اعلنت المنسقية العامة لشؤون المحافظات عن قرب عرض قانون مجالس المحافظات على مجلس الوزراء، واكدت ان القانون قد وصل لمراحل متقدمة في اطار الاعداد والصياغات، حيث حدد آليات مناسبة لتخويل الصلاحيات وتوزيعها ومعالجة الإشكاليات بين المحافظات والحكومة الاتحادية.
الا ان اصحاب الاختصاص اكدوا ضرورة اخضاع القانون لدراسة معمقة واعداد بنود محكمة وواضحة لا تحتمل اكثر من تفسير، تجنباً لتعميق الازمة اكثر.
وتساءلوا عن امكانية أن يحقق هذا القانون اهدافه وسط تغلغل نهج المحاصصة في كل مفاصل الدولة وتضارب مصالح القوى المتنفذة وتداخلها مع بعضها؟
وصل الى مراحل متقدمة
وقال المنسق العام لشؤون المحافظات، أحمد الفتلاوي، في تصريح تابعته "طريق الشعب"، إن "تجربة نقل الصلاحيات بين الوزارات والمحافظات التي بدأت في عام 2015 ما زالت تواجه تحديات في التطبيق"، مشيرًا إلى أن "العملية شهدت مراحل من الشد والجذب، حيث تم نقل بعض الصلاحيات وإعادة بعضها الآخر، مما يستدعي مزيدًا من التطوير لضمان نجاحها".
وأضاف، أن "وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة نقلت معظم صلاحياتها بشكل فعلي وعملي، كما نقلت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية صلاحياتها باستثناء هيئتي الرعاية والحماية الاجتماعية، في حين صدر مؤخرًا قرار من المحكمة الاتحادية بشأن نقل صلاحيات وزارة الزراعة، وتم تطبيقه وفقًا لقرار الهيئة العليا، إضافة إلى نقل صلاحيات وزارة الشباب والرياضة وبعض صلاحيات وزارة المالية".
ولفت إلى أن "عملية نقل الصلاحيات لم تكتمل بالكامل بعد"، مبينًا أن "الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات تتابع تنفيذ القرارات وتحاول إيجاد الحلول للمشكلات التي تعترض التطبيق، سواء كانت فنية أو تتعلق بتعاون الجهات المعنية أو بمدى استعداد المحافظات والوزارات لنقل الصلاحيات".
وأكد أن "نقل الصلاحيات التنفيذية والإدارية والمالية والفنية إلى المحافظات أمر صحيح، لكن يجب أن تبقى بعض الأدوار للوزارات"، مبينًا أن "المشكلة الأساسية تكمن في تحديد سقف ما يبقى للوزارة وما يتم نقله للمحافظات، ومدى التزام الأطراف بهذا التوزيع".
وفي ما يخص قانون مجالس المحافظات الجديد، أشار الفتلاوي إلى أن "القانون بصدد عرضه على مجلس الوزراء قبل إحالته إلى مجلس النواب"، مؤكدًا أن "القانون وصل إلى مراحل متقدمة".
وأكمل، أن "القانون الجديد يضع قواعد تفصيلية أكثر وضوحًا لتنظيم العلاقة بين الجوانب التنفيذية والتشريعية والرقابية في المحافظات، ويهدف إلى تحقيق استقرار إداري أفضل من خلال وضع ضوابط لآليات الرقابة وعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية".
وأشار إلى أن "قانون مجالس المحافظات الجديد سيعالج الإشكاليات بين المحافظات والحكومة الاتحادية، سواء فيما يتعلق بمجلس النواب أو رئاسة الوزراء"، منوهًا الى أن "النص القانوني عند التطبيق قد يخضع لاجتهادات مختلفة، ويتطلب ذلك دورًا لمجلس الدولة في تفسير بعض النصوص، بالإضافة إلى دور المحكمة الاتحادية والإدارية في الفصل في النزاعات، ما يساهم تدريجيًا في نضوج التجربة واستقرار القواعد".
ما المطلوب؟
من جهته، أكد الخبير القانوني وائل منذر أن الدستور العراقي ساوى بين المحافظات غير المنتظمة في إقليم وبين الأقاليم من حيث الصلاحيات والاختصاصات، لكنه في الوقت ذاته أخضع المحافظات لنظام يستند إلى اللامركزية الإدارية، ما أدى إلى إشكالية قانونية كبيرة.
وأوضح أن اللامركزية الإدارية تعني أن "المحافظات جزء من السلطة التنفيذية وتخضع لتوجيهاتها، بينما منحها الدستور صلاحيات تماثل تلك التي تتمتع بها الأقاليم، خصوصًا فيما يتعلق بتوزيع الاختصاصات.
ونتيجة لهذا التناقض، أصبحت العديد من الصلاحيات محل نزاع، حيث تُفسَّر أحيانًا وفقًا لنصوص الدستور على أنها من اختصاص المحافظات، بينما تُفسَّر أحيانًا أخرى وفقًا لمبدأ اللامركزية الإدارية، ما يؤدي إلى خلافات مستمرة بين المحافظات والوزارات الاتحادية".
