نصت المادة 71 من قانون الموازنة الاتحادية، على عدم إمكانية ممارسة جميع المديرين العامين ووكلاء الوزراء والمستشارين القائمين بعملهم اعتباراً من مطلع الشهر الحالي، وألزمت الحكومة بانهاء العمل بالوكالة في هذه الدرجات الخاصة.
وبعد عجز الحكومة عن تنفيذ هذه المادة القانونية في موعدها المحدد، أصدرت المحكمة الاتحادية أمراً ولائياً باستمرار الصلاحيات المالية والإدارية لمؤسسات الدولة التي تدار بالوكالة مع بقاء التزام الحكومة بتنفيذ ما ورد فيها بشأن إنهاء العمل بالوكالة لحين حسم الدعوى المقامة من الحكومة حول دستورية المادة المذكورة.
ورغم تعهد رئيس الحكومة في منهاجه الحكومي بتقييم أداء أصحاب الدرجات الخاصة في الدولة وحسم موضوع العمل بالوكالة خلال 4 اشهر من تشكيل الحكومة، الا انه وبعد اكثر من عام على تشكيل الحكومة لم يحسم سوى 12 اسما من هؤلاء وجاءت وفقا لنهج المحاصصة كما ذكر نواب، ولم تعرض على التصويت بعد!
يبدو ان هذا الملف سينضم الى قائمة فيها عناوين عدة لم تف الحكومة بها لحد الان، ومنها عدم السيطرة على سعر صرف الدينار مقابل الدولار، ومنها توفير فرص العمل والخدمات وحصر السلاح بيد الدولة وانتزاع حقوق العراق المائية وتقديم قتلة المتظاهرين الى القضاء وغيرها.
مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات تتصاعد وتيرة الحملات والدعاية الانتخابية، ويمكن للمواطن ان يتلمس بسهولة البذخ الكبير لقوى وكتل معينة، ومن حقه ان يتساءل من اين جاءت بتلك الأموال؟
وقد أخذ المواطن يدرك بتجربته الملموسة حقيقة تلك القوى والكتل ومراميها وغاياتها، وهي التي جُرّبت مرات ومرات منذ اول انتخابات لمجالس المحافظات، وغدا واضحا انها المسؤولة عن هذا الواقع المر الذي يعيشه العراقيون، رغم ما يتوفر عليه بلدهم من إمكانات بشرية ومادية ومالية.
ان ممارسات القوى المتنفذة، سواء في انتخابات مجلس النواب او انتخابات مجالس المحافظات، قادت عموما الى عدم اختيار من هو اكفأ واخلص وانزه، ولم يجر التنافس على أساس برامج متكاملة تضع مصلحة المواطن والوطن في المقدمة.
امام هذه التجربة وحصيلتها المعروفة، وكما انتفضت جماهير شعبنا وكسرت الصمت وشاركت في الفعل الثوري بانتفاضة تشرين المجيدة ٢٠١٩، فان الحاجة تبرز اليوم ملحة الى انتفاضة انتخابية، تتجسد في مشاركة واسعة في انتخابات مجالس المحافظات، وبما يجعل من يوم ١٨ كانون الأول مفصلا هاما في مسيرة شعبنا لقطع الطريق على المتنفذين، وكسر احتكارهم للسلطة، واحداث الاختراق الضروري على طريق تفكيك منظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت، واحلال البديل المطلوب.
لا بد من انتفاضة انتخابية ، يشارك فيها المواطنون على اختلاف قومياتهم واديانهم وطوائفهم، لاختيار ممثلين لهم من أصحاب الايادي البيض، والمخلصين والمنحازين الى الناس وهمومهم ومطالبهم، ومن أصحاب البرامج الهادفة الى تغيير واقع الحال المأساوي، والذين يقرنون القول بالفعل، والعاملين على تحسين حياة المواطنين الاقتصادية والمعيشية، وتقديم الخدمات العامة لهم، والحفاظ على مجانية التعليم، وتأمين الخدمات الصحية المجانية وتحسينها، وإيقاف الهدر والبذخ وسرقة المال العام، وتوظيف العائدات المالية الكبيرة في تحسين البنى التحتية، ولإيجاد فرص عمل ومكافحة البطالة، وان تذهب أموال الرعاية الاجتماعية الى من يستحقونها فعلا، وإعادة الحياة الى القطاعات الإنتاجية وحماية المنتج الوطني، وتامين حقوق العراق في مياه نهري دجلة والفرات، ووقف التدخلات الخارجية في شؤون وطننا، وتوظيف كل ذلك لضمان حياة كريمة وهانئة للمواطنين، وتحقيق الأمان والاستقرار الفعليين.
