يصنف العراق دوليا ضمن الدول الأكثر فسادًا في العالم، وهو واقع أصبح ملموسًا لدى المواطنين الذين فقدوا الثقة في الحكومة، بسبب تفشي الفساد في جميع مؤسسات الدولة، حيث لا يكاد يخلو اي مشروع من شبهات الفساد.
وساهم الفساد بتدمير الموارد الطبيعية للبلاد، وأضعف الشفافية في اتخاذ القرارات المصيرية التي تؤثر على حياة المواطنين.
ديمومة الريع النفطي
يقول المحلل السياسي، عصام فيلي، إن "العراق منذ بداية التغيير السياسي، عام 2003، لم يعمل بشكل جدي على بناء دولة حقيقية من حيث الشفافية في الموارد المالية، وإدارة الأموال"، مشيرا إلى أن "معظم القوى السياسية انشغلت بالسيطرة على الوزارات التي تدر عليها أموالاً كبيرة، ما أدى إلى تجاهل وزارات أخرى تحقق إيرادات كبيرة للدولة. ونتيجة لذلك، أصبح الاعتماد بشكل أساسي على الاقتصاد الريعي المتمثل في النفط".
وأضاف فيلي لـ "طريق الشعب"، أن "مشكلة الفساد تكمن في عدة جوانب، منها غياب الحسابات الختامية في الكثير من السنوات، وعدم تقديم تقارير دقيقة حول الميزانية".
وأوضح، أن هناك تبادلا غير شفاف بين الميزانية المرسلة من الدولة والميزانية المقدمة للبرلمان، ما أدى إلى الدخول في إشكاليات كثيرة.
وأضاف، أن جزءاً من الفساد يأتي من منظومة سياسية متشابكة تسهم فيه أطراف متعددة، وأن الفساد في العراق يمثل نظاماً متكاملاً يحظى بحماية من خارج الحدود، حيث أن كبار الفاسدين، رغم إدانتهم، لا يتم تقديمهم للمحاكمة بشكل حازم.
وذكر فيلي، أن بعض هؤلاء الفاسدين تمت محاكمتهم ثم أُحيلت قضاياهم من السلطة القضائية إلى التنفيذية، ما يسهم في تضييع الفرص لمحاسبتهم.
وأشار إلى أن هناك جهات خارجية تلعب دوراً كبيراً في التخطيط للفساد والاستحواذ على المال العام في العراق، حيث تتغلغل هذه الجهات في المؤسسات الحكومية، وتساعد الفاسدين على الهروب وعدم الملاحقة القانونية.
وعدّ، أن "الفساد والمحاصصة والطائفية هما الوجه الأبرز للمشهد السياسي في العراق منذ عام 2003، إذ ساهمت غالبية القوى السياسية في استشراء هذه الآفة الثلاثية وإرساء جذورها". ولا يعتقد فيلي أن هناك جهة سياسية تتبنى الكفاءات المستقلة لمشروع بناء دولة.
واعتبر أن جميع المكونات تتحمل مسؤولية تقويض النظام الديمقراطي في العراق، لافتًا إلى أن التقاطعات والخلافات بين المكونات المشاركة في الحكومة تبرز عندما تتضارب المصالح الحزبية والسياسية، ما يؤدي إلى تبادل الاتهامات بالطائفية والمحاصصة.
وكشفت منظمة الشفافية الدولية بيانات مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، الذي يقيّم مستويات الفساد في 180 دولة حول العالم.
ووفقاً للبيانات حصل العراق على المرتبة 140 في المؤشر الذي يبدأ المقياس من صفر (الأكثر فسادًا) إلى 100 (الأقل فسادًا)، وتصنف المنظمة العراق ضمن 25 دولة هي الأكثر فسادًا في العالم.
ووفقًا لأرقام رسمية نشرت عام 2020، فإن سوء الإدارة في العراق كان السبب وراء اختفاء أكثر من 400 مليار يورو خلال قرابة 20 عامًا، ذهب ثلثها إلى خارج البلاد.
