شهدت محافظات البصرة والمثنى والسليمانية تصعيداً في الاحتجاجات، حيث طالب عاملون بصريون في حقول نفطية بمنحهم عقودا وزارية، بينما رفض مواطنون من أهالي السماوة بعدم نصب برج اتصالات قرب منازلهم، خوفا من تعرضهم لأمراض خطرة.
فيما دعا معلمون وموظفون في السليمانية إلى تظاهرة واسعة، يوم غد، احتجاجاً على تأخر الرواتب لأكثر من 40 يوماً، وسط استياء من غياب الحلول الحكومية.
عاملون يطالبون بعقود وزارية
ونظم عدد من الكوادر العاملة في مشروع الـ FCC النفطي في البصرة، وقفة احتجاجية، امس من أمام شركة مصافي الجنوب، مطالبين بتحويلهم إلى عقود وزارية على الملاك الدائم وتضمينهم في الموازنة.
وقال العاملون المحتجون، أنهم قد عملوا في مشروع الـ FCC النفطي في البصرة لسنوات متفاوتة من 2 الى 4 سنوات، ومنهم من عمل منذ وضع الحجر الأساس للمشروع، الا انه شارف على الإنجاز وتم تسلميه الى مصافي الجنوب كونها الجهة المستفيدة بذلك، مشيرين الى ان هناك "جهات متنفذة عملت على تشغيل أشخاص لم يعملوا في المشروع إطلاقا".
وطالب المحتجون، الذين قطعت عنهم القوات الأمنية الماء "بتحويلهم الى عقود وزارية".
وقال أحد المتظاهرين إن "العمل في هذا المشروع لم يكن سهلاً، وقدّمنا فيه جهدًا وتضحيات على مدى سنوات، لكننا اليوم نُقابل بالتهميش وكأننا لا ننتمي لهذا القطاع"، مضيفًا بالقول "نرفض أن نُستغل كورقة انتخابية، ونطالب بتحويلنا إلى عقود وزارية رسمية، تضمن لنا الاستقرار المهني والمعيشي، بدلًا من البقاء كأرقام هامشية في سجلات الشركات".
وأكد أن "تحركهم جاء بعد أكثر من خمسة أشهر من المماطلة الرسمية، وسط تجاهل حكومي وصمت برلماني، رغم أن المشروع الذي يعملون فيه يُعد من المشاريع الحيوية في القطاع النفطي".
وشدد المتظاهرون على أن احتجاجاتهم لن تتوقف، مؤكدين عزمهم على مواصلة التصعيد حتى يتم إنصافهم بشكل كامل، وتحقيق المطالب التي وصفوها بـ"المشروعة والمتجاهلة من المعنيين".
تجمع احتجاجي في السماوة
فيما نظم مواطنون من سكان منطقة أبو چويلانة قرب السماوة، مركز محافظة المثنى، وقفة احتجاجية مطالبين بعدم تصب برج اتصالات بالقرب من منازلهم بعد نقله من منطقة أخرى.
وقال المحتجون، ان مطلبهم هو عدم نصب هذا البرج خوفا من تأثيره عليهم، مشيرين إلى أنهم قدموا طلبات للحكومة المحلية لإيقاف هذه الإجراءات، تجنيا لأي إثر بيئي على المنطقة.
السليمانية.. معلمون وموظفون يطالبون برواتبهم
وأعلن معلمون وموظفون حكوميون في محافظة السليمانية، عزمهم تنظيم تظاهرة واسعة في مركز المحافظة، احتجاجاً على تأخر صرف الرواتب، مطالبين الكتل السياسية المعارضة بموقف موحد وفعّال بعيداً عن التصريحات الإعلامية.
وخلال مؤتمر صحفي نُظّم في السليمانية، دعا ممثلو المعلمين الغاضبين شرائح المجتمع والمعارضة السياسية كافة، إلى المشاركة في التظاهرة المرتقبة التي ستُنظم يوم غد الأربعاء، للمطالبة بصرف الرواتب المتأخرة.
وقال نجم الدين محمد، ممثل المعلمين خلال المؤتمر، إن "مرور أكثر من 40 يوماً على تأخر صرف الرواتب دون أي بوادر للحل دفع إلى إعلان التظاهر، ومطالبة الحكومة إما بصرف الرواتب كاملة، أو إرسال أرقام الحسابات إلى بغداد لتتولى هي عملية التحويل بشكل مباشر".