من اجل كل هذا وغيره، تعالوا معنا يوم ١٨ كانون الأول الى صناديق الاقتراع، لانتخاب مرشحي الحزب الشيوعي العراقي ومرشحي “تحالف قيم المدني “، بما يمثلون ويحملون من مشروع بديل للنهج المدمر والفاشل في إدارة الدولة وفي بناء مؤسساتها المختلفة .
وجه وزير العمل أحمد الأسدي رسالة الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يعبر فيها عن قلقه بشأن استغلال أحد المرشحين في انتخابات مجالس المحافظات ملف الحماية الاجتماعية في حملته الانتخابية، ويطالب المفوضية بالعمل على ضمان نزاهة الانتخابات.
كتاب السيد الوزير جاء متأخرا جدا، خاصة وأنه صادر عن جهة مسؤولة عن هذا الملف المهم، الذي أمعن المتنفذون باستغلاله منذ شهور والوزارة صامتة، وكان الأولى بها التحرك مبكرا بهذا الخصوص.
ولعل مستغلي هذا الملف كُثر، ولا يمكن طمطمة الأمر بجعل احدهم كبش فداء لاستغلاله في الدعاية الانتخابية. فمكاتب العديد من المتنفذين والنواب ودواوين بعض شيوخ العشائر، أصبحت مراكز لاستخراج هويات الرعاية الاجتماعية، بعد أن جعلتها فرق الباحثين الاجتماعيين مكانًا لمقابلة المتقدمين على رواتب الرعاية الاجتماعية.
لقد حذرنا منذ أشهر من استغلال هذا الملف ليس فقط لأغراض انتخابية، بل ومن المخاطرة التي تمتد لتكريس الزبائنية واستغلال مؤسسات الدولة وأن تذهب الإعانات الى غير مستحقيها.
وعليه فان الجهات الرقابية والتنفيذية مطالبة بايقاف هذا الاستغلال، كما ان عليها كشف ومحاسبة كل من ارتكب فعلا مخالفا للقانون في هذا الملف.
قبل فترة غير بعيدة اتخذت المحكمة الاتحادية العليا، بناء على دعوى أقامها الرفيق رائد فهمي، قرارا ألزمت فيه الحكومة ووزارة المالية بتقديم الحسابات الختامية مع الموازنات السنوية العامة للدولة.
ويوم امس الأول الثلاثاء اعلن ديوان الرقابة المالية ان “تدقيق الحسابات الختامية لموازنة ٢٠١٦ انجز بالكامل”، وانه تم الاتفاق مع وزارة المالية “لإنجاز تدقيق الحسابات الختامية للسنوات ٢٠١٧و ٢٠١٨ و ٢٠١٩”، التي كانت الوزارة أعلنت استكمالها. وأضاف الديوان ان “الحسابات الختامية لسنوات ما بعد ٢٠٢٠ لم تصل بعد الى ديوان الرقابة المالية من وزارة المالية”.
واضح الآن ان المنجز المدقق كاملا هو فقط الحسابات الختامية لموازنة ٢٠١٦، ما يعني ان موازنات ٨ سنوات لم تنجز بعد!؟ فهل سيتم اغلاق ملفاتها على طريقة ملف موازنة ٢٠١٤؟.. وننتظر واياكم أيضا ملف موازنة ٢٠٢٤، وهل ستقدم هذه الموازنة ومعها الحسابات الختامية لسنة ٢٠٢٣، ام سيكون العذر جاهزا منذ الان: انها موازنة ثلاثية ؟
بلغ اجمالي مبيعات البنك المركزي من الدولار أمس الاثنين قرابة 226 مليون دولار.
وحسب ما اعلن فان “معظم المبيعات ذهبت لتعزيز الأرصدة في الخارج على شكل حوالات واعتمادات، وبواقع ٢٠٩ ملايين، فيما ذهبت البقية وهي حوالي 17 مليونا، على شكل مبيعات نقدية”.
وقد غطى البنك المركزي تلك المبيعات بسعر صرف بلغ ١٣٠٥ دنانير لكل دولار للاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الالكترونية، وبسعر ١٣١٠ دنانير للحوالات الخارجية وبسعر الصرف ذاته في المبيعات النقدية.
ويجري الحديث دائما عن ان الحوالات الخارجية هي لتغطية الاستيراد، وفي هذا الشأن يقول خبير اقتصادي ان قيمة السلع المستوردة للقطاع الخاص العراقي من خلال المنافذ الرسمية والمؤشرة في الهيئة العامة الكمارك، لم تزد عن ١٦٫٦ مليار دولار في عام ٢٠٢٢ .
فمن يجيبنا عن السؤال الحارق: اين تذهب دولارات المزاد العلني للبنك المركزي العراقي؟
قد يجيبنا مواطن ساخرا: خلي ياكلون من فلوس خالهم!
لكن السؤال يبقى ينطرح وإن بصيغة مختلفة: الى متى يستمر هذا النزف والهدر والتهريب والسرقة “المقننة” في مزاد العملة؟