تحرك حكومي بطيء
وفي حديثه عن ظاهرة الفساد في العراق، ذكر المحلل السياسي علي البيدر، أن الفساد موجود في كل دول العالم، لكن في العراق أصبح يشكل ظاهرة واضحة.
وقال البيدر انه "في معظم دول العالم، يعد الفساد مشكلة هامشية، لكن في العراق أصبح تحدياً كبيراً"، مؤكداً أن الفساد يتطلب أكثر من مجرد محاولات حكومية لتصحيحه.
وأضاف البيدر لـ "طريق الشعب"، أن "الأزمة بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية ودور فاعل للجهات الرقابية، التي تفتقر في بعض الأحيان إلى القوة والمصداقية".
ونوه البيدر بدور المواطن في هذه المعادلة، حيث يُعتبر جزءاً من منظومة الفساد بسبب عدم التزامه بالقوانين والتعليمات، وعدم دفع الرسوم المستحقة للخدمات المقدمة.
ولفت إلى أن محاربة الفساد تتطلب تضافر جهود مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، وكذلك الدور المهم للمؤسسات الدينية والعشائرية.
وأشار إلى أن خطوات الحكومة في مكافحة الفساد تسير ببطء، متأثرة بقوة النفوذ الفاسد الذي يسيطر على المشهد السياسي. كما أشار إلى وجود لوبيات دولية قد تكون وراء تعميق الأزمة، ما يجعل محاربة الفساد أكثر تعقيداً.
وأوضح البيدر أن مكافحة الفساد لا بد أن تكون جزءاً من مشروع شامل تشارك فيه جميع الأطراف الفاعلة في المجتمع.
الحاجة إلى مساعدة دولية
وفي السياق، قال المحلل السياسي أحمد الياسري أن "العراق يواجه عدة تحديات رئيسة تتعلق بالأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذه التحديات، رغم تغير بعض ملامحها، ظلت ثابتة في المشهد السياسي منذ عام 2003 وحتى الآن".
وأشار الياسري خلال حديثه لـ "طريق الشعب"، إلى أن "التحدي الأول والأبرز في العراق هو المحاصصة الطائفية، التي أصبحت جزءًا من النظام السياسي العراقي. هذه المحاصصة التي أُدرجت كحل من قبل الولايات المتحدة، أدت إلى تحويل السياسة العراقية إلى مشكلة مستمرة، وأسهمت في إضعاف النظام السياسي العراقي. كما أن المحاصصة زادت من تعميق الفجوة بين المكونات العراقية المختلفة، ما ساهم في تكريس الصراعات العرقية والطائفية التي لا تزال تؤثر على الوضع السياسي في البلاد".
أما التحدي الآخر الذي يراه الياسري من أخطر التحديات فهو الفساد المستشري في الدولة العراقية.
وأكد، أن "الفساد أصبح ظاهرة متأصلة في بنية الدولة العراقية، حيث توجد "دولة عميقة" تدير ملف الفساد، وتعمل على تغطيته وتحويله إلى جزء من النظام السياسي والاقتصادي في البلاد. هذا الفساد لا يقتصر على طبقة سياسية معينة، بل أصبح جزءًا من ثقافة المجتمع العراقي نفسه، حيث يدعم المجتمع أحيانًا هذه الظاهرة من خلال قبول الرشوة والممارسات الفاسدة كجزء من الواقع السياسي والاجتماعي.
وأوضح الياسري، أن الشخص الذي لا يشارك في الفساد لا يستطيع أن ينجح في السياسة أو يشغل منصبًا حكوميًا، وأن الفساد أصبح يشكل عائقًا أمام بناء أي برامج إصلاحية حقيقية.
وفي ما يتعلق بالحلول لهذه التحديات، أشار الياسري إلى ضرورة إعادة ترتيب شكل الدولة العراقية، وتحديد ما إذا كانت الدولة ديمقراطية بالفعل.
الفصل بين السلطات
وأكد أن المؤسسات الديمقراطية القوية هي المفتاح لتحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي في العراق، مبينا أن فصل السلطات بين التشريعية والتنفيذية والقضائية أمر ضروري لتقليل الفساد وتعزيز سيادة القانون.