وأضاف أن "الوضع المعيشي لكافة الموظفين والمعلمين وصل إلى مرحلة خطيرة، بسبب التراكم المستمر في تأخير الرواتب، في ظل غياب أي بوادر جدية لمعالجة الأزمة".
بينما تتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، الناتجة عن فشل المنظومة الحاكمة في تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، تتعزز حالة الرفض الشعبي لهذه المنظومة، وتفرز أشكالا مختلفة من الحراك الاحتجاجي في جميع مناطق البلاد ومختلف القطاعات، بعد أن أخذ الوعي السياسي لدى شرائح المجتمع يدفع بعجلة التغيير الجذري الى أمام، باتجاه دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية. ومنذ تولي الحكومة الحالية مسؤولية إدارة البلد، يتنامى لدى المواطنين الشعور بالظلم، نتيجة لتراجع مستوى الخدمات الأساسية، وضعف البنية التحتية، وغياب مبدأ تكافؤ الفرص.
تظاهرة غاضبة تستقبل السوداني في بابل
وشهدت ناحية المدحتية، جنوبي محافظة بابل، أمس الأربعاء، توتراً أمنياً بالتزامن مع زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني لافتتاح مشروع جديد تابع لاحدى الشركات الأهلية في المنطقة، حيث منعت قوات مكافحة الشغب عشرات المتظاهرين الغاضبين من الاقتراب من معمل السكر العائد لشركة الاتحاد.
وجاءت التظاهرات احتجاجاً على تردي الواقع الخدمي في الناحية، إذ عبّر المتظاهرون عن استيائهم من غياب مشاريع البُنى التحتية الأساسية واستمرار معاناتهم من نقص الكهرباء والمياه والخدمات الصحية والتعليمية.
وأشار المحتجون، إلى أن المناطق المهمّشة بحاجة إلى التفاتة حكومية حقيقية، مطالبين بترجمة الوعود الرسمية إلى خطوات ملموسة تنعكس على حياتهم اليومية، بدلاً من التركيز على مشاريع لا تمس احتياجاتهم الفعلية.
تظاهرة فلاحية في المثنى
تظاهر مزارعون في محافظة المثنى، امس الأول الثلاثاء، أمام سايلو السماوة، احتجاجا على عدم صرف جزء فقط من مستحقاتهم المالية الخاصة بتسويق المحاصيل بالكامل.
وقال عدد من المحتجين، إن مطالبهم تشمل الإسراع بصرف المستحقات المتأخرة، مؤكدين أن تأخير صرف الأموال من قبل وزارتي المالية والتجارة يؤثر بشكل مباشر على أوضاعهم المعيشية، وتحضيراتهم للموسم الزراعي المقبل.
ديالى.. مجلس عزاء على الحنطة
ونظم مجموعة من فلاحي قرى قولاي في قضاء خانقين التابع لمحافظة ديالى، وقفة احتجاجية مطالبين بشمول أراضيهم في خطة تسويق الحنطة للأراضي خارج الخطة الزراعية.
وقال المزارعون، ان الحنطة مكدسة لديهم وعليهم ديون تصل عشرات الملايين. فيما أكد قائمقام القضاء، وجود 40 ألف طن من الحنطة خارج الخطة في خانقين وضواحيها، مبيناً أن المحافظة رفعت كتاباً لوزارة الزراعة والأمر متروك لرئيس الوزراء.
وقال إياد عامر، أحد المزارعين المتظاهرين: "نحن مجموعة من الفلاحين المتظاهرين نطالب بتسويق محصول الحنطة وشمولنا بالخطة التسويقية أسوة بالمحافظات الأخرى".
وأضاف ان محافظة ديالى هي "أقل المحافظات العراقية شمولاً بالخطة التسويقية، فقد تم شمول المحافظات الأخرى التي خارج الخطة الزراعية إلا محافظتنا لم تشمل بالخطة الخارجية"، مشيرا الى "لدينا حوالي 34 ألف طن الآن لم يوافق عليها مدير التسويق، أما الأراضي خارج الخطة فهي غير مجددة وهذا ليس ذنب الفلاح لأن الأراضي تعود إلى الأجداد، أما الأغلب فهي عقود مادة 140 لم تجدد، والخطة هذه السنة لم تشمل مادة 140".