وأشار منذر في حديثه لـ "طريق الشعب"، إلى أن حل هذه الإشكالية "يتطلب وضع نظام قانوني متكامل لتقاسم الصلاحيات وتحديدها بوضوح، بحيث تُمنح المحافظات اختصاصات واضحة تتعلق ببعض وظائف الوزارات الاتحادية، في حين تبقى المسائل ذات الطابع الفني والإشرافي وصياغة السياسات من اختصاص الحكومة الاتحادية".
وشدد على أن "أي مشروع قانون ينظم هذا الملف يجب أن يكون واضحًا في تحديد الصلاحيات، لأن الصياغات غير المُحكمة التي تحتمل أكثر من تفسير ستعيد إنتاج المشكلات ذاتها عند التطبيق".
واكد ضرورة "إخضاع أي مشروع قانون لدراسة معمقة ونقاشات موسعة مع المختصين لضمان معالجة جميع الإشكالات المحتملة التي قد تظهر بهدف معالجتها قبل تشريعه رسميًا".
تتعارض مع المحاصصة
بدوره، اكد المحلل السياسي، د. علي السلطاني، أن هناك أسلوبين رئيسيين في إدارة مؤسسات ومنظمات الدولة، هما المركزي واللامركزي. ففي الأسلوب المركزي، يتم حصر جميع الصلاحيات، سواء الاستراتيجية أو البسيطة، في يد السلطة المركزية في بغداد.
أما في الأسلوب اللامركزي، فيتم تفويض الصلاحيات للمستويات الإدارية الأدنى، وهو ما بدأت الدولة تطبيقه مؤخرًا، لكن للأسف، تم فك الارتباط والصلاحيات في السنوات الأخيرة، خصوصًا في وزارتي التربية والصحة، حيث تم تخويل المحافظين اتخاذ القرارات، لكن هذا التخويل كان محدودًا، مقتصرًا على استحصال التمويل والأمور البسيطة المتعلقة بالموظفين، بينما تبقى قرارات الترفيع والعلاوات وغيرها مرتبطة بالوزارات.
وأكد السلطاني، أن لكل من الأسلوبين إيجابياته وسلبياته. وأضاف أن السبب في تأخر الدولة في تبني الأسلوب اللامركزي يعود إلى عدم الثقة في المديريات التابعة للوزارات، إذ يُعتقد أنها غير قادرة على إدارة شؤون الموظفين أو اتخاذ القرارات، ناهيك عن شعور المركز أن تفويض الصلاحيات سيجعله مجرد سلطة إشرافية، ما ينعكس سلبًا على قوته الفعلية. وتطرق السلطاني إلى مسألة المحاصصة السياسية التي تعد العائق الأكبر أمام تطبيق الأسلوب اللامركزي بشكل فعال. فالمحاصصة الحزبية في تقسيم المناصب سواء في الوزارات أو في المحافظات، تتعارض مع فكرة تفويض الصلاحيات. وأشار إلى أن القانون، رغم وضعه لتوضيح العلاقة وتحديد صلاحيات المحافظات، لن يساهم في تجاوز هذه المشاكل في ظل تغول المحاصصة. وأوضح أنه حتى إذا تم سن قانون ينظم هذه الصلاحيات، فإن العرف السياسي سيظل هو العامل المؤثر بشكل سلبي، ومن جهة اخرى فان تضارب المصالح بين الاحزاب المتنفذة المهيمنة على مواقع مختلفة سيصعد من حالة الصراع في ما بينها ما ينعكس على الخدمات بشكل اكبر".
في الختام، شدد السلطاني على أن العراق يحتاج إلى توجه حقيقي من قبل السلطات التنفيذية لتخويل الصلاحيات بطرق فعالة، مشيرا الى أن العراق ليس دولة مؤسسات، بل كل حكومة جديدة تأتي لتنسف ما أنجزته الحكومة السابقة، حتى لو كان صوابًا، ما يعيق التقدم ويعزز الصراع بين مختلف الأطراف السياسية.
تواجه حقوق الإنسان في العراق تحديات كبيرة، حيث توقفت مفوضيتها المستقلة عن العمل منذ العام 2021، بسبب عدم تعيين أعضاء جدد من قبل مجلس النواب، ما أدى إلى تحويلها إلى دائرة تتبع وزارة العدل، الأمر الذي قوّض كثيرا من دورها الرقابي على الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان.
وفي السابق كانت المفوضية تعمل على توثيق الانتهاكات، خاصة خلال تظاهرات تشرين 2019، ما رفع تصنيفها دوليًا إلى الفئة (A)، لكن بعد تعطيل عملها، تراجع التصنيف إلى (B)، وأصبحت دائرة تحاصرها قوى متنفذة، ما حدّ من استقلاليتها وفعاليتها.
واتخذ قرار حلّ مجلس المفوضين من قبل لجنة نيابية شكّلها مجلس النواب المنحل، وذلك في آب 2021 بعد انتهاء المدة القانونية للمجلس.
تقييد عمل المفوضية
يقول علي البياتي، عضو سابق في مفوضية حقوق الإنسان، لـ "طريق الشعب"، إن المفوضية تتميز عن باقي مؤسسات الدولة، كونها مؤسسة مستقلة تتعامل مع حقوق الإنسان بناءً على مبادئ دولية تلزم الدول بتأسيس كيانات مستقلة لمراقبة حقوق مواطنيها.