وأضاف، أن "العراق بحاجة إلى مساعدة دولية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المسروقة، لأن التحديات الداخلية لوحدها لن تكون كافية لحل مشكلة الفساد المستشري".
وأشار الياسري إلى أن "العراق يواجه تحديًا كبيرًا في استرداد الأموال المهدرة بسبب الفساد، ويحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي لمراقبة حركة الأموال ووقف تسريبها إلى خارج العراق"، مؤكدا أن "حل مشكلة الفساد في العراق يتطلب تنسيقًا دوليًا، خاصة مع بعض الشركات العالمية التي يمكنها أن تساعد في مراقبة التحويلات المالية والحد من تدفق الأموال لخارج العراق".
واختتم الياسري مشددا على أن "العراق لا يمكنه أن يحقق أي إصلاح حقيقي إلا إذا تعاون مع المجتمع الدولي بشكل جاد، إذ لا يمكن التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية الكبيرة في ظل الوضع الراهن من دون دعم ومساعدة من الخارج".
احتفل المعلمون العراقيون، أمس السبت، بعيدهم السنوي المصادف الأول من آذار، وذلك في حفل نظمته نقابة المعلمين بالتعاون مع وزارة التربية، تحت شعار "المعلمون بصمات خالدة في سفر الأجيال". وشهد الحفل حضورًا واسعًا من المعلمين والتربويين، حيث تم التأكيد على الدور الاستثنائي الذي يلعبه المعلمون في بناء المجتمع وتشكيل هوية الأمة.
المعلمون صناع التغيير
وأكد نقيب المعلمين العراقيين، عدي حاتم العيساوي، خلال كلمة ألقاها في الحفل، على الدور الكبير الذي يلعبه المعلمون في المجتمع، مشيرًا إلى أنهم ليسوا مجرد ناقلين للمعارف، بل هم صناع التغيير الحقيقيين.
وقال العيساوي: "المعلمون لا يعلّمون الطلبة القراءة والكتابة فحسب، بل يغرسون فيهم القيم والأخلاق التي تُشكّل هوية الأمة".
وأضاف أن نقابة المعلمين تعمل جاهدة لتحسين أوضاع المعلمين وتذليل الصعوبات التي تواجههم، داعيًا إلى مزيد من الدعم الحكومي والاجتماعي لهذه الفئة التي تُعتبر عماد التنمية.
مطالب نقابة المعلمين
من جانبه، وجّه نقيب المعلمين في كركوك، حسان الجبوري، تهانيه إلى المعلمين بمناسبة عيدهم السنوي، مشيدًا بتضحياتهم وجهودهم في بناء الأجيال.
وقال الجبوري، في حديث لـ"طريق الشعب"، أن نقابات المعلمين لديها عدة مطالب موجهة إلى رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أبرزها شمول المعلمين بقطع الأراضي السكنية أسوة بباقي الوزارات، إلى جانب تحسين أجورهم بما يتناسب مع دورهم في العملية التربوية.
كما تطرق الجبوري إلى أزمة الدوام الثنائي والثلاثي التي تعاني منها معظم المحافظات، مشيرًا إلى أن وزارة التربية تعمل على بناء وتأهيل عدد كبير من المدارس لمعالجة هذه المشكلة. وفيما يخص نقص الكوادر التدريسية، نفى الجبوري وجود نقص فعلي، معتبرًا أن المشكلة تكمن في سوء التوزيع بسبب التدخلات السياسية من قبل أحزاب ومسؤولين فاسدين، والذين يسعون لنقل بعض الشخصيات التدريسية إلى مواقع تتناسب مع مصالحهم الخاصة بعيدًا عن الأولويات التعليمية.
وأضاف الجبوري، أن هذه التدخلات أثرت على نوعية الكوادر المتوفرة، حيث تكتظ بعض المدارس بتخصصات فنية ورياضية. بينما تعاني أخرى من نقص في مدرسي مواد أساسية مثل الإنجليزية والاجتماعيات والرياضيات، ما ينعكس سلبًا على جودة التعليم في البلاد.
