شهدت عدة محافظات خلال الأيام الماضية تصاعدًا لافتًا في حدة الاحتجاجات الشعبية، نتيجة التردي الكبير في الخدمات الأساسية لا سيما الكهرباء والماء، وغياب واضح للحلول الحكومية، ما يعكس حالة من الإحباط والغضب لدى المواطنين الذين يرزحون تحت درجات حرارة خانقة وأزمات متراكمة.
تابوت "الكهرباء" في الكوفة
في حي الفرات بقضاء الكوفة وسط مدينة النجف، خرج العشرات من الأهالي بتظاهرة احتجاجية على الانهيار المستمر في منظومة الكهرباء.
وحمل المحتجون "تابوتًا رمزيًا" يجسد "موت الكهرباء" في المحافظة، في مشهد رمزي عبّر عن حجم السخط الشعبي.
ويأتي هذا التحرك ضمن موجة غضب شعبية عارمة تضرب محافظات الجنوب ومناطق متفرقة من البلاد، منذ أكثر من أسبوع، تزامنًا مع موجة حر شديدة تقابلها خدمات كهربائية متدهورة، لا تفي بالحد الأدنى من احتياجات المواطنين.
اغلاق الطرق
وفي محافظة الديوانية، أقدم أهالي قضاء عفك على إغلاق الطريق الحيوي الرابط بين المحافظة والمحافظات الجنوبية، معربين عن استيائهم من تراجع ساعات تجهيز الكهرباء، وتردي الخدمات الأساسية، لا سيما المياه الصالحة للشرب.
وأشعل المحتجون إطارات السيارات لغلق الطريق، مطالبين بحلول عاجلة ترفع معاناتهم المستمرة، لا سيما في القرى والأطراف المحرومة.
احتجاج على حصة "الكاز"
وفي محافظة ميسان، نظم عدد من أصحاب المولدات الأهلية في مدينة العمارة، وقفة احتجاجية أمام مبنى دائرة توزيع كهرباء ميسان، احتجاجًا على قرار تقليص حصة مادة الكاز المجاني المخصص لتشغيل المولدات، بالتزامن مع تقليل سعر الأمبير وزيادة ساعات التشغيل.
وأكد المشاركون، أن الحصة الحالية البالغة 45 لترًا لكل مولدة بسعة 1 KV، لا تكفي لتغطية التشغيل لمدة 12 ساعة يوميًا، ومع ذلك يتحملون تبعات نقص الوقود دون دعم حكومي أو تعويض.
وأشاروا إلى توجه جديد لتقليص الحصة إلى 30 لترًا، مع اقتصار التسليم على مرتين شهريًا من مستودعات بعيدة، ما يشكل عبئًا إضافيًا.
المحتجون حذروا من أن النقص في الوقود قد يؤدي إلى تعطل المولدات وتوقفها، ما يجعلهم عرضة للمساءلة من الجهات الرقابية دون توفير بدائل أو حلول، وهو ما يعمّق الأزمات التي يعيشها المواطن.
مشاريع تجارية
وفي محافظة البصرة، شهد حي الرضا وقفة احتجاجية شارك فيها العشرات رفضًا لمشروع تجاري يُخطط له على الجزرة الوسطية المحاذية لشارع شركة نفط البصرة، حيث يسعى شخص مجهول الهوية إلى إقامة محال تجارية في الموقع.
السكان أعربوا عن استغرابهم من استهداف الموقع الذي كانوا يأملون أن يتحول إلى متنفس أخضر، كما هو الحال في مناطق أخرى.
وحذر بعضهم من وجود أنابيب نفطية مدفونة في الأرض، داعين إلى تحقيق قانوني وهندسي عاجل لمعرفة صلاحية الأرض للبناء وكشف الجهات التي تقف خلف المشروع.
أزمة مياه خانقة
وفي شمال البصرة، خرج العشرات من أهالي قضاء الصادق في وقفة احتجاجية حاشدة ضد أزمة المياه وتوقف مشاريع الإسالة، مطالبين الحكومة بالتدخل خلال 48 ساعة، وإلا سيقومون بإغلاق محطة حقن الماء التابعة لحقل غرب القرنة 1.
وكشف علاء المنصوري، ممثل حراك الصادق الشعبي، عن تلوث مياه الإسالة في منطقة الرحمانية، بسبب كتلة مائية مجهولة المصدر في نهر الفرات، فيما لا تفي الحوضيات التابعة لوزارة النفط بحاجة السكان حتى لمياه الغسل.