ويضيف البياتي، أنّ المفوضية تأسست في العام 2012، بصورة شكلية في البداية، بسبب نقص الموارد والمكاتب والموظفين. لكن بعد عام 2017، ومع تشكيل مجلس المفوضين الثاني، وتخصيص ميزانية مالية، استطاعت المفوضية أداء دورها بشكل أفضل، حيث توسعت المكاتب وفرق العمل، لتشمل كافة المحافظات العراقية، ما سمح لها بمراقبة الوضع الحقوقي في البلاد.
ويعتبر البياتي، أنّ الدور الأساسي لمؤسسات حقوق الإنسان الوطنية هو مراقبة الحكومة والمساهمة في مساءلتها عن انتهاكات حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن المفوضية كانت على مدار سنوات حريصة على أداء هذا الدور في ظل الواقع العراقي المعقد، ونجحت في توثيق الانتهاكات وتقديم تقارير شفافة للمجتمع الدولي.
ويؤكد، أنّ المفوضية كانت في قلب الأحداث خلال فترة تظاهرات تشرين 2019، حيث يمثلُ حق التظاهر وحرية التعبير من الحقوق الأساسية التي يجب على الحكومة احترامها وحمايتها، مبينا أن المفوضية عملت بشكل مكثف على توثيق الانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون. كما تواصلت مع الجهات الدولية للضغط على الحكومة العراقية لحماية حقوق المواطنين في ممارسة حرياتهم.
ويشير إلى أن التظاهرات كان لها دور محوري في توجه العديد من القوى السياسية نحو تقييد عمل المفوضية: "بعد تلك الفترة، مرّت المفوضية بمرحلة تجميد سياسي في حزيران 2021، حيث تم تعليق عملها بشكل غير دستوري من خلال قرار رئاسة البرلمان، بدون تصويت برلماني أو أمر نيابي".
وينبه الى أن حكومة الكاظمي "شكلت لجنة داخلية لإدارة المفوضية، وهو إجراء غير قانوني، حيث تم تجاوز مجلس المفوضين، وجرى منح الصلاحيات لمديري أقسام من ذوي الرتب الدنيا"، مضيفا أن "حكومة السوداني حولت إدارة المفوضية إلى رئيس جهاز الرقابة المالية، ثم إلى وزير العدل، وهو ما يراه بمثابة خطوة لتقليص دور المفوضية، وتحويلها إلى جهاز حكومي تابع، بدلاً من أن تكون مستقلة بحسب الدستور".
ويعلل البياتي تراجع تصنيف المفوضية بـ"تعيين أشخاص غير معروفين في المجتمع المدني لمجالس المفوضين، حيث تمت السيطرة على اللجنة المعنية بتشكيل المجلس من قبل أحزاب سياسية متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، ما أثر بشكل سلبي على مصداقية المفوضية في الداخل والخارج".
لا استقلالية في العراق
المحلل السياسي محمد زنكنة، يؤكد أنه "لا توجد استقلالية حقيقية لأي مؤسسة عراقية تدعي الاستقلال. إذ عملت قوى السلطة على إخضاع جميع السلطات والهيئات لسيطرتها، تعزيزا لمصالحها السياسية والطائفية".
ويقول زنكنة في حديث لـ "طريق الشعب"، إن "العديد من المؤسسات في العراق خضعت للتوزيع الطائفي والمحاصصة السياسية، حيث يتم تخصيص المناصب للمقربين من القوى الحاكمة، بغض النظر عن كفاءتهم أو أهمية دورهم في تعزيز حقوق الإنسان وحرياته"، مشيرا إلى أن "هذا النظام يخلق واقعا سياسيا يتسم بالاعتقالات العشوائية، وانتشار الرشوة داخل السجون، فضلاً عن تهديدات القتل ضد من لا يتماشى مع مزاج بعض الميليشيات".
ويصف زنكنة الحكومة بالـ"ضعيفة"، مشيرا إلى أنها لم تستطع إيقاف الكثير من الانتهاكات التي طالت بعض المكونات.
ويضيف، أن بعض المواد القانونية كالمادة "4 إرهاب" يُستخدم في بعض الحالات ضد أشخاص بريئين، وهذا ما يعمق الأزمة الإنسانية والسياسية في البلاد، مشيرا إلى أن الوضع الاجتماعي يزداد تدهورًا، بخاصة في ظل قلة فرص العمل، والتوزيع غير العادل للثروات.
ويعتبر المتحدث، أن الوضع السياسي والإنساني في البلاد لا يزال في مرحلة حرجة، في ظل المشاكل القانونية والإدارية وغياب الإرادة والإجراءات الفاعلة من قبل الحكومة لمواجهة تلك التحديات.
إخضاعها للمحاصصة السياسية
الناشط السياسي علي القيسي يجد أن ملف حقوق المواطنين يتعرض للعديد من الانتهاكات.
ويقول القيسي في حديث لـ "طريق الشعب"، إنّ المفوضية العليا لحقوق الإنسان، في الفترة السابقة، كانت قد أظهرت أداءً متميزًا من خلال توثيق ورصد الانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون في تظاهرات تشرين 2019، ما أسهم في رفع تصنيفها دوليًا. هذا النجاح كان نتيجة لجهود أعضاء المفوضية في توثيق الحوادث ورفع التقارير المتعلقة بالانتهاكات.
