يترقّب العراق أزمة محتملة في قطاع الطاقة بعد انتهاء الإعفاء الأمريكي السابق لاستيراد إمدادات الغاز الإيراني، في ظل عدم شمول البلاد بأي استثناء جديد من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، الأمر الذي يضع المنظومة الكهربائية أمام تحديات غير مسبوقة.
وعلى لسان الناطق باسمها، أكدت الحكومة عدم تلقيها إبلاغا رسميا بإنهاء الإعفاءات المتعلقة بالغاز الإيراني المستورد من الولايات المتحدة الأميركية.
وحدد الإعفاء الأخير من قبل الإدارة الأمريكية السابقة بـ90 يوما، وبالتالي فانه بعد انتهاء المدة وعدم تجديده، يعني ضمنيا أن إدارة ترامب لا تفكر في التجديد.
ونفت الحكومة، أمس السبت، تلقي إبلاغ رسمي بإنهاء الإعفاءات المتعلقة بالغاز الإيراني المستورد من الولايات المتحدة الأميركية.
وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، ان العلاقة بين العراق والولايات المتحدة "هادئة"، وأنّ "العراق لم يبلغ رسميًا بإنهاء الإعفاءات على الغاز الإيراني المستورد"، مردفا "لكن رئيس الوزراء وضع السيناريو الأسوأ في احتماليته وطلب الاستعداد في ملف الإعفاءات"
وأضاف العوادي أن "الحكومة مستعدة في حال تم تجديد الإعفاءات أو لم يتم التجديد".
ومن بين الاستعدادات التي تحدث عنها العوادي، الغاز التركمانستاني، أو نصب منصات الغاز وهي "عبارة عن سفن عائمة ويتم ربطها بأنبوب خاص مربوط بالمحطات الكهربائية في البصرة"، لكن معنيين يؤكدون ان خيارات الاستيراد من دول أخرى مثل قطر وتركمانستان تصطدم بعوائق تقنية وسياسية، أبرزها غياب منشآت تخزين الغاز المسال، واعتماد خطوط نقل الغاز التركمانستاني على المرور عبر الأراضي الإيرانية، ما يجعله رهينة للتجاذبات الإقليمية والعقوبات الدولية.
لا إشعار رسميا
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، إن "الغاز الإيراني كان لا يزال يتدفق الى المنطقة الجنوبية دون أي مشاكل حتى ظهر الخميس".
وقال موسى أن "الحكومة العراقية بمختلف مؤسساتها المختصة تعمل على عدم حدوث أي أزمة كهرباء خلال فصل الصيف المقبل، وهناك مساعٍ لتجديد الاستثناء الأميركي للعراق بشأن استيراد الغاز الإيراني، ولكن لا يوجد شيء رسمي من الجانب الأميركي للعراق حتى بشأن وقف هذه الاستثناءات التي تمنح له منذ سنين لمدة 120 يوماً قابلة لتجديد".
وأضاف ان وزارته "وقعت عقداً مع الجانب التركمانستاني لتزويدنا بـ20 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، إضافة إلى الربط الكهربائي مع دول الخليج، وكذلك الأردن وتركيا، والذي وصل إلى مراحله النهائية، وسيدخل حيز التنفيذ قريباً، وغيره من مشاريع الدورات المركبة والطاقة الشمسية ومشاريع إنتاج الطاقة من تدوير النفايات، فكل هذه المشاريع والخطط سوف تقلل من الاعتماد على الغاز الإيراني بنسبة كبيرة، وسوف تمنع حدوث أي أزمة للطاقة خلال الفترة المقبلة".
وأردف المتحدث كلامه بأن "إيقاف الغاز الإيراني بشكل كامل، سيكون له تأثير واضح وكبير على توفير الطاقة، لكن في الوقت نفسه الوزارة وضعت خططاً بالتنسيق مع وزارة النفط من أجل تجهيز المحطات بأكثر كمية ممكنة من الغاز، ووقف حرق الغاز المصاحب، وتأهيل الحقول الغازية الوطنية، وهناك تقدم كبير جداً بهذا الملف".
العراقيون بانتظار الصيف "الأسوأ"؟
رئيس لجنة الكهرباء النيابية، النائب محمد عبد ربه، أكد أمس السبت، عدم وجود بدائل للغاز الإيراني، مشيرا إلى أن العراق مقبل على صيف "أسوأ".
وقال عبدربه، إن "الحكومة الحالية، شأنها شأن الحكومات السابقة، لم تتخذ أي خطوات جدية لإيجاد بدائل عن الغاز الإيراني".
وأضاف، أنه "كان يفترض بالحكومة التخطيط لإيجاد بدائل منذ سنوات، بدلاً من رهن مستقبل الشعب والبلاد باتجاه واحد، الأمر الذي يضع العراق أمام نتائج سلبية خطيرة".
وأشار إلى أن "أزمة توقف إمدادات الغاز الإيراني ستتكرر مجدداً مع دخول فصل الصيف"، مؤكداً في الوقت نفسه أن "العراق مقبل على موسم صيفي سيكون من سيء إلى أسوأ".