وحمّل المتظاهر علي عبد النبي الحكومة مسؤولية التردي، متسائلًا بغضب: "هل نحن مهجرون؟ هل نحن في قطاع غزة؟ خمس حوضيات تنقل ماء غير صالح حتى للغسل لمناطق نفطية؟ أين المسؤولون من هذه المأساة؟".
"الدسيم" تطالب بالحقوق
وفي العاصمة بغداد، تظاهر العشرات من سكان منطقة الدسيم بمدينة الصدر، احتجاجًا على تدهور أوضاعهم المعيشية والخدمية. السكان اشتكوا من قلة الكهرباء، وتراكم النفايات، وغياب شبكة المجاري، ما تسبب في انتشار روائح كريهة وتفشي الأمراض.
ويعتمد سكان المنطقة على مدرسة كرفانية واحدة بنظام الدوام الثلاثي، وسط غياب شبه تام للمراكز الصحية والماء الصالح للاستخدام.
وأشار علي موري، أحد السكان، إلى زيارة محافظ بغداد السابقة دون أي نتائج.
وتساءل عن سبب تجاهل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمنطقتهم خلال زيارته الأخيرة.
جبار المحمداوي أشار إلى رداءة المياه القادمة من مضخات قريبة، مؤكدًا أن لا وجود لمراكز صحية. أما كريم حمدان فقد أكد أن غالبية سكان المنطقة من عوائل الشهداء من القوات الأمنية والحشد الشعبي، متسائلًا: "هل هذه مكافأتنا؟".
في ختام تظاهراتهم، أكد المحتجون في مختلف المناطق أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم، ملوحين بتصعيد الاحتجاجات ونقلها أمام مجالس المحافظات إذا لم تستجب السلطات لمطالبهم المشروعة، وعلى رأسها تحسين الخدمات، وتوفير الكهرباء والماء، وإزالة النفايات، وتأهيل البنى التحتية.
وتتزامن هذه التحركات مع استمرار صمت الحكومة وعدم تقديم أية حلول ملموسة، ما يزيد من حجم الغضب الشعبي، وسط تساؤلات ملحة حول مدى جدية الجهات المعنية في معالجة الأزمات المتراكمة في الجنوب والعاصمة، والتي لم تعد تحتمل المزيد من التسويف والتجاهل.
نظم الكثير من المواطنين والموظفين في قطاعات مختلفة، طيلة الأيام الأخيرة الماضية، تظاهرات ووقفات احتجاجية، طالبت بالخدمات لا سيما الكهرباء وبإطلاق المستحقات، وخلق فرص عمل وغيرها.
مزارعو المثنى
شهدت محافظة المثنى، أمس الأول الثلاثاء، وقفة احتجاجية نظّمها عدد من المزارعين أمام سايلو السماوة، احتجاجا على صرف جزء فقط من مستحقاتهم المالية الخاصة بتسويق المحاصيل، وعدم صرفها بشكل كامل حتى الآن.
وطالب المحتجون الجهات المعنية بالإسراع في صرف المستحقات المتأخرة، مؤكدين أن تأخير صرف الأموال يؤثر بشكل مباشر على أوضاعهم المعيشية وتحضيراتهم للموسم الزراعي المقبل.
مهلة حتى الأحد
وفي منطقة “آل هادي” جنوب قضاء السماوة، أقدم العشرات من الأهالي على قطع الطريق الرابط بين قضاءي السماوة والخضر جزئياً، وإشعال الإطارات، احتجاجاً على ضعف تجهيز الكهرباء وانقطاع مياه الشرب، في تصعيد جديد ضمن سلسلة تظاهرات شهدتها المحافظة خلال الأسبوع الجاري، مؤكدين استمرارهم في التصعيد حتى يوم الأحد المقبل في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.
يقول ناظم نايف، احد المحتجين: نطالب بزيادة عدد ساعات تجهيز الكهرباء، لأن ما يصلنا لا يتجاوز ساعة ونصف الساعة فعلياً من أصل ساعتين، مشيرا الى ان مناطقهم تعاني أيضا "من انقطاع مياه الشرب عن مناطق جنوب السماوة، رغم أنها من المناطق المصنفة ضمن صندوق الفقر".
ويضيف، انهم لم يروا شيئا من أموال الصندوق: "لا نعلم أين ذهبت أمواله، شبابنا لن يسكتوا عن المطالبة بحقوقهم، لقد تعبنا من الوعود".