ويردف القيسي، أن هذا الوضع تغيّر بشكل كبير بعد إنهاء فترة عمل المفوضية من قبل السلطات ومجلس النواب منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيث لم يتم اختيار بديل لأعضاء المفوضية. وهذا الفراغ القانوني ترك المفوضية بلا قيادة فاعلة، ما ساهم في تراجع دورها بشكل ملحوظ.
ويرى، أنّ "هذا الفراغ ساعد في تأجيج بعض القوى التي تسعى لتقليص دور المفوضية، ومنعها من رفع تقاريرها السنوية إلى الهيئات الدولية، ما أثر سلبًا على التصنيف الدولي للعراق".
وعلى الرغم من وجود محاولات حكومية وبرلمانية لاختيار أعضاء جدد للمفوضية، إلا أن القيسي أكد أن هذه الجهود تهدف في النهاية إلى تقليص دور المفوضية، عبر إخضاعها للمحاصصة الحزبية.
ويعتقد أن هذا التوجه سيؤدي إلى إضعاف عمل المفوضية وجعلها أداة تابعة للتوازنات السياسية، بدلًا من أن تكون مؤسسة مستقلة تعنى بمراقبة حقوق الإنسان، بعيدًا عن التدخلات السياسية.
وفيما يتعلق بإمكانية إعادة تفعيل المفوضية، يعتقد القيسي ان هذا أمر صعب في ظل الإرادة السياسية التي تعرقل ذلك، معربا عن أسفه لأن حالة حقوق الإنسان شهدت تراجعًا مستمرًا دون أي تحسن يذكر، ما يعكس حالة من الجمود في معالجة قضايا حقوق الإنسان، خاصة في ظل غياب مؤسسة رقابية حقيقية قادرة على تنفيذ مهامها بشكل مستقل وفاعل.
حوّلت آفة المحاصصة والتوافقات السياسية مجلس النواب الى واجهة شكلية لا تمثل الا قوى السلطة المتنفذة ، من دون أن تقدم حلولاً لمشاكل البلاد المتعددة، فبدلاً من أن تكون سلطة عليا تمارس التشريع والرقابة، باتت مؤسسة عاجزة وغارقة في الصراعات، فاقدة للقدرة على اتخاذ القرار.
واذا ما اُريد تحديد السمة الأبرز للدورة النيابية الخامسة الحالية ، فلا يمكن تجاوز تعطيل الجلسات، وعرقلة التشريعات، وتفاقم الصراعات على المناصب، فيما غابت الرقابة تماماً، عدا تلك التي تحركها الصراعات وتصفية الحسابات.
انعكاس لأزمة اعمق
ما يجري اليوم ليس مجرد تعثر مؤقت، بل انهيار حقيقي لدور البرلمان، حيث لم تعد السلطة التشريعية قادرة على فرض حضورها أمام حكومة انبثقت عنها ، لكنها تفوقت عليها في فرض الإرادة وتعطيل أي مساءلة. وفي ظل هذا المشهد، لم يعد البرلمان سوى انعكاس لأزمة أعمق، عنوانها غياب الإرادة السياسية الحقيقية للتغيير ، واستمرار الهيمنة السياسية لقوى معينة، التي حولته إلى أداة بيد المتنفذين، لا ممثلاً حقيقياً للشعب.
أين الاجراءات الفعلية؟
وفي السياق، قال عضو اللجنة القانونية النيابية، النائب محمد عنوز، إن مجلس النواب يفقد مبرر وجوده عندما يعجز عن أداء دوره التشريعي والرقابي وفقا للدستور ولقانون البرلمان وللنظام الداخلي، مشيراً إلى أن ذلك يجعله عبئاً على العملية السياسية ويضعف ثقة المواطن بها إلى حد الفقدان، في ظل مؤشرات واضحة كالعزوف عن الانتخابات واستشراء الفساد.
وأضاف عنوز، أن "مجلس النواب يُعد السلطة العليا في البلاد، ومنه تنبثق السلطة التنفيذية، فضلاً عن دوره في الرقابة على العديد من المفاصل الأساسية في الدولة".
وشدد في حديثه لـ "طريق الشعب"، على أن "النظام النيابي يستند إلى مبدأ الأغلبية والأقلية في العملية التشريعية، ما يوجب احترام الأقلية لرأي الأغلبية، والعكس أيضاً، بحيث تضمن الأغلبية حقوق الأقلية وتحترمها".
وأكد عنوز أنه “لا يمكن تعطيل عمل المجلس بهذه الطريقة أو تلك، لأن ذلك يتعارض مع الإرادة الوطنية العامة التي أفرزت هذا المجلس عبر الانتخابات”.
وأشار إلى أن "الانتقادات الموجهة لأداء مجلس النواب يجب أن تتحول إلى إجراءات فعلية وفق النظام الداخلي والقانون"، معتبراً أن “المرض المزمن في العملية السياسية، والمتمثل بالتحاصص والتوافق، يعيق اتخاذ إجراءات تحترم المواطنة، ويؤدي إلى انكفاء المكونات على نفسها، ما يجعل التشريعات خاضعة للاتفاقات السياسية وبالصيغة التي نشهدها اليوم”.