ما الحلول؟
وقال الخبير النفطي حمزة الجواهري، أنه "لا يوجد بديل فوري لتعويض الغاز الإيراني بعد توقف إمداداته، إذ لا يمكن للغاز القطري أو غيره أن يدخل إلى العراق حالياً، نظراً لعدم امتلاك البلاد منشآت مخصصة لتخزين الغاز المسال".
وأضاف الجواهري في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هذا النوع من الغاز "يتطلب ظروف تخزين خاصة، منها تخزينه في درجات حرارة تصل إلى -180 درجة مئوية تحت الصفر، وهو ما يفتقر إليه العراق حالياً".
أما فيما يخص الغاز المورد من تركمانستان، فقد أشار الجواهري إلى أن "توريده ما زال معلقاً، رغم استعداد تركمانستان لتزويد العراق بالغاز، وذلك لأن الأنبوب الناقل يمر عبر الأراضي الإيرانية، مما يتطلب موافقة كل من إيران والولايات المتحدة، خاصة في ظل العقوبات المفروضة على طهران".
وأوضح، أن "البدائل المتاحة حالياً تشمل استخدام وقود الديزل وزيت الوقود الثقيل (Cold Oil)، وهو خيار جيد لتوليد الكهرباء، لكنه يبقى حلاً مؤقتاً وغير كافٍ"، مشيرا الى أن هناك حلولاً أخرى مثل استخدام النفط الأسود أو الخام، لكنها غير فعالة من الناحية التقنية، إذ تؤدي إلى انخفاض كفاءة التوربينات بنحو 50 في المائة عند تشغيلها بهذه الأنواع من الوقود، فضلاً عن الأضرار البيئية الناتجة عنها".
وأشار في ختام حديثه إلى أن "معالجة الغاز المصاحب، الذي يحتوي على شوائب مثل الكبريت وثاني أكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين، ليست عملية يمكن إنجازها بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى وقت طويل وإجراءات معقدة لإتمامها".
غياب ترشيد الاستهلاك
من جهته، أكد الخبير في مجال الطاقة، إحسان العطار، أن مسألة استثناء العراق من استيراد الغاز الإيراني غير واضحة، إذ ترتبط بالسياسة الخارجية للرئيس الأمريكي تجاه إيران، ما يجعل التكهن بإمكانية الاستثناء أمراً صعباً.
وأضاف العطار في حديث لـ "طريق الشعب"، أن العراق لا يشمله الاستثناء حالياً، وعليه التعامل مع هذا الواقع وفق المتاح، مشيرا إلى أن الحكومة "قررت إنشاء منصة بحرية في جنوب البلاد لاستيراد الغاز من مصادر بديلة".
وأكد أن "العمل على هذا المشروع جارٍ بشكل مستمر، ومن المحتمل أن تكون المنصة جاهزة لاستقبال ناقلات الغاز في المستقبل القريب". كما أوضح أن "الحقول العراقية ستكون قادرة على تلبية احتياجات البلاد من الغاز لتشغيل محطات الكهرباء وتغطية الاستهلاك المحلي، إلا أن التأخر في تطوير قطاع الغاز يعود إلى إخفاق الحكومات المتعاقبة، الى جانب عقود جولات التراخيص، التي أُبرمت على مدى السنوات الماضية، والتي أغفلت مسألة استثمار الغاز، حيث لم تلزم المستثمرين بهذا الأمر، ما أدى إلى استمرار حرق الغاز وهدره.
وخلص العطار الى أن "الأزمة الحقيقية في قطاع الطاقة بالعراق تكمن في غياب ترشيد استهلاك الكهرباء، إذ أن أية حلول أخرى ستكون غير فاعلة، ما لم يتم وضع آليات حقيقية لضبط الاستهلاك وترشيده".
تحتفل نساء المعمورة في اذار من كل عام بمناسبة يومهن العالمي، ويستذكرن باعتزاز انجازاتهن وكفاحهن ودورهن الرائد في مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية، في حين تعيش نساء العراق اوضاعا غاية في التعقيد والصعوبة في ظل منظومة سياسية متحاصصة طائفياً وقومياً. فبدلاً من تعزيز القوانين التي تحمي حقوقها، شهدنا تمرير تعديلات خطيرة على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، وهو أحد أهم مكتسبات الحركة النسوية العراقية، لكنه بات اليوم ضحية صفقات سياسية مشبوهة، سعت إليها قوى المحاصصة لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء.
ومنذ اللحظة الأولى، واجه (تحالف 188) وكل المدافعين عن حقوق المرأة، حملات تشويه وترهيب ممنهجة، لكن استمر التحالف في قيادة التحركات القانونية والشعبية والدبلوماسية، وصولاً إلى رفع الملف إلى المنظمات الدولية بناءً على نصوص الاتفاقيات الدولية، في مواجهة مباشرة لمصادرة حرية التعبير والتعدي على القيم الديمقراطية التي نص عليها الدستور العراقي.
الجماهير التي رفضت تمرير التعديلات لم تكن مجرد داعم لخطوات (تحالف 188)، بل كانت ولا تزال جزءاً لا يتجزأ من هذه المواجهة، لأن الدفاع عن النساء ليس مسؤولية فردية بل قضية مجتمعية لا يمكن التراجع عنها.