أما مسلم الزيادي، محتج آخر، فناشد "زيادة الحصة التشغيلية للكهرباء"، مبينا ان "محطة إنكا جنوب المثنى تعمل بنسبة 80%، لكنها تغذي محافظات أخرى وبغداد". ويشير الى ان "دائرة الكهرباء تزعم أن ساعات التشغيل 12، لكنها فعلياً أقل، ويسرق وقت التجهيز، نحن من حقنا أن نحصل على 24 ساعة تجهيز، فنحن في عام 2025 ولسنا في 2005".
احتجاجات الكهرباء تتصاعد
وأفاد مصدر محلي في محافظة النجف، بخروج العشرات من المواطنين بتظاهرة مطالبين بإقالة قائممقام المناذرة جنوبي النجف.
وعلق متظاهرو المناذرة، بعد منتصف ليل الأربعاء، لافتة على بوابة مبنى القائمقامية طالبوا فيها بإقالة القائمقام فوراً، معتبرين إياها مطلباً جماهيرياً، وذلك لعدم استجابته لمطالبهم الخدمية في ملفي الكهرباء وتأخر افتتاح صالة العمليات في مستشفى القضاء.
ويواصل المتظاهرون احتجاجاتهم لليوم الثالث على التوالي، داعين الحكومتين المركزية والمحلية للتدخل العاجل في وضع حد لما وصفوه بـ“اللامبالاة” تجاه معاناة السكان.
وقطع المتظاهرون قطع الطريق الرابط بين النجف وكربلاء باستخدام الإطارات المشتعلة، وسط تصاعد حدة الاحتجاجات بسبب تردي واقع الكهرباء، حيث تصل ساعات القطع إلى 8 مقابل ساعتين فقط تجهيز، طبقا لأحاديثهم.
هددوا باعتصام مفتوح
ونظم العشرات من أهالي منطقة الترجمانية محلة 949 في الزعفرانية، جنوبي بغداد، وقفة احتجاجية بعد تلقيهم تهديداً من أحد المستثمرين بهدم منازلهم وإصدار مذكرات اعتقال ضدهم، برغم قرارات مجلس الوزراء التي شددت على عدم التعرض لهم، علاوة على شمولهم بالخدمات.
وهدد المحتجون بتصعيد حراكهم وصولاً الى الاعتصام المفتوح.
يقول أبو زين اللامي، أحد الأهالي المحتجين: "وصلتنا اليوم رسالة تهديد من المستثمر يطالبنا بالخروج من المنطقة وترك منازلنا مع تهديد قانوني وعشائري، رغم صدور قرار قانوني من قبل رئيس الوزراء بإيقاف الاستثمار في هذه المنطقة ولكن من دون أي استجابة أو تطبيق لهذا القرار".
فيما يقول أبو علاء العلياوي، محتج آخر: "نحن مستعدون للمشاكل مع هذا المستثمر ولن نسمح له بإقامة أي مجمع سكني، وهناك أيدي خفية وراء هذا الموضوع ويريدون أخذ هذه المنطقة من ساكنيها". ويضيف ان "هذا الموضوع تسبب بوفاة شخصين أحدهما حرق نفسه، وأغلب ساكني هذه المنطقة من عوائل الشهداء. أنا لدي 5 عوائل في بيت واحد، ولن أخرج منه حتى لو تهدم على رأسي".
فيما يذكر أبو علي الشحماني، ان ولده استشهد قبل 3 أشهر في القائم، غربي العراق: "أنا الآن المعيل الوحيد لأسرتي ولا أملك غير هذا المنزل الموجود في هذه المنطقة".
منتسبو نفط البصرة
ونظم عدد من منتسبي شركة نفط البصرة من الحاصلين على شهادات أثناء الخدمة، وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة، مطالبين بتنفيذ قرار مجلس الوزراء باحتساب شهاداتهم. وقال ممثل عن المتظاهرين أحمد عامر، إن عددهم أكثر من 500 منتسب، مشيرا الى انه لا يوجد سبب منطقي لتأخر تنفيذ القرار.
موظفو إدارة المطارات
ونظم موظفو إدارة المطارات التابعة لوزارة النقل، وقفة احتجاجية وسط مطار بغداد الدولي، احتجاجا على تأخر إطلاق مستحقاتهم من الرواتب.
