال رفع معدلات التضخم اوالمتاجرة بالمخدرات او غيرها.
إنها مسؤولية السلطات ان تفرض رقابة أشد على الحدود والمنافذ، وتمنع تهريب المعدن الثمين وتلاحق مهربيه وتعزز التعاون في مكافحة التهريب اقليمياً ودولياً، والتصدي للفساد في الأجهزة الحكومية المكلفة بمراقبة التجارة المحرمة، وتطوير التشريعات ذات الصلة.
وهي مسؤولية البنك المركزي العراقي، ان ينظم عمل المنصة الإلكترونية لبيع السبائك والمسكوكات الذهبية، ويتابع أداءها وحسن مراقبتها للمتاجرة بها.
المتحدث باسم وزارة البيئة قال انه "لا داعي للقلق"! وان الوزارة "تراقب الوضع عن كثب"! فيما الخبراء يؤكدون تحذيراتهم من ان السحابة الكبريتية تزيد خطر التعرض للسكتة الدماغية وامراض القلب والربو وسرطان الرئة وحتى الوفاة المبكرة.
في الاثناء بيّنت اللجنة البرلمانية المختصة ان محطات الوزارة لقياس نقاوة الهواء "معطلة منذ اعوام طويلة"، وان تأهيلها يتطلب 2,5 مليار دينار. فكيف تتدبر الأمر وميزانيتها للعام الحالي لا تصل الى مليار واحد؟
وكانت جهات معنية مختلفة بينها وزارة البيئة، قد ذكرت سابقا ان التخلص من التلوث الخطير ممكن عن طريق اغلاق المعامل التي ترفض استخدام وقود نظيف، وفرض هذا الوقود على محطات الكهرباء والانشطة الصناعية الاخرى بضمنها معامل الطابوق، ومنع احراق النفايات في المطامر العشوائية، وغير ذلك.
لكن شيئا من هذا لم يتحقق حتى الساعة، ولم يتم اغلاق او معاقبة أي معمل او جهة اخرى مخالفة.
فهل ان هذا الحال، واستمرار اختناق بغداد والبغداديين، مما يروق للوزارة وللحكومة.. ام ماذا ؟
يواجه مجلس النواب صعوبات جدية في تمرير القوانين الخلافية ذات التوجهات المصلحية الخاصة والطائفية. ويأتي هذا استمراراً لفشل الدورة البرلمانية الحالية في تمثيل شعبنا، وتغييب الدور التشريعي والرقابي للبرلمان.
في الشهور الاخيرة برز الخلاف عميقاً حول تمرير تعديل قانون الاحوال الشخصية. فجرى طرح قوانين اخرى خلافية مقابله: قانون العفو العام وقانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل)، فيما كُشف عن مساومات لتأمين إدخال مادة تسوية لقضايا فساد المتهم نور زهير، وهناك توافق للكتل حول ذلك، بجانب المساعي للإفراج عن 9 آلاف محكوم، ومنح 300 الف دونم، مقابل اقرار تعديل قانون الاحوال الشخصية.
وبات واضحا ان مجرد انتخاب مجلس النواب لا يحرك ساكناً، ولا يعالج الضعف البنيوي الذي يعاني منه البرلمان بسبب بنيته والنهج الذي تختطه القوى المهيمنة على المجلس. كما ان بدعة اقرار القوانين بسلة واحدة ستكلف شعبنا اعباء إضافية، بجانب صعوبات تأمين اللقمة والعيش بكرامة واستقرار.
بعد هذا الذي يحصل في مجلس النواب، المطعون بشرعية تمثيله للشعب، نتساءل: هل ستُدفع الأمور لحدّ تمرير قوانين خاصة بكل من يريد الحصول على حصة من الكعكة؟
ناقش وزير الدفاع ثابت العباسي مع نظيره القطري في الدوحة، موضوع إرسال جرحى الجيش العراقي للعلاج في المستشفيات القطرية.
والاهتمام بجرحى قواتنا أمر مطلوب وواجب على الدولة، التي يفترض ان توفر لهم أفضل رعاية، تقديرا لتضحياتهم الكبيرة في مواجهة قوى الإرهاب.
لكن ما يستحق التوقف في هذا السياق هو أنه لم يمض أكثر من عامين على افتتاح مستشفى الحسين العسكري في بغداد. وهو مستشفى تعليمي متكامل مخصص لعلاج مرضى وجرحى القوات العسكرية والأمنية، يتكون من 23 بناية طبية، و11 صالة عمليات، ويتسع لـ 466 سريراً، وقد بلغت تكلفة بنائه 163 مليار. ويُدار المستشفى من قبل شركة بموجب عقد استثماري لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد، وبحيث توزع الأرباح بنسبة 30 بالمائة للوزارة و70 بالمائة للشركة.
فما دور هذا المستشفى؟ ولمن يقدم خدماته؟ ولماذا يبقى العراق بوجوده محتاجا إلى إرسال مرضاه إلى الخارج؟ أليس هذا اعترافاً من الحكومة بتردي خدمات عموم القطاع الصحي في العراق؟