التعدي على قانون الأحوال الشخصية هو امتداد لمسلسل التمييز الذي تواجهه النساء، حيث لا تزال معدلات العنف الأسري مرتفعة، والتهميش السياسي والاقتصادي والقيود الاجتماعية مستمرة، فيما يُعاد إنتاج الخطابات الذكورية التي تقلّل من شأنها، وتُستخدم القوانين لشرعنة الظلم والتمييز بدلاً من مكافحتهما. وهذا الواقع ليس إلا انعكاس لانهيار العدالة المدنية والاجتماعية، ما يجعل الخلاص من هذا الظلم مرهوناً بتغيير جذري في نهج الحكم والإدارة.
وعليه، فإننا في تحالف 188، ومعنا كل القوى المدنية الحقيقية، نؤكد التزامنا بالدفاع عن حقوق المرأة والطفل في العراق عبر:
مواصلة الضغط القانوني والسياسي والمجتمعي لاستعادة قانون الأحوال الشخصية بصيغته الأصلية، بل وتطويره ليكون أكثر عدالة وإنصافاً.
مطالبة المحكمة الاتحادية النظر بالطعون وإسقاط التعديلات والقوانين التي تتعارض مع الدستور والاتفاقيات الدولية.
دعوة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للتدخل لحماية النساء العراقيات من العنف والتهميش والتشريعات المجحفة التي تتعارض مع التزام العراق بالاتفاقيات الدولية.
ويرى تحالف 188، في 8 آذار رمزاً لنضال المرأة المستمر في مواجهة القوى الرجعية، ويؤكد أن الدفاع عن المرأة ليس خياراً، بل مسؤولية وطنية وأخلاقية لا يمكن التراجع عنها، وأن حقوق المرأة ليست مِنّة من أحد.
نحيي كل النساء في يومهن، ونخص بالتحية كل من ناضلت وما زالت تناضل من أجل حقوق الأجيال القادمة. وسنواصل المسيرة حتى تنال النساء العراقيات حقوقهن كاملة، ويسهمن في بناء مجتمع أكثر إنصافاً وعدلاً.
في الثامن من آذار من كل عام، يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، ليس كمناسبة لتكريم إنجازات النساء ودورهن الفعّال في المجتمعات البشرية فحسب، بل ولتعزيز الكفاح من أجل حقوقهن المستلبة والتمييز متعدد الإشكال والمستويات الذي يتعرّضن له، والوقوف على التحديات التي يواجهْنها في سبيل تحقيق المساواة والعدالة.
وتكتسب الاحتفالات بهذا اليوم أهمية خاصة في بلادنا والدول العربية، لما تواجهه النساء فيها من ظروف قاسية في ظل الحروب والصراعات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ففي العراق، حيث تتدهور حقوق المرأة على مختلف الأصعدة، لا سيما بعد إقدام قوى المحاصصة على محاولة سلب ما حققته من مكتسبات على مدى قرن من الزمان، كما حدث في وأد قانون الأحوال الشخصية رقم 188، تبرز الحاجة للمزيد من التكاتف والعمل الجاد من أجل الحد من التدهور واستعادة الحقوق والوصول إلى مجتمع عادل، خال من التمييز والعنف الأسري والاضطهاد المقننون للنساء.
كفاح نبيل برغم صعابه
وبهذا الصدد، تؤكد عضو مجلس النواب السابق ميسون الدملوجي على الدور البارز الذي تلعبه المرأة العراقية في مناحي الحياة المختلفة، ومواجهة محاولات التراجع والخراب.
وتشيد الدملوجي في كلمة لها وجهتّها للمرأة العراقية، بصمود النساء اللواتي يدافعن عن حقوقهن المكفولة في قانون الأحوال الشخصية رغم التحديات الكبيرة، وما تعرّض له بعضهن من حملات تسقيط وملاحقات، مؤكدة أن معركة الحقوق الإنسانية طويلة وشاقة، لكن تستحق أن تُخاض لأهدافها النبيلة.
وحيّت الدملوجي النساء اللواتي يعشن في ظل النزاعات والصراعات في غزة ولبنان وسوريا والسودان وأفغانستان، معربة عن اعتقادها ببقاء المرأة شامخة في مواجهة القهر والظلم، وإنها ستواصل النضال لحماية نفسها وأسرتها من ويلات الحروب.
واختتمت الدملوجي رسالتها بالتأكيد على أن المرأة ستبقى صانعة الغد، قادرة على رسم مستقبل أفضل لنفسها ومجتمعها، متجاوزة العقبات ومواجهة لكل التحديات بالنور والمعرفة والإصرار على إزالة آثار الخراب والظلم.
معاً لإنهاء التمييز
من جانبها، أكدت العضو السابق في مجلس النواب شروق العبايجي، أن اليوم العالمي للمرأة ليس مجرد مناسبة لتقديم التهاني والورود، بل محطة لاستذكار دور المرأة الأساسي في المجتمع وتأكيد قدرتها على المشاركة الفاعلة في مختلف المجالات بكفاءة عالية.