وطالب المحتجون خلال الوقفة الاحتجاجية بصرف الرواتب دون تأخير ودمج المطار ضمن هيكلية شركة الخدمات الملاحية، التي انفصلوا عنها، قبل أشهر.
يشهد عدد من المحافظات العراقية، منذ أيام، تصاعداً ملحوظاً في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، التي شملت النجف، والديوانية، والمثنى، والبصرة، وبابل، والعاصمة بغداد، في حراك جماهيري واسع تنوعت مطالبه بين الخدمية والمعيشية، توفير فرص العمل.
غضب شعبي في النجف
في محافظة النجف، قطع العشرات من أهالي أقضية المناذرة والحيدرية الطريق الرابط بين جنوب المحافظة ومركزها، احتجاجاً على تدهور الخدمات الأساسية، حيث أضرم المحتجون النيران في الإطارات، في تعبير واضح عن سخطهم من الواقع الخدمي المزري.
وأكدت مصادر محلية أن القوات الأمنية تدخلت لتفريق المتظاهرين واعتقلت عدداً منهم، ما أسفر عن حالة من التوتر في موقع الاحتجاج.
المحتجون أكدوا عزمهم على الاستمرار في التصعيد السلمي حتى تحقيق مطالبهم، التي تضمنت تحسين الكهرباء والماء والصرف الصحي، ورفع الإهمال المزمن عن مناطقهم، مطالبين الحكومة المحلية بتحمل مسؤولياتها تجاه الأقضية والنواحي المهمشة في النجف.
تظاهرات حاشدة في الديوانية
وفي محافظة الديوانية، شهدت أحياء "الصدور الأربعة" وقضاء الدغارة شمال المحافظة تظاهرات غاضبة، للمطالبة بتحسين واقع الكهرباء.
وأفاد شهود عيان بأن المتظاهرين جابوا شوارع مناطقهم مرددين شعارات تطالب بإنهاء الانقطاعات المتكررة، التي تزداد حدة مع ارتفاع درجات الحرارة.
وفي الدغارة، طالب المحتجون بإقالة مدير كهرباء الديوانية، محملينه مسؤولية تدهور الوضع وعدم اتخاذ إجراءات فعالة لتحسين الخدمة. وهددوا بالدخول في اعتصام مفتوح في حال تجاهل مطالبهم خلال الأيام المقبلة.
السماوة تنتفض
في محافظة المثنى، خرج عدد كبير من أهالي المناطق الواقعة بين مدينة السماوة وقضاء الخضر، مطالبين بتحسين واقع الكهرباء ومياه الشرب.
وأكد المتظاهرون أنهم يعيشون معاناة يومية في ظل انقطاع الكهرباء وشح المياه، واصفين حياتهم في تلك المناطق بـ"غير المحتملة".
ودعوا الحكومة المحلية إلى التحرك العاجل، وعدم الاكتفاء بالوعود التي لم تُنفذ منذ سنوات، محذرين من تفاقم الأزمة مع حلول الصيف.
احتجاجات متفرقة في البصرة
وشهدت محافظة البصرة ثلاث تظاهرات متفرقة، نظمتها مجاميع مختلفة من المواطنين والموظفين.
ففي محيط مجلس المحافظة، نظم المتضررون من القرار 20 وقفة احتجاجية، رفضاً لقرار تمليك أراضي البلدية بأسعار تجارية.
وقال المتحدث باسمهم، حسين الأزيرجاوي، إن القرار "يُظهر وكأنه نعمة، لكنه في الحقيقة عبء ثقيل على السكان"، مشيراً إلى عجزهم عن دفع أسعار السوق.
وفي منطقة الشعيبة، تظاهر عشرات الحراس الأمنيين العاملين في مشروع FCC التابع لشركة مصافي الجنوب، احتجاجاً على إنهاء خدماتهم.
وطالب المتظاهرون بالتثبيت على الملاك الدائم أو توقيع عقود رسمية، مهددين بالاعتصام المفتوح.
أما في مدخل حقل غرب القرنة 2 النفطي، فقد وقع تصادم بين الأمن ومجموعة من خريجي كليات الهندسة والجيولوجيا، الذين كانوا يطالبون بفرص عمل في القطاع النفطي، وسط تزايد الغضب من تجاهل مطالبهم.