وناشد أبو قيس العسكري، وهو احد المحتجين، "رئيس الوزراء ووزيري التجارة والزراعة وكل المسؤولين في ديالى أن تحل هذه المشكلة".
فيما قال جواد فيض الله قائمقام خانقين، ان "فلاحي قرى قولاي يطالبون بشمولهم بتسويق الحنطة خارج الخطة الزراعية، فكل عام تضع وزارتا الزراعة والتجارة خطة لشراء الحنطة من الفلاحين الذي لديهم عقود رسمية؛ ففي خانقين يوجد 40 ألف طن من الحنطة خارج الخطة، وقد تم رفع كتاب إلى محافظ ديالى، ثم من محافظ ديالى إلى وزارة الزراعة والأمر الآن بيد رئيس الوزراء".
شهدت مناطق مختلفة من العراق، موجة احتجاجات شعبية متفرقة، شملت محافظات ديالى والمثنى والسليمانية، رفع فيها المواطنون مطالب تتعلق بتدهور الخدمات الأساسية وتأخر صرف الرواتب، وسط غياب الحلول الحكومية.
ديالى
ففي ناحية العظيم شمالي محافظة ديالى، نظّم العشرات من المواطنين تظاهرة سلمية مطالبين بتحسين واقع الخدمات، وعلى رأسها الكهرباء والماء. ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بتغيير مديري دائرتي الكهرباء والماء في الناحية، وخفض أجور الكهرباء التي وصفوها بالمرهقة مقارنةً بسوء الخدمة.
وقال أحمد جاسم، أحد منظمي التظاهرة، إن المتظاهرين طرحوا خمسة مطالب رئيسية، في مقدمتها استبدال مدراء الدوائر الخدمية بسبب ضعف أدائهم وتجاهلهم لمتطلبات السكان. وأضاف أن المطالب تضمنت أيضاً إعادة النظر في فواتير الكهرباء وتحقيق العدالة في توزيع الطاقة، وتأمين مياه صالحة للاستخدام، بالإضافة إلى شمول المناطق الزراعية ضمن خطة تسويق محصول الحنطة لهذا الموسم.
وأوضح جاسم أن المطلب الخامس تمثّل في الدعوة إلى إنصاف ناحية العظيم في المشاريع الخدمية أسوة ببقية الوحدات الإدارية، مشيراً إلى أن الناحية تُعد من المناطق الزراعية الحيوية وتشكل دعامة للأمن الغذائي في البلاد.
وأكدت مصادر محلية أن الإدارة المحلية تسلمت المطالب، وتعهدت برفعها إلى الجهات المعنية لمتابعتها ضمن الصلاحيات المتاحة.
المثنى
أما في قضاء الوركاء بمحافظة المثنى، فقد تظاهر العشرات من أهالي مناطق آل جريب أمام مبنى القائممقامية، احتجاجاً على استمرار تردي خدمة الكهرباء. وعبّر المحتجون عن استيائهم من تكرار الأزمة منذ سنوات، خاصة مع تزايد درجات الحرارة، دون أية حلول ملموسة من قبل الجهات المعنية.
وطالب المتظاهرون الحكومة المحلية والدوائر المختصة بإجراءات فورية لتحسين واقع الكهرباء، منددين بما وصفوه بـ"الإهمال المزمن" الذي تعاني منه مناطقهم، مؤكدين أن استمرار الأزمة يؤثر على حياتهم اليومية بشكل مباشر.
السليمانية
وفي محافظة السليمانية، تواصل إضراب موظفي دوائر كتاب العدل لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاً على تأخر صرف الرواتب منذ عدة أشهر، ما تسبب بشلل واسع في مؤسسات حكومية أخرى، شمل دوائر التقاعد والضريبة والمرور، بالإضافة إلى قطاعات الكهرباء والصحة والتعليم.
ويترقب الموظفون في إقليم كردستان نتائج الجلسة الخاصة التي تعقدها المحكمة الاتحادية العليا اليوم الثلاثاء لبحث أزمة الرواتب، وسط تزايد الضغوط على الجهات المعنية لإيجاد حلول عاجلة تنهي معاناة آلاف الموظفين في القطاع العام، الذين باتوا يواجهون ظروفاً معيشية صعبة نتيجة انقطاع المرتبات.