وقالت العبايجي، أن هذا اليوم يجب أن يكون فرصة للاعتراف بالتمييز والتهميش الذي تتعرض له المرأة، لا سيما العراقية، وضرورة العمل على معالجته لضمان حقوقها وحمايتها من الاضطهاد. ووجهت تحية لكل نساء العالم في يومّهن، مشيدةً بتضحيات المرأة العراقية وعطائها المستمر من أجل أسرتها ووطنها، مؤكدةً أنها تستحق المزيد من الإنصاف والحماية عبر قوانين عادلة تعزز مكانتها في المجتمع.
دور ريادي
وتشاطر النائبة سروة عبد الواحد زميلتيها الرأي فتؤكد على الدور الريادي الذي تؤديه المرأة العراقية في مواجهة التحديات، وتشيد بمساهماتها الجوهرية في بناء المجتمع وبنضالها المستمر لتحقيق المساواة والعدالة.
وتدعو عبد الواحد إلى ضرورة أن يكون هذا اليوم العالمي حافزًا لإعادة النظر في الفكر والسلوك تجاه قضايا المرأة، فالكوتا النسائية داخل مجلس النواب، لم تحقق أي تغيير ملموس لصالح المرأة والأسرة، ما يستدعي تحوّلًا فكريًا حقيقيًا للوصول إلى العدالة، لأن تمكين المرأة في المجالين السياسي والمجتمعي، يتطلب جهودا جادة وإصلاحات حقيقية، ولا بد من إعادة النظر في الآليات التي تعيق تقدم المرأة، كي يتعزز دورها في صنع القرار.
من جهتها، أكدت الدكتورة خيال الجواهري أن يوم المرأة العالمي مناسبة لاستذكار نضالات النساء من أجل نيل حقوقهن وحرياتهن، مشيدة بالتضحيات الكبيرة التي قدمتها المرأة العراقية في مواجهة القيود المجتمعية والعادات والتقاليد البالية، مطالبةً بعراق خال من التهميش والعنف والتشريعات المجحفة ضد النساء.
ودعت الجواهري إلى مواصلة النضال لتعزيز دور المرأة ومكانتها في المجتمع، فيوم المرأة العالمي، في نظرها، دافع مهم لتحقيق تطلعاتها وطموحاتها في حياة كريمة وعادلة، لاسيما أن جهود الرجال لا تكتمل إلا بتكاتف النساء ومشاركتهن الفاعلة في بناء المجتمع.
محطة للتقييم الذاتي
واستذكرت الكاتبة والمترجمة سوزان سامي جميل درساً هاماً علّمته إياه احدى مدرساتها في الموصل، حين أوضحت لها بأن يوم المرأة العالمي ليس مجرد مناسبة للاحتفالات وتقديم الهدايا بل يجب أن يكون محطة للتقييم الذاتي والتخطيط لمستقبل أكثر وعيًا وإيجابية، فدعت إلى أن يكون هذا العيد فرصة لكل امرأة من أجل مراجعة إنجازاتها وأخطائها خلال العام المنصرم، وتصحيح مسار تطورها الذاتي لينعكس إيجابا على مجتمعها، وأن تعزز النساء فيه قدراتهن الفكرية والعلمية والثقافية وينمّين وعيهن، لكي نتمكن من تحقيق التغيير وبناء مجتمع متطور.
من جانبها، أكدت الناشطة ياسمين محمد علي، أن المرأة القوية والواعية ليست مجرد عنصر مكمل في الحياة، بل شريك أساسي في بناء مجتمع متوازن وقادر على تحقيق التقدم، مشددة على أن العلاقة بين الرجل والمرأة يجب أن تقوم على التكامل والاحترام المتبادل، معتبرةً أن الاختلاف بين الجنسين عنصر إثراء وليس سببًا للصراعات.
وأضافت، أن تعزيز الوعي بحقوق الإنسان وفهم ماهية الحياة هو ضرورة ملحّة للمرأة والرجل على حد سواء، مشيرةً إلى أن النضال ضد الظلامية والاستبداد يتطلب شجاعة وإرادة صلبة، وهو ما جسدته النساء العراقيات عبر تاريخهن في مواجهة التحديات.
واختتمت ياسمين محمد علي كلمتها بمناسبة يوم المرأة بالتأكيد على أن نضال النساء لن يذهب سدى، وأن اليوم الذي تُتوَّج فيه جهودهن بالنصر قادم لا محالة، داعيةً إلى إحلال السلام والمحبة والتضامن بين أفراد المجتمع.
ستنهض من تحت الرماد
وعبّرت الكاتبة والصحفية عدوية الهلالي عن إعجابها بكفاح المرأة العراقية، الذي يستحق كل التقدير في يوم المرأة العالمي، مشيرةً إلى أن صمودها دليل على قدرتها على النهوض من تحت الرماد والتحليق عالياً من جديد.
وأوضحت الهلالي، أن المرأة العراقية لم تتوقف عن الحلم والعمل والتحدي، برغم ما واجهته من حروب وحصار وعنف وإرهاب وفقر، متمنيةً أن تنال كل النساء العراقيات حقوقهن الكاملة وتتعزز مكانتهن عالميًا.
وتهنئ الباحثة حمدية جبر جميع النساء اللواتي استطعن مواجهة التحديات وتحقيق طموحاتهن رغم المصاعب، مؤكدة ان المرأة العراقية تبقى قوية، لا تستسلم للمغريات، ولا تنحني أمام العواصف. انها المرأة التي أثبتت عزيمتها وصمودها، رافعةً رأسها بعلمها وعملها، برغم كل ما واجهته من ضغوطات.