بدورها، أكدت نقابة المعلمين في ديالى، أنها لم تحصل على أي قطعة أرض لمنتسبيها منذ عام 2003 وحتى الآن، أي لمدة 22 عاماً.
وقال نقيب معلمي ديالى، محمد علي حيدر الجبوري، في حديث صحفي إن "الكوادر التربوية في ديالى لم تحصل بعد عام 2003 حتى يومنا هذا على أي قطعة أرض سكنية". لافتاً إلى أن "70% من المعلمين في ديالى يسكنون في منازل مؤجرة أو منازل غير مسجلة بأسمائهم".
وأوضح الجبوري أن "هذه الأرقام تكشف عن معاناة كبيرة تعاني منها الطبقة التعليمية في ديالى بشكل عام، مشيراً إلى أن بعض المعلمين الذين أكملوا السن القانونية للتقاعد لم يحصلوا على قطعة سكنية، بل إن بعضهم لا يزال يسكن في منازل مؤجرة حتى هذه اللحظة".
وأكد الجبوري أن "رغم الجهود المكثفة على مدار سنوات طويلة لتحقيق أبسط حقوق الهيئات التعليمية والتدريسية بالحصول على قطعة أرض سكنية، إلا أنه لم يتم الحصول على شيء". وأضاف أن "هذا الأمر يثير القلق في يوم المعلم ويجب أن يُعطى الاهتمام اللازم عبر وسائل الإعلام، من أجل ضمان حقوق المعلمين، بما في ذلك قطعة الأرض السكنية التي يبني عليها منزل أحلامه ويأوي أسرته".
تحذيرات من أزمات التعليم
وحذر التربوي والصحفي غضنفر لعيبي من التحديات التي تواجه الكوادر التربوية في العراق، وعلى رأسها نقص الكوادر التدريسية في المدارس، ما أثر على قدرة المعلمين في تقديم المناهج الدراسية بشكل مناسب للتلاميذ.
وقال لعيبي، لـ"طريق الشعب"، أن هذه الأزمة تعود إلى السياسات الحكومية المتبعة، وأبرزها وقف التعيينات والاكتفاء بالتعاقد مع مدرسين بعقود مؤقتة، مشيرًا إلى أن هؤلاء المعلمين يعانون من تدني الأجور، حيث لا تتجاوز رواتبهم 350 ألف دينار شهريًا، مقارنةً بزملائهم على الملاك الدائم الذين يتقاضون 700 ألف دينار، ما يكرس حالة من التمييز الوظيفي داخل القطاع التربوي.
وأضاف لعيبي، أن المعلمين يواجهون انتقادات من أولياء الأمور نتيجة المشكلات التي تعاني منها المدارس، رغم أن هذه الأزمات خارجة عن إرادتهم، لافتا إلى أن العراق يكاد يكون الدولة الوحيدة التي لا تزال مدارسها تعمل بنظام الدوام الثنائي والثلاثي، بسبب قلة أعداد المدارس، وتهالك عدد كبير من الأبنية المدرسية، ما أجبر وزارة التربية على دمج دوام عدة مدارس في بناية واحدة، وهو ما أدى إلى تقليص ساعات الدروس، مما أثر سلبًا على الخطة التدريسية وإكمال المناهج.
كما سلط لعيبي الضوء على الاكتظاظ الكبير في الصفوف الدراسية، حيث يتجاوز عدد التلاميذ في بعض الفصول 70 طالبًا في الصف الواحد، وهو ما يفوق قدرة المعلم على الاستيعاب والإدارة، ما ينعكس سلبًا على جودة التعليم ومستوى استيعاب التلاميذ.
إبعاد الفاسدين عن التربية
وفي المناسبة، تقدم عدد من السياسيين بالتهاني والتبريكات للمعلمين، لكن اللافت كانت دعوة رئيس مجلس النواب السابق، محمد الحلبوسي، إلى إبعاد وزارة التربية عن أيدي الفاسدين.