وتعكس هذه الاحتجاجات المتزامنة تزايد الاحتقان الشعبي في عدد من المحافظات نتيجة تراكم الأزمات الخدمية والمعيشية، في ظل ضعف الاستجابة الحكومية للنداءات المتكررة من المواطنين.
من جانب اخر، تظاهر عشرات المواطنين العراقيين، امس الإثنين، أمام مبنى السفارة العراقية في العاصمة اللبنانية بيروت، على خلفية التطورات الإقليمية والتصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، والذي ألحق اضطرابات واسعة في حركة الطيران والملاحة البرية والجوية في المنطقة.
وردد المتظاهرون، ومعظمهم من العائلات العراقية المقيمة مؤقتاً في لبنان أو العالقين لأسباب طبية وسياحية، هتافات تطالب الحكومة العراقية بالتدخل العاجل لتأمين ممرات آمنة لعودتهم إلى بلادهم، عبر الأردن أو تركيا، مشيرين إلى أن الخيار البري الوحيد المتاح حالياً عبر الأراضي السورية "غير آمن"، في ظل التوترات الأمنية ومخاطر الطريق الممتد بين الحدود اللبنانية والداخل العراقي.
شهدت محافظات عدة موجة احتجاجات شعبية متصاعدة، عكست عمق الأزمات الخدمية والمعيشية التي يعاني منها المواطنون منذ سنوات، وسط اتهامات واضحة للسلطات بالتقصير والتهميش المتعمد.
الهارثة وسلسلة مطالب مشروعة
وفي شمال محافظة البصرة، عاد الحراك الشعبي مجددًا إلى قضاء الهارثة، حيث خرج المواطنون احتجاجًا على الواقع الخدمي المتردي الذي يرزح تحته القضاء منذ سنوات طويلة.
ووصف الأستاذ الجامعي محمد الياسري الوضع في الهارثة بأنه "تاريخ طويل من التهميش المزمن ونقص حاد في الخدمات الأساسية"، مشيرًا إلى تلوث مياه الشرب، تهالك الشوارع، وتراجع التعليم بسبب قلة المدارس وضعف مستواها.
وأكد الياسري، أن المرافق الحيوية تُركت دون رعاية حكومية، وأن المؤسسات الصحية تعاني نقصًا في الإمكانات، بينما تُركز الموارد المالية في مركز المحافظة على حساب الأقضية الأخرى.
فيما عدّ الناشط عمار عبد الحي، أحد منظمي الحراك، مبررات الحكومة المحلية بأنها "غير مقبولة"، في إشارة إلى تبريرها عدم تنفيذ مشاريع خدمية في الهارثة بدعوى كون أراضيها زراعية أو تابعة للنفط.
وطالب عبد الحي بإصدار وثائق رسمية تعكس التزامات حقيقية، متحدثًا عن "تمييز واضح" لصالح أقضية قريبة من مركز المحافظة مثل أبي الخصيب.
وشملت مطالب المحتجين في الهارثة: الإسراع بافتتاح مستشفى القضاء العام، تأهيل المراكز الصحية، تفعيل خطوط الإسعاف الأولية، استكمال الترتيبات الإدارية، وتفعيل مكتب التشغيل لتوفير فرص عمل. كما دعوا إلى تبليط وتوسعة شارع بغداد لفك العزلة عن القضاء وتحسين المعيشة.
خريجو التخصصات الهندسية والنفطية
في السياق ذاته، تظاهر العشرات من خريجي الأقسام الهندسية والنفطية والجيولوجيين أمام شركة نفط البصرة في موقع "المكينة"، للمطالبة بالتوظيف ضمن العقود الوزارية لشركات النفط. وأكد المتظاهرون استمرار حراكهم لليوم الثالث على التوالي، مشددين على أن مطالبهم قانونية ومشروعة، وأنهم قادرون على تطوير القطاع النفطي العراقي، فيما أكدوا عزمهم الاستمرار في الاحتجاج حتى تحقيق المطالب.
المثنى: الخدمات غائبة
وفي محافظة المثنى، تظاهر العشرات من سكان المناطق الواقعة بين مدينة السماوة وقضاء الخضر أمام مبنى مجلس المحافظة، احتجاجًا على تدهور الخدمات الأساسية، وخصوصًا الكهرباء، ومياه الإسالة، والطرق المهملة منذ سنوات.