برلمان عاجز ولجان مُعطلة
يقول الخبير القانوني، د. سيف السعدي، إن "البرلمان عملياً مصاب بالشلل منذ سنتين: اذا لم يتحقق توافق سياسي حول قانون معين، يبقى النصاب غير مكتمل".
ويضيف السعدي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "المادة 59 من الدستور تشترط تحقق الأغلبية المطلقة في اقرار القوانين"، مشيرا الى أن جميع هذه الأزمات "أثرت سلباً على أداء الدورة النيابية الخامسة، حيث وصفها رئيس المجلس، محمود المشهداني، بأنها “أسوأ دورة برلمانية مرت على العراق”. كما أن الصراعات الداخلية انعكست على أداء اللجان النيابية، إذ لم تمارس لجنة التعليم مثلاً دورها الرقابي تجاه وزير التعليم، بينما لا تزال لجان أساسية مثل الأمن والدفاع، والقانونية، والمالية، معطلة".
وتابع السعدي قائلاً: “أؤكد بشكل قاطع أن هذه الدورة البرلمانية ستنتهي دون استجواب أو تعديل وزاري، رغم أن المنهاج الحكومي تضمن فقرات تتعلق بإجراء تعديلات وزارية وإعادة تقييم الوكلاء والمدراء العامين، إلا أن هذه المشاكل حالت دون تنفيذ ذلك”.
وحول مستقبل البرلمان، أشار السعدي إلى أن "الحل يكمن في حل البرلمان، لكن نظراً لاقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 24 تشرين الاول من العام الجاري، فالوضع ربما سيبقى على ما هو عليه حتى اجراء الانتخابات".
ويلاحظ السعدي أن البرلمان "لم يكن في وضع طبيعي، إذ حددت المادة 61 من الدستور مهامه بتشريع القوانين الاتحادية والرقابة على السلطة التنفيذية، بينما غابت الرقابة تماماً".
تعميق أزمة الثقة
يقول المراقب للشأن السياسي، هاشم الجبوري، أن "مبدأ المنفعة المتبادلة بين الأحزاب والكتل السياسية يشكل الأساس الحقيقي لعمل البرلمان في العراق"، لافتا الى انه منذ تأسيسه لم يشهد البرلمان أي نهج معارضة حقيقي، كما هو معمول به في الأنظمة الديمقراطية حول العالم.
ويضيف الجبوري في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "البرلمان لم يمارس دوره الرقابي بشكل فعلي على الحكومة، نظراً لكون الأخيرة منبثقة عنه، ما يؤدي إلى حالة من الترهل السياسي تنتهي بالانهيار التدريجي".
وفي ما يتعلق بعمل الدورة البرلمانية الخامسة، أشار إلى أنها "شهدت أحداثاً غير مسبوقة، بدءاً بإدانة رئيس المجلس بتهم التزوير، ثم تسلّم نائبه المنصب وسط اتهامات بالاستيلاء على “حق مكون آخر”، فضلاً عن الضغوط الخارجية والداخلية التي أثرت بشكل واضح على المشهد السياسي".
ويشير في حديثه الى أن "مجمل هذه التطورات تعكس واقعاً خطراً، حيث يبدو البرلمان مسلوب الإرادة وبلا سلطة فعلية، ما يعمّق أزمة الثقة بالمؤسسة التشريعية ويؤثر في أدائها الدستوري".
كشف عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، علي صاحب، عن مستجدات المؤتمر الوطني الذي دعا اليه الحزب في وقت سابق، وما رافق هذه الدعوة من زيارات ولقاءات وحوارات مع مختلف القوى السياسية، للوقوف على التحديات التي يواجهها العراق وتشكيل اصطفاف وطني من شأنه ان يفضي الى تحالف وطني ديمقراطي لخوض الانتخابات، والعمل على ان تكون احدى روافع التغيير الشامل.
اتفاق ومبادئ اساسية
وقال الرفيق صاحب، في حديث موسع لـ"طريق الشعب" ان "الحزب أطلق مبادرة لعقد مؤتمر وطني يهدف الى التغيير الشامل وجرى التواصل مع مجموعة غير قليلة من القوى السياسية في زيارات متبادلة، ولم تقتصر هذه التحركات على القوى المدنية والديمقراطية. وقد شهدت إجراء حوارات واتفاقات على مبادئ أساسية لعقد هذا المؤتمر. ومن المؤمل ان يعقد في المستقبل القريب".
وأضاف انه "نأمل ان يساعد هذا المؤتمر من خلال مخرجاته في مشاركة انتخابية واسعة، التي نريدها ان تكون عملية حقيقية تقود الى احداث تغيير معين. وهذه العملية لن تكون نتائجها مرضية من دون حراك جماهيري مواز وحقيقي ومساهمة في عملية تحديث البيانات والمشاركة الواسعة وانتخاب البديل".