وقال الحلبوسي، في تغريدة على منصة "X": "في هذه المناسبة أدعو كلَّ الحريصين على البلد ومستقبل أجياله إلى إبعاد وزارة التربية ومؤسَّساتها عن أيدي الفاسدين، الذين يتحكَّمون بمقدَّراتها، وينهبون ممتلكاتها وصناديقها ومطابعها وأراضيها، ويتلاعبون بكوادرها دون رادع، ولم تسلم منهم حتى قرطاسية التلميذ وكتابه".
جاء احتفال المعلمين العراقيين بعيدهم هذا العام وسط تحديات كبيرة تواجه القطاع التربوي، من نقص الكوادر التدريسية، وتهالك الأبنية المدرسية، ونظام الدوام الثنائي والثلاثي، بالإضافة إلى تدني أجور المعلمين المتعاقدين.
وتظل مطالب المعلمين بتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية، وإيجاد حلول عاجلة لأزمات التعليم، في مقدمة الأولويات التي تحتاج إلى تدخل حكومي سريع وفعّال لضمان مستقبل أفضل لأجيال العراق.
أقام الحزب الشيوعي العراقي، وعلى شرف الذكرى الـ 91 لتأسيس الحزب، يوم الاثنين 24 شباط 2025، جلسة استذكار للشخصية الوطنية والديمقراطية البارزة، والقيادي السابق في الحزب الرفيق الراحل الدكتور مكرم الطالباني.
حضر الحفل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، إلى جانب عدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية، مما يعكس المكانة الكبيرة التي احتلها الطالباني في المشهد الوطني.
كلمة "الشيوعي العراقي"
وبدأت الجلسة بعزف النشيد الوطني، تلاها وقوف الحاضرين دقيقة صمت حدادًا على روح الفقيد. بعد ذلك، رحّب الرفيق علي صاحب، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بالحضور، ثم دعا الرفيق حيدر مثنى، عضو المكتب السياسي، لإلقاء كلمة اللجنة المركزية للحزب في هذه المناسبة.
وقال الرفيق مثنى: "إننا إذ نؤبن اليوم الشخصية الوطنية والديمقراطية العراقية والكردستانية، والشيوعي العتيد الرفيق الدكتور مكرم جمال الطالباني، فإننا نستذكر أبرز محطات حياته السياسية ومواقفه الوطنية والنضالية. نحتفي بالفقيد الذي عاش أكثر من مئة عام، كان خلالها ملتصقًا بهموم شعبه، مدافعًا عن حقه في الاستقلال والديمقراطية والحياة الكريمة، وذاد بثبات عن حقوق الشعب الكردي العادلة".
وأضاف انه "في مسيرة الفقيد الكبير والقيادي السابق في حزبنا الشيوعي العراقي الحافلة، تبرز محطات هامة كان للراحل مواقف مشهودة فيها. الطالباني، الذي تخرج من كلية الحقوق في جامعة بغداد عام 1946، في وقت كان العراق يمر بحراك سياسي وتحولات اجتماعية ستظهر آثارها بعد سنوات قليلة، سرعان ما انضم إلى فريق من المحامين للدفاع عن الرفيق يوسف سلمان يوسف (فهد)".
عائلة الفقيد
بعد ذلك، قدمت السيدة لامعة الطالباني، كلمة نيابة عن عائلة الفقيد، قالت فيها: "ماذا أقول لمن كان أبي وأخي وصديقي وملهمي؟ كان دمث الأخلاق وحاضر الذهن، يستند إلى إرث غني من الحكم والأمثال والطرائف التي كان يوظفها ببراعة في لقاءاته السياسية والدبلوماسية والاجتماعية. كان صامدًا وصامتًا في وجه المحن، يشهد له كل من زامله في السجون والمعتقلات، إذ لم يكن يعرف للخنوع طريقًا".
وشهدت الجلسة عُرض فيديو قصير عن محطات حياة الرفيق الراحل، تلاه الجزء الثاني من الجلسة الذي تضمن عددًا من المداخلات والشهادات من قبل شخصيات بارزة، منهم الدكتور سيف عدنان القيسي، والدكتور جمال العتابي، والدكتور حسين الجاف، والمهندس علي غالب.