وقال مشاركون، إن تدهور الخدمات أضرّ بحياتهم اليومية، لا سيما في ظل الارتفاع الحاد بدرجات الحرارة ونقص مياه الشرب، مهددين بتصعيد الحراك الشعبي في حال استمرار التجاهل الرسمي.
كما شهد الطريق العام جنوب المحافظة تظاهرات مماثلة لسكان القرى المجاورة، عبروا فيها عن استيائهم من تجاهل مطالبهم السابقة، مؤكدين استعدادهم للاستمرار في التصعيد.
وفي منطقة آل عزام جنوب المثنى، نظّم مواطنون وقفة احتجاجية قرب محطة ضخ النفط PS2، مطالبين بشمول منطقتهم بمشاريع المنافع الاجتماعية للنشاط النفطي، وتوفير فرص عمل لأبنائهم وتنفيذ مشاريع خدمية، محذرين من استمرار التهميش.
احتجاجات سائقي الشاحنات
أما في شمال البلاد، فقد أقدم مئات من سائقي الشاحنات على غلق طريق دهوك – الموصل عند سيطرة سد الموصل، احتجاجًا على إيقاف إجراءات الترسيم الجمركي لعجلاتهم، ما تسبب في شلل جزئي بحركة المرور.
المحتجون استخدموا شاحناتهم والحجارة لإغلاق الطريق، احتجاجًا على توقف العمل بترسيم العجلات من قبل إدارة النقطة الكمركية، بانتظار تعليمات جديدة حول التعريفة، الأمر الذي أدى إلى منع مرور المركبات والمسافرين، وتطلب تدخل القوات الأمنية لفتح الطريق.
السليمانية: إضراب بسبب الرواتب
وفي إقليم كردستان، دخل عدد من موظفي المؤسسات الحكومية في السليمانية بإضراب مفتوح احتجاجًا على تأخر صرف الرواتب، في خطوة تصعيدية تسلط الضوء على الأزمة المالية الحادة في الإقليم.
وشمل الإضراب موظفين في مديريات المياه والبلدية وجامعة السليمانية، مؤكدين أنهم يعانون من ضائقة معيشية خانقة، ومتهمين الحكومة بعدم الوفاء بوعودها. وهددوا باستمرار الإضرابات في حال عدم معالجة الأزمة.
كما نظم عدد من الأطباء غير المعينين تظاهرة أمام مديرية الصحة العامة في السليمانية، مطالبين بتعيينهم ورفض الإجراءات العقابية ضد زملائهم الذين امتنعوا عن الدوام.
وأكد الطبيب سيفر قادر، أن نحو 788 طبيبًا خريجًا لم يتم تعيينهم رغم حاجة المؤسسات الصحية إليهم، مطالبًا بإنهاء حالة اللامبالاة والتمييع في الملف الصحي.
وفي أربيل وسوران، أعلن الأطباء المقيمون مقاطعتهم للدوام احتجاجًا على تغيير نظام التصنيف الطبي وعدم تعيين الأطباء الجدد. ووجهوا بيانًا إلى مجلس الوزراء، حمّلوا فيه وزارة الصحة مسؤولية تدهور الأوضاع الصحية، محذرين من تداعيات الإهمال المستمر لمطالبهم القانونية.
المشهد العراقي الراهن يكشف تصاعد الاحتجاجات في أكثر من محافظة، يجمعها قاسم مشترك هو التدهور الخدمي، والتمييز بين المناطق، وتأخر الحقوق المالية، وسط صمت رسمي وغياب حلول جذرية. ويبدو أن الرسالة الشعبية باتت واضحة: الكيل قد طفح، والمطالب لم تعد قابلة للتأجيل.
سلسلة من التظاهرات الواسعة والمتزامنة، اجتاحت عددا من المحافظات، خلال اليومين الماضيين، والتي نظّمها مزارعون، مهندسون، تربويون، وأطباء، احتجاجًا على سوء الأوضاع الخدمية والمعيشية، وتأخر صرف المستحقات، واستمرار التهميش.
وينذر التجاهل الحكومي وغياب المعالجات الجدية بتصاعد الحراك في حال عدم الاستجابة لمطالب المحتجين.
احتجاجات المزارعين في النجف
وفي محافظة النجف، تظاهر مزارعون وفلاحون من ست محافظات (النجف، كربلاء، الديوانية، السماوة، واسط، والناصرية)، مطالبين بصرف مستحقاتهم المالية وتعويض الأضرار الزراعية التي لحقت بمحاصيلهم نتيجة السيول والبرد خلال الأعوام الماضية.