وأوضح، ان "الانتخابات ترتبط بالأوضاع الحالية وما يمر به البلد من ظروف، وما تفرزه انعكاسات التطورات الإقليمية والدولية على الوضع العراقي. وفي جميع الأحوال نجن مع اجراء الانتخابات في موعدها وتوفير ظروفها المناسبة، وهي فرصة لحراك سياسي وجماهيري حقيقي لإخراج العراق من أزمته البنيوية التي يعيشها منذ سنوات طويلة، والانتخابات هي احدى محطات هذا التغيير، وعلينا ان نفكر بشكل أوسع وهدف أسمى من خلال التوجه الى التغيير الشامل الذي يتطلب مجموعة من الخطوات".
تاريخ الحزب ونظافته تؤهله للبديل
ودعا عضو المكتب السياسي، المواطنين الى الذهاب وتحديث سجلاتهم الانتخابية والحصول على البطاقة البايومترية والمشاركة بشكل فعال، والبحث عن خيارات أفضل، لافتا الى ان "الحزب يطرح نفسه كخيار بديل ويشهد له تاريخه خلال العقدين الماضيين بالنزاهة ونظافة اليد وعدم التلوث بأعمال أدت الى قتل العراقيين او تشريدهم، بل على العكس كان دائما حريصا على ان يكون مدافعا عن مصالح وتطلعات أبناء الشعب".
وبين الرفيق، ان "الحزب الشيوعي العراقي ومنذ وقت مبكر وبعد انتخابات مجالس المحافظات بدأ استعداداته للانتخابات البرلمانية واخذ فترة ليست بالقليلة في عملية دراسة التجربة السابقة والاستفادة منها في تحديد الخطة الانتخابية واستكشاف القوى السياسية على مستوى بغداد وكذلك في المحافظات. ويأتي هذا ضمن سعي الحزب لخلق حراك سياسي يتزامن مع حراك جماهيري، وجميع هذه التحركات هي ضمن عملية التحضير للانتخابات"، مبينا ان "الحزب ينظر الى الانتخابات باعتبارها احدى روافع التغيير، وبالتالي بالإمكان ان تكون ميدانا سياسيا لتنفيذ برنامج الحزب والتواصل مع الجمهور وخلق البدائل".
ولفت الى انه "على مستوى التحالفات، انطلق الحزب مبكرا من تحالفه الأساسي مع قوى التيار الديمقراطي ووضع التحالف المدني الديمقراطي منطلقا واساسا لتحركاته باتجاه أي تحالف اخر، وسيكون التحالف المدني الديمقراطي منفتحا على باقي التحالفات ضمن أرضية برنامجية وسياسية مشتركة هدفها احداث التغيير المطلوب. وهذا اعطى الحزب مساحة وحرية، لاسيما لمنظمات الحزب، للحراك بحرية والأخذ بنظر الاعتبار الظروف الموضوعية لكل محافظة، وبناء التحالفات على أساسها انطلاقا من رؤية التحالف المدني الديمقراطي الذي يضم في تركيبته الشخصيات الديمقراطية المستقلة والقوى السياسية المنضوية ضمن هذا الاطار". وأشار الى انه "الى الان لا تزال خارطة التحالفات غير مكتملة، وممكن ان تكون أكثر وضوحا في الفترات المقبلة".
انهاء دور السلاح انتخابيا
وتابع الرفيق صاحب، انه "على مستوى الوضع الانتخابي يراقب الحزب التحركات بشكل دقيق، وبالنهاية هناك استحقاق دستوري يفترض ان يتم الالتزام به ضمن موعده المحدد في نهاية هذا العام، والتي ينتهي معها عمر البرلمان. وهذه الاستعدادات تتطلب حزمة من الإجراءات أبرزها استعداد المفوضية واجراءاتها الداخلية والتي تشترك فيها الأحزاب السياسية ايضا خاصة في ما يتعلق بتسجيل الناخبين وتسجيل التحالفات والمرشحين وغيرها من الاستعدادات".
وأكد أهمية ان تكون المفوضية حريصة على الوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية وتضمن ان تكون إجراءاتها شفافة وتسمح لمنظمات المجتمع المدني والفرق الدولية بمراقبة عملية الانتخابات. ويقع على عاتق المفوضية أيضا تطبيق قانون الأحزاب وهو امر لا بد منه، خاصة فيما يتعلق بمنع الأحزاب التي تمتلك السلاح والكيانات المسلحة من المشاركة في الانتخابات من خلال تطبيق قانون الأحزاب، وهذا الامر من المفترض ان تكون المفوضية والقوى السياسية حريصة على تطبيقه، وان لا يكون تطبيق هذا الامر بشكل مطاطي يسمح لطرف ويقصي الاخر من خلال التضحية بأطراف صغيرة، وأيضا يشمل هذا الاجراء القوى التي تعتمد في تمويلها على المال العام، ولهذا يكون تطبيق قانون الأحزاب فيه جانب من إجراء عملية انتخابية نظيفة".