ذكريات الحاضرين مع الراحل
الكاتب المعروف، د. جمال العتابي تحدث عن ذكرياته مع الراحل قائلًا: "أتحدث عن مكرم الطالباني ليس فقط لأني زاملته في العمل عندما بدأنا عام 1969 في مجلة 'الثقافة الجديدة'، حيث كان هو رئيس التحرير، وكنا لا نتجاوز الثلاثة أو الأربعة من أعضاء هيئة التحرير. في تلك الفترة، عرفت سمات وخصال هذا الرجل المعروفة، والتي لا تحتاج إلى إعادة. لكني أيضًا عدت وقرأت مذكراته والتقيت به بعد عام 2003، وكان لي معه حوار نُشر في جريدة 'القاسم المشترك' آنذاك".
وأضاف العتابي، انه "خلال هذا الحوار، تأكد لي أن مكرم الطالباني كان لديه موقف مختلف تمامًا من عملية التحولات التي حصلت بعد عام 2003. في هذه الأثناء، عرفت أن حياة مكرم الطالباني كانت مليئة بالمتناقضات والمفاجآت، منها المحزن ومنها المبكي. هذه المسيرة بدأت منذ أن نجح في الصف الخامس الإعدادي متفوقًا على طلبة لواء كركوك آنذاك".
من جانبه، قال الباحث د. حسين الجاف ان "مكرم الطالباني منحدر من عائلة صوفية تنتمي إلى الطريقة القادرية، ولا يزال أبناء عمومته يتزعمون هذه الطريقة في كركوك. التكية الطالبانية في كركوك تعتبر مركزًا وطنيًا رفيعًا للتآخي والمحبة".
وأضاف الجاف، ان "الطالباني شخصيًا كان يميل إلى العزلة أحيانًا، وكنت أراه في جمعية الثقافة الكردية في بغداد في أوائل السبعينيات. يعتبر هو والمرحوم الوزير الشهيد صالح اليوسفي والدكتور سامال مجيد فرج من مؤسسي هذه الجمعية، التي تعتبر من روافد الثقافة الكردية الحقيقية ومركزًا للتآخي العربي الكردي".
مواقف مشهودة ونزاهة معهودة
بدوره، قال المهندس علي غالب، إن "الدول والوزارات والمؤسسات اعتادت أن تكرم رجالها العاملين وعلماءها البارزين وشخصياتها التي تركت بصمات خلال سنوات عملهم. وفقيدنا الدكتور مكرم الطالباني، الذي نقف اليوم لتأبينه، كان علمًا بارزًا من أعلام العراق ورجاله الوطنيين المخلصين، الذين بذلوا الكثير في خدمة الوطن في مختلف مواقع المسؤولية التي تقلدها، وتصدى لها طيلة مسيرة حياته المعروفة بالاستقامة والمواقف المشهودة والنزاهة المعهودة".
من جهته، قال الأكاديمي د. سيف القيسي ان "مكرم الطالباني شخصية وطنية لا تمثل الكرد أو الشيوعيين فقط، بل هي شخصية وطنية بامتياز. والشخصية الوطنية تتضح مما تركه من أثر هنا وهناك. وباعتباري باحثًا، تابعت عددًا من الشخصيات الشيوعية لإجراء مقابلات لرسالتي للماجستير وأطروحتي للدكتوراه، ومن ضمنهم الدكتور مكرم الطالباني، الذي كان وقتها في السليمانية. في لقائي معه، وجهت له مجموعة من الأسئلة وتناولت بعضًا من مسيرته. أول سؤال طرحته عليه كان: كيف لشخصية من عائلة دينية وطريقة صوفية أن تتجه إلى الحزب الشيوعي العراقي؟ فأجاب: 'نحن طريقة صوفية، والذين يترددون عليها أغلبهم من الناس الزهداء والفقراء والبسطاء. كانت هذه الطريقة على تماس مباشر مع همومهم وفقرهم المدقع، خاصة في المناطق الكردية. وبسبب هؤلاء، أصبحت أكثر قربًا من معاناة الناس. ومن خلال دراستي في بغداد، انضممت إلى الحزب الشيوعي في تلك الفترة، وأول قضية توليتها كانت الدفاع عن يوسف سلمان يوسف (فهد)".