وطالب المحتجون الحكومة والجهات المعنية بـ"إنصافهم وإنقاذ القطاع الزراعي من التدهور"، ورفعوا مطالب تشمل صرف مستحقات محصولي الحنطة والشلب لعام 2024 نقدًا وبدون تأخير، وإعفاء الفلاحين من القروض الزراعية أو تأجيلها بما يتناسب مع الواقع الزراعي الحالي. كما شددوا على أهمية ضمان الحصص المائية العادلة، ومحاسبة المقصرين في إدارتها، إضافة إلى حسم مصير الزراعة الصيفية في المناطق الشلبية، والاستعداد المبكر للموسم الشتوي.
وجاء في بيان المتظاهرين: "لسنا هنا للشكوى فقط، بل للمطالبة بحقوقنا المشروعة التي يكفلها الدستور، ويقر بها المنطق، ويعترف بها الضمير. إن لم تُحقق هذه المطالب، فإننا نعلن عن خطوات تصعيدية ضمن الأطر القانونية والدستورية".
وأكد المحتجون، أن هذه الوقفة تمثل دفاعًا عن كرامة الفلاح العراقي الذي يعاني، بحسب وصفهم، من "سنوات طويلة من الإهمال والتهميش"، رغم دوره الحيوي في دعم الأمن الغذائي للبلاد.
مهندسو البصرة ينددون بالعنف
وفي محافظة البصرة، نظم عدد من المهندسين والجيولوجيين وقفة احتجاجية أمام مبنى شركة نفط البصرة، تضامنًا مع زملائهم الذين تعرضوا للاعتداء من قبل قوات حفظ النظام خلال تظاهرة سابقة، مطالبين بضمان حقوقهم وتحسين بيئة العمل في المناطق النفطية، خصوصًا شمال البصرة.
ورفع المحتجون لافتات تندد بـ"العنف ضد التظاهرات السلمية"، واعتبروا ما جرى "انتهاكًا واضحًا لحق التعبير والاحتجاج المشروع"، داعين وزارة النفط إلى اتخاذ خطوات فورية لإنصاف الكفاءات الفنية.
وقال مرتضى حافظ، ممثل عن المتظاهرين ان "وقفتنا لمساندة إخواننا المهندسين الذين تعرضوا للضرب من قبل قوات حفظ النظام بسبب تظاهرهم السلمي"، مطالبا وزير النفط بـ"إلقاء نظرة جادة على شريحة المهندسين والجيولوجيين، وخصوصاً في شمال البصرة، حيث يعيشون وسط بحيرات من النفط، لكن حصتهم الوحيدة هي الأمراض السرطانية والتلوث البيئي".
وانتقد حافظ عدم تطبيق قانون التوظيف الذي ينص على أن تكون نسبة العمالة في الحقول النفطية 80% محلية، مؤكدًا أن أبناء البصرة "محرومون من فرص العمل في شركات النفط رغم قربهم من مواقع الإنتاج".
أضرار بيئية وصحية
وفي السياق ذاته، قال المتظاهر محمد مطر: "مطالبتنا اليوم هي الإنصاف. أكملت 18 عامًا من الدراسة خارج البصرة، وعندما عدت لمحافظتي بدأت أعاني من الفشل الكلوي والتلوث، خصوصًا في شمال البصرة، حيث نستنشق السموم يوميًا. لماذا هذا التهميش؟".
ويعاني سكان شمال البصرة من أضرار بيئية وصحية خطيرة ناجمة عن مجاورتهم للحقول النفطية، مع تسجيل ارتفاعات ملحوظة في معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة، وسط مطالبات بتدخل حكومي عاجل لمعالجة الوضع.
3 تظاهرات في المثنى
وشهدت محافظة المثنى حراكًا شعبيًا وخدميًا واسعًا تمثل في اقامة ثلاث تظاهرات متزامنة نظمها مواطنون وكوادر تربوية وأهالي في قضاءي الوركاء والخضر ومدينة السماوة، مطالبين بتحسين الخدمات الأساسية واستحقاقاتهم القانونية.