بين الواقع والإدعاءات
الناشطة المدنية تضامن عبد المحسن، ترى بأن الواقع الذي تعيشه المرأة العراقية، ينزع المصداقية عن الشعارات التي تروج لها المؤسسات الحكومية، مدعّية نجاحها في تمكين المرأة وحمايتها.
وتضيف أنه برغم أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء أنشأت دائرة وطنية خاصة بتمكين المرأة، إلا أن التشريعات الصادرة عن مجلس النواب تتناقض مع هذا الهدف، لا سيما التعديلات الأخيرة المجحفة على قانون الأحوال الشخصية، والتي تصادر حق المرأة في اختيار شريك حياتها، وتنتزع منها الأمومة، وتحدّ من حقوقها في الميراث.
وطالبت عبد المحسن الحكومة العراقية باتخاذ خطوات فعلية لتمكين المرأة، والالتزام بالمعاهدات الدولية التي تضمن كرامتها وتحفظ أسرتها. كما استنكرت قرار مجلس الوزراء تحديد يوم 3 مارس من كل عام يوماً للمرأة العراقية، دون وجود مناسبة تبرر ذلك التأريخ، مؤكدة أنّ الأولوية يجب أن تكون لضمان حقوق المرأة وحمايتها من القوانين غير العادلة.
وللناشطة المدنية رجاء الخفاجي رأي مماثل إذ تشير إلى ما تواجهه المرأة العراقية من تحديات كبيرة في ظل القوانين والتشريعات التي تكرّس التمييز ضدها، والتي يعد بعضها انتهاكًا صارخًا لحقوقها الإنسانية.
وتنتقد الخفاجي تمرير "مدونات قانونية مبهمة" بديلة عن قانون الأحوال الشخصية رقم 188، معتبرة أن هذه الخطوة تهدد الحقوق المدنية للأسرة العراقية، داعية إلى التمسك بحقوق المرأة ومواصلة النضال من أجل العدالة والمساواة، مؤكدةً على أن المرأة العراقية قادرة على تحقيق التغيير إذا ما توفرت لها الفرص والظروف المناسبة.
عيد دائم
وتتمنى الفنانة التشكيلية بيداء الشيخ أن يكون كل يوم عيدًا للمرأة، مليئًا بالفرح والاحترام، معبّرة عن تقديرها للمرأة في مختلف أدوارها، باعتبارها "أجمل الهدايا في الحياة"، وهو ما تؤكد عليه الأكاديمية الدكتورة رجاء العاني، التي ترى في المرأة العراقية رمزاً للحكمة والصبر والصمود في وجه الحروب والأزمات التي مرّت بها البلاد، واصفة إياها بـ"شجرة الحياة التي لا تموت".
وأكدت الشيخ أن المرأة ستظل عنوانًا للشموخ والكرامة، ويجب أن تُدعم في جميع المجالات، خاصةً في التعليم والعمل، لضمان مشاركتها الفاعلة في بناء المجتمع.
ولنفس الهدف تدعو الناشطة المدنية إخلاص كامل بهنام بلو، مشدّدة على ضرورة فتح المجال أمام المرأة العراقية لتبوّء أعلى المناصب السيادية والقيادية، لأن تحقيق العدالة والمساواة، سيسهم في تطور المجتمع بكافة المجالات. وهنّأت بلو جميع نساء العالم بمناسبة عيد المرأة، معتبرة أن المرأة "أضافت للكون رونقًا وجمالًا"، وتستحق كل التقدير والاحترام.
تاريخ من الحضارة
وفي حديثها عن يوم المرأة العالمي، تشير الأكاديمية الدكتورة ابتهال خاجيك تكلان إلى عمق تاريخ المرأة العراقية، الممتد عبر الحضارات، بدءًا من الشخصيات النسائية البارزة مثل شبعاد وإنخيدوانا وسميراميس وغيرهن، وصولاً إلى عشرات المناضلات من أجل الحرية والمساواة. ودعت تكلان النساء إلى التمسك بالعزيمة والنضال من أجل تحقيق أحلامهن، مؤكدة أن النجاح سيكون حليفهن بفضل إصرارهن وواقعيتهن، خاصة وهنّ قادرات على تحقيق الإنجازات الكبيرة إذا ما توفرت لهن الفرص والدعم اللازم.
وتجد الشاعرة والكاتبة المصرية فاطمة ناعوت، المرأة في بيتها "قائدة بلا مثيل"، مشددة على أهمية إيمانها بذاتها وقدراتها، لتلعب أدوارًا متعددة كما لعبت كوزيرة للصحة والتعليم والثقافة والدفاع، ولتتحمل مسؤولية بناء أجيال صالحة للوطن.
وأشارت ناعوت إلى أن المرأة العربية حققت العديد من المكتسبات، إلا أن الطريق ما زال مليئًا بالتحديات للوصول إلى المكانة التي تستحقها، مذكّرة بالدور التاريخي للمرأة في بناء الحضارات، خصوصًا في مصر والعراق، حيث وقفت جنبًا إلى جنب مع الرجل منذ آلاف السنين لتشييد أعرق حضارات العالم.
