توقع صندوق النقد الدولي تراجع المالية العامة للعراق بشكل ملحوظ، إذ يُقدر العجز فيها بنحو 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، ليتسع إلى 7.5% في 2025، ثم 9.2% في 2026، مع انخفاض الإيرادات النفطية من 36% من الناتج في 2024 إلى 31% في 2026، مقابل ارتفاع في الإنفاق العام من 43.5% إلى 43.8% خلال الفترة ذاتها.
عائدات النفط تراجعت في 2024 إلى 99.2 مليار دولار ثم يُتوقع تراجعها إلى 79.2 ملياراً في 2026، متأثرة بانخفاض الأسعار التي تراجعت والتي يُتوقع أن تكون 62 دولاراً للبرميل في العام المقبل.
ورفعت المؤسسة الدولية، سعر النفط اللازم لتحقيق التوازن المالي في العراق إلى 84 دولاراً للبرميل في 2024 بعد أن كان 54 دولاراً في 2020.
كذلك تراجع نمو القطاع غير النفطي في العراق إلى 2.5% في 2024، ويُتوقع أن يتفاقم التباطؤ إلى نمو عند واحد في المائة فقط في العام الجاري. وهو ما يخالف بشدة توقعات الحكومة لنمو الاقتصاد غير النفطي عند 4% في العام الجاري.
وتوقع الصندوق أن يقفز الدين الحكومي إلى 62.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026.
كما ستتقلص الاحتياطيات الأجنبية من 100.3 مليار دولار إلى 79.2 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
أما الاستثمارات الأجنبية المباشرة فتبقى شبه معدومة، بمعدل صفر في المائة من الناتج الإجمالي على مدى الفترة حتى 2026.
تكرر في الأيام الماضية سقوط مسيرات وصواريخ "مجهولة" على مدن أربيل وكركوك وصلاح الدين، وسط أنباء متضاربة عن مصدر هذه المسيرات والصواريخ والاضرار التي خلفتها.
وفي وقت لم يعلن فيه عن نتائج التحقيق بشأن المسيرات التي استهدفت رادارات عدة مواقع عسكرية عراقية، واختراقات امنية أخرى، لم تعلن الحكومة حتى الآن عن مصدر هذه المسيرات والصواريخ او تلقى القبض على الفاعلين، مع ذلك جرى الاكتفاء بتبادل الاتهامات بين حكومتي بغداد وأربيل بشأن منفذي العملية او من يقف وراءهم.
ورغم التحسن الملحوظ في الوضع الأمني، الذي أدى الى اتخاذ قرارات مهمة بشأن انحساب القطعات الأمنية من داخل مراكز المدن، واتخاذ إجراءات أخرى من شأنها ديمومته، لا تزال قوى مسلحة خارجة عن القانون تسرح وتمرح وتتظاهر في سلاحها الثقيل والخفيف وسط هذه المدن، دون رادع.
ويبقى الوضع الأمني هشاً في مدن مختلفة، في الوسط والجنوب نتيجة المعارك الضارية التي تندلع بين الحين والآخر بين مختلف العشائر التي لا تزال تحتفظ بسلاحها، رغم الحديث المتكرر عن قرارات نزعة وحصره بيد الدولة.
نحن امام تعتيم حكومي حول الاجراءات المتخذة بخصوص سيطرتها على الملف الأمني، مع غياب كامل لمساءلة الخارجين عن القانون، فيما يبقى السؤال عن مسؤولية من يحفظ الأمن واستقراره؟
في حلقة جديدة من سلسلة الفساد المتجذر في مؤسسات الدولة العراقية، كشفت تقارير صحفية عن فضيحة تتعلق بوجود مولدات كهربائية وهمية مسجلة رسميًا ضمن قوائم وزارة النفط (الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية)، وتتلقى حصصًا منتظمة من وقود "الكاز" المجاني والمدعوم في وقت لاحق، من دون أن يكون لها أي وجود فعلي على الأرض.
هذه المولدات، التي لا تتجاوز كونها أسماءً على الورق، تحوّلت إلى بوابة للتربّح غير المشروع، إذ يتم بيع الوقود المخصص لها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، بتواطؤ من بعض موظفي الدولة وتسهيلات إدارية مشبوهة.
التقارير تشير إلى أن هذه الشبكات لا تعمل لوحدها، بل هي مرتبطة بجهات محلية متنفذة، تستغل نفوذها لتوقيع المستندات الرسمية والتلاعب في سجلات التوزيع، ما يؤدي إلى حرمان المولدات الأهلية العاملة فعلا من حصصها المشروعة.