خريجو بابل
شهدت محافظة بابل، تظاهرة نظمها المئات من خريجي الكليات أمام مبنى ديوان المحافظة، للمطالبة بحقوقهم في التعيين ضمن مؤسسات الدولة، وإنصافهم من قبل الحكومة المركزية والمحلية.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بتوفير فرص عمل حقيقية للخريجين، متهمين الجهات الحكومية بالتقصير في معالجة أزمة البطالة المستفحلة، خاصة في أوساط الشباب من ذوي الشهادات العليا والخريجين الجدد.
المتقاعدون وخريجو المهن الصحية
وشهدت العاصمة بغداد تظاهرات متعددة شملت شرائح مختلفة، إذ تظاهر المئات من المتقاعدين أمام مبنى هيئة التقاعد العامة، مطالبين بزيادة الرواتب وصرف الفروقات المالية المتأخرة، وتثبيت الحد الأدنى للراتب التقاعدي عند 800 ألف دينار.
ووصف المحتجون رواتبهم الحالية بأنها "غير كافية" في ظل ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، مطالبين بتأمين صحي ورعاية خاصة لكبار السن.
وفي تظاهرة أخرى، طالب المئات من خريجي المهن الطبية والصحية دفعة 2023 بتطبيق قانون التدرج الطبي وتوفير فرص تعيين عاجلة.
وانطلقت التظاهرة من ساحة التحرير وصولاً إلى ساحة الشواف، حيث طالب المحتجون وزارتي الصحة والمالية بالإسراع في إصدار أوامر التعيين، محذرين من تصعيد احتجاجهم.
كما نظم العشرات من ذوي مرضى العوز المناعي المكتسب (الإيدز) تظاهرة أمام السفارة الفرنسية، مطالبين بتعويضات مالية من شركة "ماريو" الفرنسية، بعد استيراد العراق علاجاً ملوثاً بفيروس HIV في ثمانينيات القرن الماضي.
المتظاهرون حملوا لافتات وصوراً أرشيفية للحادثة، مطالبين الحكومة العراقية بالتدخل الدبلوماسي، مؤكدين أن دولاً أخرى حصلت على تعويضات مماثلة.
تنامي الغضب الشعبي
تشير مجمل الاحتجاجات الأخيرة إلى تصاعد حالة الغضب الشعبي من استمرار تردي الخدمات الأساسية، وغياب الحلول الحكومية الجذرية.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تتوسع أكثر خلال الصيف، في ظل تزايد الضغط الشعبي، وفشل الجهات الرسمية في تقديم حلول ملموسة للملفات الخدمية والمعيشية.
شهدت محافظات عدة من أقصى الجنوب لأقصى الشمال، تصاعدًا لافتًا في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، نتيجة تراكم الأزمات الخدمية والمعيشية التي لم تجد الحكومات المحلية والمركزية حلولًا فعلية لها.
وتوزعت تلك التظاهرات على محافظات ميسان والمثنى والديوانية وواسط والنجف والسليمانية، حيث عبّر المحتجون عن غضبهم من تدهور الواقع الخدمي، لاسيما في قطاعات الكهرباء والمياه والصحة، إضافة إلى البطالة وقرارات حكومية وصفت بـ"الظالمة".
إغلاق طريق ميسان – البصرة
في ناحية العزير، جنوب محافظة ميسان، أقدم محتجون غاضبون على إغلاق الطريق العام الرابط بين ميسان والبصرة، احتجاجًا على الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي لساعات طويلة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
وانطلقت شرارة الاحتجاجات وسط مدينة العمارة، وسرعان ما تصاعدت لتشمل إغلاق الطريق المحاذي لقرية الجمشة، حيث أضرم المحتجون النيران في إطارات السيارات، وأغلقوا الطريق بشكل كامل أمام حركة المركبات. واستمرت الاحتجاجات حتى ساعات المساء، وسط غياب الحلول الفعلية من الجهات المعنية.
خريجو النفط والغاز
وفي العمارة أيضا، نظّم العشرات من خريجي كلية اقتصاديات النفط والغاز، تظاهرة حاشدة أمام مكتب تيار الفراتين، مطالبين بتوفير فرص عمل بعد سنوات من المطالبات المستمرة التي لم تلقَ استجابة.
وقال عدد من المتظاهرين إنهم يواصلون تنظيم هذه التظاهرات منذ أربع سنوات دون أي نتيجة ملموسة، مشيرين إلى أن مطلبهم الأساسي يتمثل بتوفير فرص عمل لهم، سواء عبر التعيينات الثابتة أو العقود ضمن ملاك الشركات النفطية العاملة في البلاد.