وشددت ناعوت على أن المرأة يجب أن تبقى جميلة وفاعلة في مجتمعها، وأن يتم دعمها وتمكينها في جميع المجالات.
ينشغل العراق كثيرا في التشديد على الجمع بين علاقات جيدة ومتوازنة مع إيران وفي الوقت نفسه مع امريكا، وهو ما تراه الحكومة العراقية وقسم غير قليل من القوى المتنفذة، انه قد يساعد في تقريب وجهات النظر على الصعيد الإقليمي والدولي في عدد من القضايا.
وهذا الانشغال، يتزامن مع رغبة واشنطن في فرض سياسات الضغط الاقصى وتشديد العقوبات على طهران، وهي رغبة لا تضع بغداد خارج هذه الحسابات، بل قد تكون الخسائر التي يتحملها العراق أشد تأثيرا في ظل الانقسامات الداخلية واستمرار تعامل القوى المتنفذة مع الدولة باعتبارها غنيمة، على الرغم من المؤشرات الواضحة باحتمالية استهداف العراق أمنيا واقتصاديا، وهو ما يؤكده أبرز الفاعلين سياسيا. وفي مقدمتهم وزير الخارجية العراقي.
تحولات المنطقة وأثرها على العراق
سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق رائد فهمي، قال ان ما تشهده المنطقة والشرق الأوسط عموما، يعكس مخططات –غير خافية – تقف خلفها الولايات المتحدة وإسرائيل، ولأجل تجنيب العراق تداعياتها، لابد من احداث تغيير حقيقي على مستوى بنية النظام السياسي.
ووضع فهمي تصورات واسعة، عن هذا المشهد في تصريح خص به "طريق الشعب"، مشيرا الى ان "المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، شهدت تطورات خطيرة خلال الفترة الماضية، خاصة الأشهر الأخيرة، وخصوصا بعد الهجوم الإسرائيلي الصهيوني على غزة، ومن ثم على لبنان وأخيرا على سوريا"، مبينا ان "هذه الاحداث الكبيرة تعكس مخططات أعلن عنها نتنياهو ولم تخفِها الإدارة الامريكية الحالية بقيادة ترامب، هي لإحداث تغييرات سياسية عميقة على صعيد الشرق الأوسط وعلى صعيد المنطقة. ونتنياهو يتحدث عن تغيير المشهد السياسي بالمنطقة في حين يتحدث ترامب، أيضا، عن شرق أوسط جديد. وهذه المخططات وما حققته الى الآن من تغييرات عميقة لها ارتدادات كبيرة على كل الأصعدة، لا بد من أن تكون لها تداعيات على الوضع في العراق، خاصة في ضوء التطورات التي حدثت في سوريا".
التماسك الوطني والتغيير السياسي
وأوضح فهمي، أنه "لأجل ان يتمكن العراق من مواجهة هذه الضغوط والتعامل معها بما يحفظ مصلحة العراق وطنا وشعبا، لابد ان تكون هناك حكومة ونظام ودولة متماسكة، وذات قاعدة شعبية واسعة تحظى بالتفاف شعبي، فضلا عن توافق واسع ما بين قوى الشعب الوطنية للتعامل مع هذه التحديات، ولذلك أصبحت موضوعة التغيير في ضوء العوامل الداخلية والخارجية على جدول الاعمال، لأجل ان يتمكن العراق من تحقيق أهدافه ومصالحه"، لافتا الى انه "لا بد من تحقيق التماسك الوطني، وهذا التماسك لا يتحقق من دون احداث تغييرات في واقع السياسة العراقية، وفي طبيعة المنظومة السياسية".
دولة ضعيفة ومترهلة!
وبيّن سكرتير الشيوعي العراقي، أن "نهج المحاصصة يقف عائقا أمام بناء دولة قوية بشرعيتها وقوية بمؤسساتها وقوية بقدرتها في الحفاظ على قرارها الوطني المستقل والدفاع عن سيادتها، فقد لاحظنا من خلال تجربة السنوات الماضية أن نهج المحاصصة أدى الى ان تكون الدولة ضعيفة ومترهلة وينخرها الفساد في كل مفاصلها، وكذلك نلاحظ ان قدرتها على ان تتخذ قرارات سيادية موحدة صعبة جدا بسبب الانقسامات داخل بنية الدولة، نتيجة لنهج المحاصصة والتعامل مع الدولة كغنيمة وليس التعامل معها على أساس انها مؤسسة وطنية تخدم المصلحة العامة".
وتابع قائلا، انه "من اجل ان يكون هناك بلد قادر على ان يواجه هذه التحديات، وان يؤمّن متطلبات استقراره الداخلي وعملية الإعمار وحسن إدارة المال العام، لاسيما ان مخاطر الضغوط الخارجية ستكون ذات طابع مالي واقتصادي، إضافة الى الجوانب السياسية والأمنية، فلا بد من الشروع بها والعمل بشكل جدي لإحداث التغييرات التي سبق ان طرحتها القوى السياسية، ومن ضمنها الحزب الشيوعي، ومنذ سنوات طويلة، إذ ان التغيير ضروري للخلاص من الازمة القائمة في بنية النظام السياسي وفي بنية العملية السياسية".