وفي قضاء الوركاء، احتج العشرات أمام دائرة الكهرباء، مطالبين بتحسين واقع الطاقة الكهربائية، وشكوا ضعف الفولتية وقلة ساعات التجهيز، ما انعكس سلبًا على حياتهم اليومية، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة.
وأكد المحتجون، أن التظاهرات ستستمر لحين تحقيق المطالب، داعين إلى عدالة توزيع مشاريع الكهرباء داخل المحافظة وعدم تهميش مناطقهم.
وفي قضاء الخضر، نظم عدد من الكوادر التربوية وقفة احتجاجية للمطالبة بتخصيص قطع أراضٍ سكنية لهم، ضمن استحقاقاتهم القانونية والوظيفية، وأكدوا أن مطالبهم ليست جديدة، بل استكمال لتحركات سابقة تطالب بآليات واضحة لتوزيع الأراضي أسوة بزملائهم في أقضية أخرى.
الاستثمارات تهدد منازل المواطنين!
أما في حي الكفاءات وسط السماوة، فقد نظّم العشرات وقفة احتجاجية أمام أحد المجمعات السكنية، رفضًا لاستمرار أعمال مشروع يهدد بإزالة منازلهم القائمة منذ ثمانينيات القرن الماضي، رغم صدور قرار رسمي من مجلس الوزراء بتمليكها للسكان.
ورفع المحتجون لافتات تندد بـ"تجاهل المستثمر للقرارات الحكومية"، مؤكدين أن البلدية استلمت معاملاتهم، لكن المشروع لا يزال يتمدد على حساب أراضيهم.
وقال حيدر منصور، أحد المتضررين: "نسكن هذه المنطقة منذ أكثر من 15 أو 20 سنة، واليوم يريدون إزالة منازلنا رغم قرارات الدولة بتمليكها لنا. هذا ظلم، فنحن أصحاب عوائل ولسنا متجاوزين".
بدوره، أوضح عباس كريم أن المستثمر يحاول فتح شارع داخل المشروع على حساب منازلهم، مشيرًا إلى أن الجهات الرسمية لم تُخطر السكان رسميًا، فيما تم تأشير بعض المنازل للهدم دون علمهم.
أما ثائر محسن، أحد سكان الحي منذ السبعينيات، فأكد أن المستثمر الذي جاء قبل 6 أشهر فقط "يحاول تشريدنا دون حتى عقد اجتماع معنا أو مع البلدية، والشخص الذي أشار إلى منازلنا بالهدم لا تعرفه الجهات الرسمية".
وفي مدينة السليمانية، نظّم عدد من الأطباء غير المعيّنين وقفة احتجاجية أمام مستشفى "شار"، بالتزامن مع إضراب للعاملين احتجاجًا على تأخر صرف رواتب شهر أيار، وسط تحذيرات من تدهور إضافي في القطاع الصحي.
وطالب المحتجون بتوفير تعيينات عاجلة للأطباء غير المعيّنين، وصرف الرواتب في مواعيدها، وإصلاح نظام التنسيق الطبي داخل المؤسسات، وتحديث القوانين الإدارية بما يضمن الشفافية والكفاءة، وإلغاء البيروقراطية التي تعرقل تطور القطاع الصحي.
وأكد رهيل أحمد، ممثل الأطباء المحتجين، خلال مؤتمر صحفي، أن مطالبهم "مهنية بحتة" وليست سياسية أو فئوية، داعيًا الحكومة إلى التحرك لإنهاء الأزمة المستمرة في التوظيف وتحسين بيئة العمل الطبي في الإقليم.
وشهدت أربيل أيضًا تجمعًا لعدد من الأطباء المقيمين وخريجي الكليات الطبية للمطالبة بفرص عمل وتعيينات عاجلة، في ظل أزمة خانقة تضرب القطاع الصحي في الإقليم.
وتشير موجة الاحتجاجات المتزامنة في عدة محافظات إلى تصاعد الغضب الشعبي واحتقان الفئات المتضررة من السياسات الحكومية، وسط تحذيرات من اللجوء إلى خطوات تصعيدية أكبر في حال عدم الاستجابة للمطالب.
وتلتقي مطالب المتظاهرين برغم تنوع قطاعتهم بين الزراعة، والتعليم، والطاقة، والصحة، عند نقاط مركزية أبرزها: التهميش، غياب العدالة في التوزيع، التأخير في صرف المستحقات، وانعدام التخطيط الحكومي الفاعل.