وأكد المحتجون، أنهم يمتلكون كتابًا رسميًا صادرًا عن كليتهم يُثبت أن تخصصهم مطلوب وحيوي في سوق العمل، خصوصًا في مجالات الطاقة والصناعات الاستخراجية. كما أبدوا خيبة أملهم من عدم تمكنهم من لقاء رئيس الوزراء خلال زيارته الأخيرة إلى المحافظة بسبب الإجراءات الأمنية المشددة.
وبيّن المتظاهرون، أن اختيارهم لمكتب تيار الفراتين، الذي يمثل التيار السياسي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، كموقع للاحتجاج، جاء في محاولة لإيصال صوتهم بشكل مباشر إلى رئاسة الحكومة، معربين عن أملهم في التجاوب مع مطالبهم بعد سنوات من الانتظار والوعود الحكومية غير المنفذة.
احتجاجات في المثنى
وفي محافظة المثنى، شهد قضاء الوركاء تظاهرة شعبية نظمها عدد من الأهالي مطالبين بتحسين واقع الكهرباء، في ظل استمرار معاناة المواطنين من ضعف التجهيز والانقطاعات المتكررة.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب الحكومة المحلية ووزارة الكهرباء باتخاذ خطوات عاجلة لتحسين مستوى الخدمة، خصوصًا مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
وفي قضاء السوير، نظم عشرات المواطنين وقفة احتجاجية أمام محطة كهرباء آل عبس، مطالبين بتحسين واقع التيار الكهربائي في المنطقة.
ورفع المحتجون لافتات تطالب الجهات المعنية بالتدخل الفوري لمعالجة ضعف التجهيز والانقطاعات المتكررة التي تؤثر سلبًا على حياتهم اليومية، مؤكدين أن منطقتهم تعاني منذ سنوات من تراجع واضح في مستوى الخدمة دون وجود حلول جذرية.
وفي الشافعية أيضا
وفي قضاء الشافعية غربي محافظة الديوانية، نظّم العشرات من أبناء القضاء، تظاهرة شعبية احتجاجًا على الانقطاع المتواصل للكهرباء والماء، إضافة إلى نقص حاد في الخدمات الأساسية.
وقال شهود عيان، إن المتظاهرين خرجوا إلى الشارع الرئيس في القضاء، مؤكدين على ضرورة توفير مقومات الحياة الأساسية، مطالبين الجهات المعنية بإيجاد حلول سريعة لمعاناتهم المستمرة.
وتعاني الشبكة الكهربائية من تراجع كبير في ساعات التجهيز، مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأحمال، إضافة إلى انخفاض ضغط الغاز الإيراني المغذي لمحطات الكهرباء، مما تسبب بفقدان نحو 3500 ميغاواط من القدرة الإنتاجية.
وطالب المتظاهرون الحكومتين المركزية والمحلية بإجراءات فاعلة وسريعة لإنهاء معاناتهم وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الضرورية.
المشخاب تندد بالجفاف
وفي جنوب قضاء المشخاب، خرج العشرات من أهالي منطقة شلال في تظاهرة ليلية غاضبة احتجاجًا على أزمة الجفاف التي دمرت مزارعهم وتسببت في نفوق مواشيهم.
وأبدى المحتجون استغرابهم من حرمانهم من حصص المياه من نهر المشخاب المجاور، معبرين عن امتعاضهم من غياب أي تحرك رسمي لتحمل المسؤولية وإنقاذ الموسم الزراعي المتبقي.
وأكد المتظاهرون، أنهم لن يتوقفوا عن الاحتجاج حتى تنفيذ مطالبهم، مهددين بخطوات تصعيدية إذا استمر الإهمال، وحددوا الجمعة القادمة موعدًا لتجمع واسع قرب ناظم المشخاب القديم، حيث ينوون إغلاق بواباته في حال عدم الاستجابة.
وأشاروا إلى أن ناظم المياه مغلق منذ أكثر من عام، وأن البديل المتوفر يبعد حوالي 40 كيلومترًا، ما يزيد من معاناة أهالي شلال عطشة والمناطق المجاورة.
غلق صالة العمليات؟
وفي جنوب محافظة النجف، نظم العشرات من أهالي المناذرة والمناطق المجاورة، وقفة احتجاجية أمام مستشفى المناذرة العام، مطالبين بإعادة افتتاح صالة العمليات الجراحية المغلقة منذ أكثر من عام دون وجود بديل.