واختتمت الجلسة الاستذكارية بتقديم الشكر للحضور، والتأكيد على أن إرث الراحل مكرم الطالباني سيظل خالدًا في ذاكرة العراقيين، كرمز للنضال الوطني والديمقراطي والدفاع عن حقوق الشعب العراقيين جميعا على حد سواء.
يشكّل سوء إدارة السياسات المالية والنقدية، واستمرار الريع النفطي، تهديدا مستمرا للوضع الاقتصادي في العراق، الأمر الذي يجعل المواطن في حالة استقرار، وتحيط به الأزمات رافعة سلاح الفقر والبطالة والتقشف.
ويحذر اقتصاديون وباحثون، من أن الإبقاء على الحالة الراهنة في اعداد الموازنات العامة وتحقيق الإيرادات، يقود الى رفع معدلات الفقر، التي تتحدث الحكومة اليوم عن خفضها، مشيرين الى أن انخفاض أسعار النفط كفيل برفع تلك المعدلات الى نسب جنونية، الى جانب أسباب أخرى ترتبط بانخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، وارتفاع أسعار السوق.
وأعلنت وزارة التخطيط، امس الأربعاء، نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للاسرة في جميع محافظات العراق، حيث تلك النتائج تراجع نسبة الفقر الى (17.5) عما كانت عليه عام 2018 والتي قدرت بـ(20.05 بالمئة).
وحدد المسح متوسط إنفاق الفرد الشهري (248.6) الف دينار، ومتوسط دخل (201.3) ألف، فيما بلغ معدل البطالة للفئة العمرية (15 سنة فأكثر) (13.5 بالمئة)، مشيرا الى ان (96.4 بالمئة) من الأسر العراقية تمتلك بطاقة تموينية.
كما أظهرت نتائج المسح أن (15.2 بالمئة) من الأفراد في العراق مصابون بأمراض مزمنة، وان (77.6 بالمئة) من الأسر يمتلكون مساكن.
إحصائيات الفقر
وسجلت محافظة المثنى اعلى نسبة للفقر بلغت (40 بالمئة)، تلتها بابل بنسبة (35.7 بالمئة). اما المحافظة الأقل فقراً فكانت أربيل بـ (7 بالمئة)، ثم محافظة السليمانية بـ(8 بالمئة).
وطبقا للمسح، فأن محافظات ذي قار والمثنى والديوانية ونينوى سجلت انخفاضا في معدلات الفقر بالمقارنة مع كانت عليه عام ٢٠١٨، حيث سجلت ذي قار نسبة (15 بالمئة)، بعد ان كانت (40 بالمئة) عام 2018، بينما سجلت المثنى (43 بالمئة)، بعد ان كانت (52 بالمئة). وسجلت الديوانية نسبة (29 بالمئة)، بعد ان كانت (48 بالمئة)، فيما سجلت محافظة نينوى (13 بالمئة) بعد ان كانت (38 بالمئة).
ومع وصول أعداد سكان العراق إلى حاجز الـ 46 مليون نسمة، وفق التعداد السكاني الذي أعلنته التخطيط يوم الاثنين، يحذر رئيس مؤسسة عراق المستقبل منار العبيدي، من أن معدل الزيادة السكانية في العراق هو مليون نسمة سنويا، وبالتالي اذا استمر إنتاج وأسعار النفط الحالية فإن نسبة الفقر في العراق ستبلغ 84 بالمائة.
5 فقراء من بين كل 30 عراقيا
وقال العبيدي، إن نسبة النمو السكاني السنوي 2.53%، وهذا يعني أن عدد سكان العراق يزداد بأكثر من مليون شخص سنويًا، مما سيجعل العدد يتجاوز 50 مليون نسمة في 2030. ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 70 مليون نسمة في 2040.