وأكد فهمي، ان "التغييرات اليوم، أصبحت ملحة نتيجة الأوضاع المضطربة إقليميا وأيضا التغييرات العالمية، فحالة درجة عدم اليقين وعدم الوضوح في المنطقة مرتفعة جدا، والضغوطات الخارجية باتت معلنة وستتخذ اشكالا مختلفة، فيما يتسم الوضع الداخلي العراقي بالكثير من الهشاشة، واذا لم تتم معالجة هذه الهشاشة فالتداعيات ستكون سلبية وصعبة على الشعب عموما والدولة ككل".
تعويل خاطئ وثغرة في التوازنات!
وأشار فهمي الى انه "من جانب اخر ينبغي أيضا ان نحذر من التعويل على التغيير الخارجي، فهو خاطئ، وهذا ما أكدته تجربتنا: ان أي تغيير خارجي يأتي وفق أجندة الجهات التي تعمل على هذا التغيير، ويخضع الى متطلباتها ومصالحها، التي لا تلتقي بالضرورة مع مصالح شعبنا. لكن هذه الضغوطات الخارجية في جانب منها تفرض حالة من توازن القوى - منطقيا - على صعيد المنطقة وربما على الصعيد العراقي، أي ان موازين القوى تشهد تغييرات حقيقية، وبعضها قد يفتح المجال للقوى الوطنية والديمقراطية والمدنية اذا ما عززت صفوفها ووحدت قواها وبلورت مشروعها الوطني للتغيير وبصورة قابلة للتحقيق، واستطاعت ان تمد جسورا واسعة وكبيرة مع المواطنين بمختلف فئاتهم وتحويل حالة الاستياء والتذمر الموجودة في اقسام واسعة من الشعب، نتيجة معاناتهم من الظروف الاقتصادية وتطلعهم الى التغيير الذي يهدف الى العيش الكريم، وتحويل كل ذلك الى فعل سياسي إيجابي، ويمكن مستقبلا ان يكون للتداعيات اثر على الصعيد الانتخابي، ورفع مستوى المطالبة الشعبية باتجاه عملية التغيير، فلا نجد هناك طريقا آخر غير طريق النهج الوطني وحشد القوى الوطنية والديمقراطية والشعبية بشكل عام حول هكذا مشروع، لأجل ان يتمكن العراق من ان يخوض بسلام في هذا البحر المتلاطم خلال الفترة القادمة، وان يصل الى بر الأمان، ويضع نفسه على طريق التقدم والاستقرار والاعمار".
ونوه فهمي الى ان "هذا الأمر مرهون _ الى حد كبير _ بان يدرك شعبنا ويغادر حالة الترقب وينتقل الى ساحة الفعل، وقد يكون على صعيد الفعل السياسي والاجتماعي والانتخابي من خلال المشاركة الواسعة".
تجنب المواجهة والمجابهة
من جانبه، قال الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، ان "العراق يتطور بشكل ملحوظ إزاء القضايا المصيرية، لاسيما التي تتعلق بتجنيب البلد المواجهة والمجابهة بين الولايات المتحدة الامريكية وبين فصائل محددة بعينها وبين جماعات وافراد من جهة أخرى".
وقال أبو رغيف لـ"طريق الشعب" ان "العراق بات يحتل مرتبة الصدارة دائما في الأخبار المثيرة للجدل، واعتقد ان قوى السلطة تدرك خطورة المشهد والوضع، وتسعى لتجنب ويلات وعقوبات محتملة.
عقوبات "كلاسيكية"!
وأضاف ابو رغيف، ان "الولايات المتحدة لن تلجأ الى الطرق الكلاسيكية في توجيه ضربات لاستهداف اشخاص، بل ستلجأ الى استنساخ تجربة تسعينات القرن الماضي"، في إشارة الى الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة على العراق ابان النظام السابق.
وأكمل أبو رغيف، ان "على العراق ان يحقق توازنا في علاقته مع ايران من جهة ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى بما يحفظ امن وسلامة البلاد من التعرض لأي شدة خارجية سواء كانت اقتصادية او أخرى تؤدي الى عنف وضربات".
برغم مرور أكثر من عقدين على التغيير السياسي في العراق، لا يزال ملف حقوق الإنسان يواجه تحديات جوهرية، وسط استمرار الانتهاكات وضعف المعالجات الجذرية.
وتشير تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى تدهور الحريات العامة وتصاعد الانتهاكات في مختلف المجالات.
استمرار الانتهاكات
وفي هذا السياق، أكدت لجنة حقوق الإنسان النيابية أن الانتهاكات الحقوقية لم تتوقف منذ عام 2003 وحتى اليوم، مشيرة إلى أن المشكلة لا تقتصر فقط على أداء الحكومات المتعاقبة، بل تمتد إلى غياب التشريعات الضرورية، التي تعرقلها الاغلبية السياسية، ما يعيق بناء منظومة قانونية متكاملة تضمن الحماية الفعلية للحقوق والحريات.