وقال المحتجون، إن استمرار الإغلاق يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة السكان، بسبب اضطرارهم لقطع أكثر من 40 كيلومترًا إلى مستشفيات النجف أو كربلاء عند وقوع أي حالة طارئة.
زيد الفتلاوي، أحد المتظاهرين من المشخاب، قال ان "المستشفى يخدم مناطق واسعة من جنوب النجف، لكن أي حالة طارئة تحتاج لعملية تُضطر لقطع أكثر من 40 كم، وهذا يهدد حياة المرضى، خاصة في الليل أو الحالات الحرجة".
أما عدنان الكلابي، من أهالي المناذرة، فأشار إلى أن الوعود الحكومية بإعادة تأهيل الصالة بقيت حبرًا على ورق، مضيفًا انه "منذ سنتين نسمع وعودًا بإعادة تأهيل الصالة، لكنها بقيت حبرًا على ورق، ولم نرَ أي تحرك جدي".
ورفع المحتجون لافتات تطالب بإنهاء الإهمال الحاصل في القطاع الصحي، مؤكدين أنهم يمنحون الجهات المعنية مهلة 72 ساعة فقط للشروع بحل المشكلة، ملوحين باعتصام مفتوح في حال عدم الاستجابة.
تجار الحي يغلقون محالهم
وفي قضاء الحي جنوب محافظة واسط، نفّذ أصحاب المحال التجارية في السوق المسقف إضرابًا واسعًا، احتجاجًا على قرار بلدية القضاء برفع أجور جباية الخدمات، التي قالوا إنها بلغت ما يصل إلى 300 ألف دينار شهريًا لبعض المحال.
كرار علي، أحد أصحاب المحال، قال: "قررنا تنظيم اعتصام مفتوح مع غلق محلاتنا احتجاجًا على رفع أجور الجباية التي وصلت إلى 300 ألف دينار شهريًا، بينما إيجار بعض المحال لا يتجاوز هذا المبلغ سنويًا. في بغداد ومدن أخرى لا تتجاوز أجور الجباية 6 آلاف دينار شهريًا، فلماذا هذه الفروقات؟"
وجاء في بيان للمعتصمين: "أغلقنا محلاتنا اليوم لإيصال رسالة إلى الجهات المعنية حول الظلم الواقع علينا جراء رفع جباية النفايات بشكل غير منطقي. نأمل في استجابة عاجلة لوضع حد لهذه المعاناة".
ويُعد السوق المسقف في قضاء الحي من أقدم المراكز التجارية وأكثرها نشاطًا، ويضم عشرات المحال التي تخدم سكان المنطقة.
احتجاج على تسعيرة الكهرباء
أما في محافظة السليمانية، فقد نظم العشرات من المواطنين تظاهرة احتجاجًا على التسعيرة الجديدة للكهرباء التي أقرتها حكومة إقليم كردستان ضمن مشروع "روناكي" الوطني للطاقة.
وحمّل المحتجون المشروع مسؤولية فرض أعباء مالية إضافية عليهم، معتبرين الأسعار الجديدة كبيرة وغير منصفة.
وقال متظاهرون إن "الوعود الحكومية بتقليل الفواتير مقارنة بالمولدات الأهلية لم تتحقق، وإن الشريحة الأكبر من السكان ستتأثر سلبًا بسبب نظام التسعير التصاعدي الذي أقره المشروع".
وكانت حكومة الإقليم قد أعلنت رسميًا في 15 أيار الجاري عن إطلاق مشروع "روناكي"، وأوضحت أنه يهدف إلى توفير طاقة كهربائية بتسعيرة عادلة لأغلبية المواطنين، ويعتمد نظام الشرائح التدريجي لتحديد أسعار الكهرباء المنزلية. وتظهر هذه الموجة من الاحتجاجات اتساع رقعة الغضب الشعبي في مختلف مناطق العراق، بسبب تدهور الخدمات وغياب العدالة الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة. وبينما تختلف الأسباب المباشرة لكل تظاهرة، فإن القاسم المشترك بين جميعها هو شعور المواطنين بالتهميش والخذلان من قبل السلطات، والمطالبة بحقوق أساسية باتت صعبة المنال في ظل استمرار الأزمات.
طرحت الحكومة الحالية في برنامجها الوزاري كثيرا من الحلول لمشاكل الخدمات الأساسية والبطالة وازمة السكن، لكن الناس لم تلمس سوى الوعود، بينما توشك هذه الكابينة على مغادرة القصر الحكومي في المنطقة الخضراء.