ليست هذه الفضيحة مجرد انحراف فردي أو ثغرة إدارية عابرة، بل هي تجسيد واضح لتحوّل مؤسسات الدولة إلى شريك فعلي في نهب ثروات العراقيين.
فحين يُمنح الوقود المجاني لمولدات غير موجودة، ويُباع في السوق السوداء أو يهرّب، فهذا لا يعكس فقط ضعف الرقابة، بل تواطؤًا مفضوحًا مع شبكات الفساد، ويؤشر الى امتداده العمودي والافقي.
إن صمت الجهات الرقابية وعدم إعلان أية نتائج حقيقية من لجان التحقيق المتكررة، يكشف أن هذا الملف محاط بجدار سميك من الحماية السياسية لفاسدين يسيطرون على مواقع صنع القرار.
مع تفاقم أزمة المياه في البصرة، بدأت الكارثة بالتوسع لتطال العاصمة بغداد، حيث شكا مواطنون من انبعاث روائح كريهة من مياه الإسالة، بشكل لا يُطاق.
وبعد سنوات من التعتيم والتستر على نسب التلوث في الأنهار، اضطرت بعض الجهات المعنية أخيرًا إلى كشف المستور، فأعلنت أن التراكيز الملحية بلغت 32 ألف TDS في قضاء السيبة جنوبي البصرة، فيما وصلت إلى 12 ألف TDS في مركز المدينة، بحسب مدير ماء المحافظة.
خبراء ومستشارون في وزارة الزراعة حذروا من أن العراق تجاوز مرحلة شح المياه، ودخل فعليًا مرحلة الندرة، وهو ما ينذر بخطر وجودي يُهدد بلاد الرافدين.
وللتذكير، فقد قررت الحكومة – بكل فخر – أن تجعل من ملف المياه "ملفًا سياديًا"، وأوكلت أمره إلى مكتب رئيس الوزراء حصراً في ما يتعلق بالتفاوض مع دول المنبع.
لكن، ومنذ هذا التحول "السيادي"، لم نرَ من السيادة سوى الصمت! لا إجراءات، ولا اتفاقات، ولا حتى موقف جريء واحد يُدافع عن حقوق العراق المائية، رغم تكرار الزيارات المتبادلة بين العراق وتركيا، وعلى أعلى المستويات.
وهنا نسأل: متى تتحركون؟ وماذا تبقّى من مياه العراق لتتحركوا من أجلها؟
سيادتكم تُغرق البلاد في الملوحة والتلوث... فهنيئاً لكم بهذا الصمت "السيادي"!
في استعراض للنفوذ وتجاوز صارخ للقوانين، أعلن ضابط رفيع سابق في الجيش العراقي ترشحه للانتخابات، كاشفًا عن تسلسله في إحدى القوائم الانتخابية، عبر منشور على صفحته الشخصية، التي كانت حتى وقت قريب منصّة رسمية لنقل البيانات الحكومية بصفته الوظيفية، قبل أن يُعفى من منصبه. هذا الإعلان جاء قبل فتح باب الترشيح رسميًا، في تجاوز كبير للوائح المفوضية واستهانة بالعملية الانتخابية.
وفي المقابل، بدأت ملاكات أمانة بغداد بإزالة صور ودعايات لعدد من المرشحين من شوارع العاصمة، في محاولة لفرض مظهر من مظاهر القانون.
حسنا فعلت الأمانة مشكورة، لكن السؤال الجوهري: هل تكفي هذه الإجراءات؟ وهل يسمح لمفوضية الانتخابات اتخاذ خطوات حقيقية ضد هذا العبث؟ أم أننا أمام نسخة مكررة من مشهد تتواطأ فيه مؤسسات الدولة المعنية بصمت، تحت ضغط سطوة الكتل السياسية المتنفذة، حيث تُطوع القوانين لتخدم المتنفذين بعضهم او كلهم، ويُسحق مبدأ تكافؤ الفرص تحت أقدام الاستثناءات المحمية، وما اكثره؟
نريد هنا الإشارة الى ان العملية الانتخابية كأداة ديمقراطية تفرض على كل مؤسسات الدولة العمل ـ من منطلق المسؤولية ـ على حماية العملية الانتخابية لا العبث بها، والكارثة أن يأتي الخرق من بعض حماة القانون!