الدائرة الواحدة ضمان للتمثيل الوطني
وبين صاحب انه "على صعيد قانون الانتخابات، بالإمكان اجراء العملية ضمن القانون الموجود مع اجراء بعض التعديلات التي تعالج المشاكل في القانون، وبحسب وجهة نظر الحزب نحن نميل الى ان يكون العراق دائرة انتخابية واحدة تضمن تمثيلا عادلا لجميع القوى السياسية، وتضمن أيضا تمثيلا حقيقيا لجميع العراقيين، على العكس مما معمول به من خلال حصر العراقيين ضمن مناطق معينة"، لافتا الى انه "نعتقد ان هناك إمكانية لقبول تقسيم العراق الى 18 دائرة انتخابية، بمعنى ان تكون كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، وهذا الامر مقبول بالنسبة للحزب، ولكن اذا كان اقل من هذا قد يشكل نوعا من الصعوبة على الكيانات السياسية الصغيرة والجديدة لأنها ستواجه منافسة غير عادلة مع قوى تستثمر أموال وامكانيات الدولة من دون ان يجري محاسبتها".
وأوضح الرفيق علي صاحب، ان "الحزب يرى ان طريقة احتساب الأصوات ضمن قانون سانت ليغو يجب ان تعود الى الأصل، وان لا تقسم الأصوات على الأرقام الفردية، ويجري الان الحديث عن الذهاب الى التقسيم الاولي وفق نسبة 1.9 وهذا بصراحة سيرفع من العتبة الانتخابية ويعيق وصول الأحزاب الصغيرة والمرشحين، ويتسبب بهدر كبير في الأصوات وتمثيل غير حقيقي للمواطنين، ومن الممكن ان تستحوذ قوائم على عدد من الأصوات تضمن لها الهيمنة على أصوات الاخرين، وهذا يعد مصادرة حقيقية لإرادة العراقيين، وبالنهاية لا يوجد قانون عادل مع الجميع، لكن ما نطمح اليه ان يحقق القانون العدالة وان كانت بشكل نسبي، وضمان مشاركة واسعة في العملية الانتخابيةً. وقد لاحظنا ان انحسار المشاركة في جانب منه تتحمله قوانين الانتخابات والتي لا تحقق التمثيل الحقيقي للمواطنين وتحصره بمجموعات معينة".
بينما تروج الحكومة نجاحات كبيرة في مجال حقوق المرأة ووصفها بانها "غير مسبوقة"، يكشف الواقع عن فجوة واسعة بين هذه الادعاءات وما تعيشه النساء يومياً.
الحكومة تروج إنجازات غير مسبوقة من خلال إعلانها مبادرات عدة، لكن هذه “الإنجازات” بالنسبة لناشطات مدافعات عن حقوق المرأة، لا تتجاوز التصريحات الإعلامية، دون أي تأثير حقيقي على حياة النساء، فما زالت المرأة العراقية تواجه تحديات كبيرة في مجالات التعليم، العمل، المشاركة السياسية، والصحة.
معطيات عن واقع المرأة
على مستوى التعليم تشير الإحصائيات إلى أن نسبة النساء الملتحقات بالتعليم في العراق قد بلغت 80 في المائة في التعليم الابتدائي، ولكن هذه النسبة تنخفض في مراحل التعليم الأعلى، حيث تبلغ نسبة الإناث في التعليم الجامعي 40 في المائة فقط.
وفيما يخص العمل فبحسب تقرير البنك الدولي، فإن نسبة النساء العاملات في العراق لا تتجاوز 14 في المائة من إجمالي القوى العاملة، ويواجهن تحديات كبيرة في التوظيف بسبب القوانين التقليدية ومحدودية الفرص.
اما عن المشاركة السياسية فتظل النساء في العراق غائبات عن مواقع اتخاذ القرار. ووفقاً لمؤشر التمكين السياسي للمرأة، فإن نسبة تمثيل النساء في البرلمان العراقي لا تتجاوز 25 في المائة، مما يحد من تأثيرهن في رسم السياسات العامة.
والحال لا يختلف بالنسبة للصحة فنسبة وفيات الأمهات في العراق لا تزال مرتفعة، حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدل الوفيات يبلغ 50 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية، وهو ضعف المتوسط العالمي.
وفي عام 2024، شهد تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يتناقض مع حقوق النساء، على اساس طائفي، قضم حقوقهن ومكتسباتهن القانونية.
وفي ما يخص التوظيف فقد أظهرت التقارير أن النساء لا يمثلن سوى 10 في المائة من التوظيفات في القطاع الخاص، حيث لا تتيح بيئة العمل فرصاً عادلة للمرأة.
ووفقاً لدراسة أجرتها وزارة الصحة، ارتفعت حالات الإصابة بالاكتئاب بين النساء بنسبة 15 في المائة نتيجة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية.
ويرى معنيون، انه خلال هذه المعطيات، يظهر بوضوح أن الحكومة لم تحقق تقدماً ملموساً في مجال حقوق المرأة، وأن الادعاءات الحكومية تتناقض مع الواقع الذي تعيشه النساء في العراق.
الأسوأ في سجل حقوق النساء
في هذا الصدد، انتقدت المدافعة عن حقوق الإنسان، رؤى خلف، أداء الحكومة الحالية، معتبرة أنها “الأسوأ على صعيد حقوق النساء”، لا سيما مع تعديل قانون الأحوال الشخصية، التي قالت إنها “قوضت المكتسبات القانونية للمرأة، وأعادت تكريس الطائفية”.