أكد رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، أرشد الصالحي، أن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق لا تزال مستمرة منذ عام 2003 وحتى اليوم، مشيرًا إلى أن المشكلة لا تكمن في أداء الحكومات، بل في غياب التشريعات الضرورية التي تعرقلها الأغلبية السياسية.
وأوضح الصالحي أن "هناك العديد من الحقوق الأساسية، مثل الحق في التربية والتعليم والصحة والسكن، بالإضافة إلى مشكلة التمييز بين مكونات المجتمع، تُسجل كسلبيات ضد القوى السياسية التي تشكل الحكومات العراقية".
وأضاف أن "هذه القوى مسؤولة عن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، بسبب عدم تشريع القوانين اللازمة لحمايتها".
وشدد الصالحي على "ضرورة إقرار قوانين تحمي حقوق المواطنين"، مشيرا إلى أن "بعض الأطراف تعرقل هذه التشريعات لأنها تتعارض مع مصالحها، مما يساهم في استمرار الانتهاكات دون حلول جذرية".
وفي ظل هذا الواقع، يرى مراقبون أن العراق ما زال بحاجة ماسة إلى إصلاح تشريعي شامل يشمل قوانين جوهرية مثل قانون مناهضة العنف الأسري، وحماية الطفل، وحرية الرأي والتعبير، وحق الحصول على المعلومات، ومناهضة التعذيب، وغيرها من القوانين التي تمس جوهر حقوق الإنسان. كما تتطلب المرحلة القادمة تفعيل الرقابة، وضمان استقلال القضاء، ودعم دور المجتمع المدني، لتعزيز آليات الحماية الحقوقية في البلاد.
مسؤولية الاخفاق مشتركة
وتعليقاً على ذلك أكد رئيس مؤسسة حق لحقوق الإنسان، عمر العلواني أن الانتهاكات الحقوقية في العراق تشهد تصاعدًا مستمرًا، مستندًا إلى مؤشرات عديدة تعكس تدهور الأوضاع في الفترة الأخيرة، سواء بسبب غياب التشريعات اللازمة أو ضعف الرقابة على معايير حقوق الإنسان.
واوضح بالقول انه برغم أن "تصريح لجنة حقوق الإنسان النيابية جيد، إلا أنها تتحمل جزءًا من المسؤولية عن هذا التراجع".
وبين في حديثه مع "طريق الشعب"، ان "المشكلة لا تكمن فقط في غياب القوانين، بل في عدم وجود منظومة حقيقية لحماية حقوق الإنسان، إضافة إلى ضعف تواصل لجنة حقوق الانسان النيابية مع المنظمات والمدافعين عن الحقوق، وأحيانًا ممارستها أدوار سياسية على حساب مهامها الأساسية".
وأشار إلى أن مجلس النواب، بصفته السلطة التشريعية العليا، "يتحمل مسؤولية كبرى في تقديم الضمانات وتعزيز حالة حقوق الإنسان عبر تشريعات ملائمة".
ولفت إلى ان تقرير بعثة الأمم المتحدة (يونامي) الصادر قبل نحو شهر بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية، "شدد على ضرورة أن تكون القوانين العراقية متوافقة مع معايير حقوق الإنسان والتزاماته الدولية، وهذا بحد ذاته مؤشر على غياب التشريعات المناسبة بل ووجود تشريعات مضادة للحقوق الأساسية".
وأضاف العلواني، أن "القوانين وحدها لا تكفي، إذ تبقى عديمة التأثير في ظل غياب الرقابة وعدم وجود آليات حقيقية لتطبيقها".
وانتقد العلواني اقتصار لجنة حقوق الإنسان النيابية على إصدار التصريحات، داعيًا إياها إلى تفعيل دورها عبر زيارات ميدانية للسجون، وإطلاق برامج لمتابعة الانتهاكات، وتعزيز التواصل مع المنظمات الحقوقية بشكل غير انتقائي.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن "مسؤولية تدهور حالة حقوق الإنسان في العراق مشتركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية"، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات حقيقية لمعالجة الانتهاكات وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين.
ما المطلوب؟
من جهته، اكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، د. فاضل الغراوي أن واقع حقوق الإنسان في البلاد لا يزال يواجه تحديات كبيرة في مختلف المجالات، لا سيما في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وذكر البياتي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "مسؤولية تحسين هذا الواقع تقع على عاتق الجميع، بما في ذلك الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني والمؤسسات الرقابية"، مؤكدًا ضرورة تضافر الجهود لإجراء إصلاحات حقيقية.
ولفت إلى ان هناك حاجة ملحة "لإصدار تشريعات أساسية تعزز حقوق الإنسان، مثل قانون مناهضة العنف الأسري، وقانون حماية الطفل، وقانون حرية الرأي والتعبير، وقانون حق الحصول على المعلومة، وقانون مناهضة التعذيب، وغيرها من القوانين التي تمس جوهر الحقوق الأساسية للمواطنين".
وخلص الى القول: أن المطلوب اليوم هو "إصلاح تشريعي شامل، وتفعيل الدور الرقابي، وضمان استقلالية القضاء، وتعزيز دور المجتمع المدني، إلى جانب تحسين أداء الحكومة في حماية الحقوق وضمان تنفيذ الالتزامات القانونية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان".