الصراع الدائر بين مكتب رئيس الوزراء ومجلس إدارة الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية، بشأن تأهيل مطار بغداد الدولي، خرج الى العلن. ويدور الجدل -حول المحفظة الاستشارية التي طرحتها مؤسسة التمويل الدولية، ومقترح تأهيل وتطوير المطار وعرضه كفرصة استثمارية على الشركات العالمية المتخصصة. وتطرح هنا ثلاثة خيارات: تأهيل المطار الحالي، أو بناء مطار جديد، أو دمج الخيارين المذكورين. وقد فضّلت الحكومة في حينه الخيار الثالث.
وخلال الأيام الماضية ُسرّب محضر اجتماع لمجلس إدارة الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية إلى وسائل إعلام محددة، تبين منه رفض التعاقد مع الشركة الاستشارية، ما دفع وزير النقل الى زيارة المطار والاجتماع مع المجلس والخروج بمقترح وحيد، هو تفويض مكتب رئيس الوزراء صلاحيات مجلس إدارة الشركة، وفقا للتسريبات ايضا.
وفي ظل تبادل الاتهامات بين عدد من الجهات عبر منصات غير رسمية، نطرح سؤالاً جوهرياً على الجهات المعنية: لماذا تغيب الشفافية عن مثل هذه الأمور، ولمصلحة من تتصارع الجهات الحكومية ذات العلاقة؟ وما الذي يدفع الأطراف المعنية إلى هذا التعتيم على مشروع بالغ الأهمية كمشروع تطوير المطار؟
كما في المرات السابقة ومع أول زخة مطر، فاضت شوارع العاصمة بغداد والمحافظات الاخرى، وتبخرت معها الوعود المتكررة بحل مشكلة تصريف مياه الأمطار، في مشهد يتكرر سنويًا. ويأتي ذلك رغم التصريحات المتكررة من الدوائر المعنية، وعلى رأسها أمانة بغداد، بأنها متهيئة لاستقبال موسم الأمطار.
فموضوع تصريف مياه الأمطار، كما وصل إلى مسامعنا، لا يخلو هو الآخر من شبهات فساد. إذ يشير العديد من المواطنين إلى أن دوائر الصرف الصحي تقوم بإطفاء "المضخات" الخاصة بسحب مياه الصرف الصحي في محطات التصريف الرئيسية، ولا تشغلها إلا في ساعات محدودة، بهدف سرقة الوقود المخصص لتشغيل المولدات، التي تعتمد عليها في حالات الأمطار الغزيرة، وذلك بسبب انقطاعات شبكة الكهرباء الوطنية.
فهل هذا صحيح؟!
من جانب آخر، تعكس مشكلة طفح المجاري صورة أخرى من صور الفساد وسوء الإدارة وتهالك البنية التحتية، رغم الادعاءات بغير ذلك. والا كيف تفسر السلطات غرق المناطق رغم مرور وقت قصير على إنشاء مشاريع الصرف الصحي فيها أو تأهيلها؟
بعد عامين على تشكيل الحكومة الحالية، هل يعتبر غرق شوارع بغداد والمحافظات إنجازا لها؟
قال مستشار وزارة البيئة عمار جابر العطا، أن التوصيات العاجلة الصادرة عن اللجنة الحكومية لمواجهة التلوث البيئي في بغداد، والتي تتضمن: وقف الحرق العشوائي للنفايات، ومنع دخول "النباشة" إلى مواقع طمر النفايات، وإيقاف عمل أفران الصهر غير المرخصة بيئيًا، إلى جانب تحسين نوعية الوقود المستخدم في معامل الطابوق .. ان هذه التوصيات لم تُنفَّذ حتى الآن. وأعاد التأكيد أن تلوث الهواء المخيم على بغداد ناتج عن حرق النفايات وأفران الصهر، مشيرًا إلى أن الأمطار المتوقعة قد تسهم في تحسين الأجواء عبر "تنظيف الهواء من الملوثات.
تصريحات المستشار تؤكد مجددًا أن صحة المواطنين تأتي في آخر اهتمامات السلطات؛ ففي الوقت الذي تُشكَّل فيه اللجان وتصدر تعليماتها، نجد أن الجهة ذاتها المسؤولة عن تشكيل هذه اللجان تتقاعس عن تنفيذ توصياتها، في مشهد لا يمكن أن يحدث إلا في عراق اليوم.
وهنا نسأل الحكومة: متى ستتفضل الأجهزة الإدارية والأمنية بالاستجابة للمتطلبات البيئية، وإيقاف مصادر التلوث في الأجواء عند حدها، خاصة وأن مسبباته معروفة للجميع؟ أم أنكم أنتم أيضًا، تنتظرون هطول الأمطار لتطهر الهواء من التلوث؟!
عن المتحدث باسم الدفاع المدني أن سبب اندلاع الحريق في مخازن التبريد بشارع الظلال، يعود إلى استخدام مواد بناء ممنوعة، مثل السندويج بنل، وعدم الالتزام بمتطلبات الوقاية والسلامة. وأن الإهمال وغياب العقوبات الرادعة للمخالفين، هما من أبرز أسباب تكرار الحرائق عندنا.
هذا التكرار وللأسباب ذاتها يثير الاستغراب. فالحكومة شددت في مناسبات عدة على منع استخدام المواد المذكورة، لكن استخدامها يستمر رغم ذلك. فمن الذي يمنح إجازات البناء لهؤلاء المخالفين؟ ومن الذي يتابع إزالة المخالفات تطبيقاً للقانون؟
قبل فترة طويلة طلبت مديرية الدفاع المدني من البرلمان تعديل بعض مواد قانون الدفاع المدني، لا سيما المادتان 20 و21، لتشديد العقوبات على المخالفين. فلماذا أُهمل المقترح ووُضع على الرف، بينما يتكرر طرح مشاريع قوانين خلافية في جداول عمله؟
هذا كله من أشكال الفوضى وضعف إنفاذ القانون. والا كيف نسمي إغفال إجراءات السلامة وعدم تطبيقها، رغم معاناتنا المتكررة من عواقبها؟
في النهاية نتساءل: هل انتم متورطون ماليا مع أصحاب هذه المشاريع؟ أم أنها بالفعل وكما يشاع، من مشاريع المتنفذين المتجبرين؟
شهدت الأيام الماضية تراجعًا كبيرًا في ساعات تجهيز الكهرباء. فرغم انخفاض الحرارة الملحوظ، انخفض انتاج المنظومة الوطنية إلى حدود 17 ألف ميغاواط بعدما كان حوالي 27 ألفا. السبب؟ نقص إمدادات الغاز المستورد ومادة الكاز.
لطالما كان تأمين الوقود لمحطات التوليد محور أحاديث المسؤولين. ولكم وعدوا بتوفيره، ولم يفوا بالوعد. وبدلاً من الحلول الفعلية، أطلقوا التطمينات المجردة، لتهدئة الشارع تارة ولتضليله تارة أخرى، كما حدث في مرات سابقة.
نعلم أن 60 في المائة من محطات التوليد عندنا تعمل بالغاز، ولو أن العراق استثمر جميع غازه المصاحب فلن يتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي، خلافًا لما تذكر التصريحات الحكومية. أما بقية المحطات العاملة بالكاز، فقد استُنزف الوقود المخزون لها في المستودعات، ويجري التوجه للاستيراد. ويتوقع أن تصل أولى الشحنات يوم الجمعة القادم. ولهذا السبب ارتفع سعر أمبير المولدات الأهلية إلى 15 ألف دينار، مقارنةً بـ 10 آلاف او اقل عادة في مثل هذا الشهر.
هذا الحديث أصبح مألوفًا لمعظم العراقيين، الذين ينتظرون معالجات حقيقية .. وينتظرون!
فهل يكمن الحل في استيراد الغاز التركمانستاني، وعبر إيران ايضا؟!