وأضافت أن “الإنجازات التي يتحدث عنها السوداني لا تتعدى المؤتمرات وتشكيل لجان غير واضحة الأهداف والرؤية والنتائج، ولا تنعكس بأي شكل إيجابي على واقع النساء”.
وشددت خلف في حديثها مع "طريق الشعب"، على أن “أي منجز حقيقي يجب أن يُقاس بمؤشرات واضحة، مثل تحسين فرص التعليم والعمل للنساء، وتعزيز حصولهن على الخدمات الصحية، فضلاً عن دورهن الفعلي في صناعة القرار وتبوؤ المناصب السيادية، بعيداً عن الأدوار الشكلية والاستشارية التي لا تُحدث تغييراً حقيقياً”.
وأكدت أن الحكومة شهدت “تراجعاً غير مسبوق” في حقوق النساء، مضيفة: “حتى الحكومات السابقة، ورغم عدم استجابتها لمطالبنا، لم تصل إلى حد إقرار تعديلات تعزز العنف وزواج القاصرات والاغتصاب والطائفية، كما حدث مع محاولات تعديل قانون الأحوال الشخصية”.
تناقض مع الواقع
من جهتها، انتقدت الناشطة أمل كباشي ادعاءات الحكومة بشأن تحقيق إنجازات غير مسبوقة للمرأة، مؤكدة أن الواقع يعكس تراجعًا مستمرًا في مستوى الحقوق والتأثير السياسي للنساء.
وقالت، إن “الحديث عن تقدم وضع المرأة يتناقض مع المعطيات الفعلية، فالاهتمام بالمرأة وتحسين واقعها لا يتعدى عن سياسات غير قابلة للتطبيق لعدم توفر الإرادة السياسية الصادقة والموارد اللازمة".
واضافت كباشي في حديثها لـ "طريق الشعب"، ان هناك "تناقضاً واضحاً في تراجعات السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، في العمل الجاد لتحسين واقع النساء وتشريع القوانين المنصفة التي تحد من تأثير التمييز وعدم المساواة والعنف ضد النساء".
ولفتت الى ان "الارادة السياسية هي اهم تحد يواجه النساء، اضافة الى ان الهيمنة الذكورية على القرار، ساهمت في استبعاد النساء واضعاف ادوارهن عن المشاركة السياسية الفاعلة في تعزيز الامن والسلام".
واشرت في سياق حديثها "تراجعا واضحا في التمكين الاقتصادي للمرأة وفرض وهيمنة الأعراف على قدرتها على التمتع بالحقوق والحريات كالقدرة على العمل او التعليم".
وأضافت أن “تمثيل المرأة في الحكومة الحالية لا يعد مؤشرًا على وجود قوة نسوية حقيقية، فرغم تعيين ثلاث وزيرات، إلا أنهن لا يمتلكن الوعي الكافي بقضايا المرأة وحقوقها”، مشيرةً إلى أن “إطلاق المجلس الأعلى لشؤون المرأة ظل مجرد إجراء شكلي، دون أن يكون له تأثير ملموس على أرض الواقع”.
وأكدت كباشي أن “الإنجازات التي تتحدث عنها الحكومة لا تتوافق مع الواقع، حيث لا تزال المرأة تعاني من تراجع اقتصادي وقضم مستمر لحقوقها، في ظل سياسات لا توفر أية حلول جادة للنهوض بواقع المرأة في العراق”.
انجازات غير واقعية
وضمن السياق، اعتبرت المحامية مروة عبد الرضا أن الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، خاصة بعد طرح تعديل قانون الأحوال الشخصية، دفع الحكومة إلى “الترويج لإنجازات غير واقعية”، بهدف تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي.
وقالت مروة في حديث لـ "طريق الشعب"، إن “الحكومة أعلنت عن تشكيل فريق من 5000 امرأة للعمل على قضايا النساء، بالإضافة إلى خمس مبادرات أخرى، دون أن يكون هناك وضوح حول مدى جدية هذه الخطوات أو استكمالها فعلياً”.
وأضافت عبد الرضا أن "هذه التحركات جاءت كرد فعل على الإحراج الذي تسبب به مجلس النواب للحكومة، ليس فقط من خلال تعديل قانون الأحوال الشخصية، بل أيضاً بسبب لجنة المرأة النيابية وسوء إدارتها لقضايا النساء".
وأشارت إلى أن “هذا الصراع دفع الحكومة للإعلان عن إنجازات قد لا تكون موجودة على أرض الواقع”، موضحة أن “الواقع الفعلي يظهر أن هناك تعديلات قانونية تتعارض مع حقوق النساء، وأن لجنة المرأة النيابية ذاتها تساهم في تقييد هذه الحقوق بدلاً من الدفاع عنها”.
وأضافت المحامية، أن “الحديث عن تمكين المرأة يجب أن يستند إلى مؤشرات حقيقية، مثل عدد الوزيرات والمديرات العامات، وفرص العمل المتاحة للنساء، وتحسين بيئة العمل لهن”، مشددة على أن “الحكومة الحالية لم تحقق أي تقدم ملموس في هذه الملفات، كما هو الحال مع الحكومات السابقة، وإن مجلس النواب كان الأسوأ في تعامله مع قضايا المرأة”.