وخلال اليومين الماضيين نظمت وقفات احتجاجية واعتصامات مفتوحة في مناطق مختلفة من البلاد، تحمل العديد من المطالب التي تمحورت حول الخدمات وقطع الأرض والتعيينات وغيرها.
وقفة احتجاجية في خور الزبير
ونظم العشرات من أهالي ناحية خور الزبير جنوبي البصرة، وقفة احتجاجية مطالبين بإيقاف ازالة الدور السكنية، وتوفير البديل قبل الازالة واعطائهم مهلة كافية قبل تنفيذ القرار.
وطالب المحتجون محافظ البصرة بإيقاف حملة هدم الدور وإخراج أهاليها من دون بديل، رافضين اجراءات لجنة إزالة التجاوزات في التعامل معهم.
واكد مواطنو ناحية خور الزبير في وقفتهم انهم مع تنظيم المدن وازالة العشوائيات والتجاوزات ولكن مع حفظ كرامة الموطن وتوفير البديل وتخصيص سكن لهم وفقا للدستور .
احتجاجات غاضبة في بابل
وعلى الضغوط الشعبية، شرعت الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية التابعة لوزارة التجارة اول امس الثلاثاء، في فتح مخازنها المركزية لتوزيع مفردات السلة الغذائية، في محافظة بابل.
وجاءت الخطوة عقب تظاهرات حاشدة أمام أحد المخازن، طالب خلالها المحتجون بالكشف عن أسباب التأخير وفتح تحقيق فوري بأداء فرع الشركة في المحافظة، وسط اتهامات سابقة بوجود مواد تالفة في المخازن.
من جهته، دافع مدير فرع الشركة في بابل، أمير سعد عبد الامير، عن نفسه أمام تلك الاتهامات قائلًا ان "جميع المواد الموجودة صالحة للاستهلاك ومطابقة للمواصفات، وهي من مناشئ معروفة ومعتمدة"، نافياً وجود "حالات فساد أو تلاعب".
وردا على ذلك، يؤكد المحتجون، إنهم سيتابعون نوعية المواد لضمان مطابقتها للمواصفات"، مطالباً بـ "محاسبة المتسببين في التأخير، ومعرفة الأسباب التي حرمت العائلات من حقها الغذائي لفترة طويلة".
هذا وأكد عدد من وكلاء التموين أن عملية التسليم انطلقت بانسيابية، وشملت كميات من الرز والزيت والعدس والسكر، على أن تُستكمل بقية المفردات خلال الأيام المقبلة.
وعلى اثر ذلك، تجددت الدعوات من ناشطين ومواطنين لإعادة النظر في آلية توزيع مفردات البطاقة التموينية في عموم البلاد، وتحسين جودة المواد الموزعة، والتعجيل بتوزيعها في مواعيدها المحددة، حفاظاً على الأمن الغذائي لشريحة واسعة من ذوي الدخل المحدود.
جرحى الأمن يغلقون مبنى حكوميا
ودشن جرحى القوات الأمنية وذوو الشهداء، الثلاثاء، اعتصاما مفتوحاً أغلق بوابة مجلس محافظة ديالى، وسط مدينة بعقوبة، مطالبين بتوزيع قطع أرض.
وقال وسام الدليمي (أحد الجرحى)، إن "الجرحى والشهداء لم ينصفوا بشأن توزيع قطع الاراضي وهناك اكثر من 800 قطعة صوت عليها المكلس لتوزيع على شريحتنا ولكن هناك تسويف ومماطلة دون معرفة الأسباب".
جريح اخر يدعى عدي حمد، قال أن "الجهات الحكومية أهملت شريحة الشهداء والجرحى في ديالى ولا نعرف الأسباب"، مبينا أن "مقاطعة أراضي نهر الشيخ التي خصصت لنا لا نعرف مصيرها".
حملة الشهادات العليا والأوائل
ونظم حملة الشهادات العليا والخريجون الأوائل، وقفة احتجاجية، أمام مجلس الخدمة الاتحادي في بغداد، مطالبين بفتح منظومة الكود وتفعيل تعييناتهم.
ورفع المحتجون شعارات تندد بالتهميش الحكومي، مؤكدين سلمية احتجاجهم، بعد وقوع مشادات واحتكاكات مع قوات الأمن من دون ان تتطور.