وعن نسبة الفقر التي كشف عنها المسح، علّق العبيدي بأن الـ 17.5 بالمئة، تعني أن من بين كل 30 عراقياً، هناك 5 أشخاص تحت خط الفقر، مشيراً إلى أن استمرار الوضع الحالي من حيث الإنتاج النفطي والإيرادات وبقاء الموازنة على مستوياتها الحالية، قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر إلى 23 بالمائة بحلول 2030. وبالتالي قد تصل إلى 84% في 2040، إذا تراجعت أسعار النفط ولم يتم اتخاذ إجراءات جذرية.
وكان المتحدث السابق باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، أكد في تصريح سابق لـ"طريق الشعب"، أن الوزارة تعمل على إعداد استراتيجية مكافحة الفقر الثالثة للسنوات الخمس المقبلة، والتي تتضمن مجموعة من الإجراءات والسياسات التي تستهدف تمكين الفقراء في مختلف المجالات تلك الخطة تتناول مختلف قطاعات التنمية، وأعطت مساحة كبيرة لواقع الخدمات، لاسيما الصحة والتعليم والسكن ورفع مستوى الدخل.
تحذيرات النموذج الإفريقي
وفي هذا السياق، يجد المراقب للشأن الاقتصادي علاء الفهد، أن المرحلة الحالية "تتطلب تغييرا جذريا في البرامج الحكومية وتعديل الخطط المستقبلية، بناء على المؤشرات التي أظهرتها نتائج المسح".
ويقول الفهد، أن وجود هذه الإحصائيات يسمح للحكومة بـ"تقسيم التخصيصات المالية بدقة، والبدء بمعالجة الفقر والبطالة"، داعيا الى بدء حملات توعوية لتقليل معدل النمو السكاني، والعمل على زيادة الإيرادات الحكومي وتنويع الاقتصاد، فبخلاف ذلك يواجه العراق خطرًا حقيقيًا قد يحوله إلى دولة تعاني من أزمات شبيهة بما تعانيه الدول الإفريقية: انتشار الفقر، صراعات قبلية، مجاعات، وجرائم وغيرها.
ويشكل الفقر، بحسب الباحث الاقتصادي همام الشماع، "حالة متحركة نحو الأعلى": تزايد أعداد الفقراء يوما بعد آخر، بسبب انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، والارتفاع المستمر في أسعار السوق.
ويشدد الشماع على أن معالجة نسب الفقر "تبدأ أولا بالقضاء على الفساد الذي يستهلك ثلث ثروة العراق، ويستحوذ على 50 بالمئة من موارد العملة الأجنبية، ويمنع نحو 60 بالمئة من فرص الاستثمار في العراق".
شبح أزمة في الموازنة
وكان المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح، حذر من أن بلاده قد تواجه أزمة بالموازنة في عام 2025 بسبب انخفاض أسعار النفط، داعيا الى "انضباط مالي أكثر صرامة".
وحتى الآن، لم يجر إقرار جداول موازنة العام الحالي من قبل البرلمان، الذي صوّت على مادة واحدة من القانون تخص تصدير النفط من قبل حكومة إقليم كردستان.
وأردف صالح كلامه بأن "العراق يحاول تحسين وضعه المالي من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية، عبر تحسين تحصيل الضرائب، وفرض ضرائب جديدة"، مشيرا الى ان هناك خسائر تقدر بـ 10 مليارات دولار سنويا "بسبب التهرب الضريبي والمشاكل المتعلقة بالجمارك".
وتمثل أسعار النفط التحدي الأكبر للاقتصاد العراقي، طبقاً للخبير المصرفي محمود داغر، الذي يشير الى ان "الموازنات تبنى بصورة أساس على تقديرات سعر النفط؛ ففي موازنة 2024 - 2025، احتسب سعر البرميل عند 80 دولاراً، بزيادة 10 دولارات على السعر الأصلي الذي يبلغ 70 دولاراً، لتغطية العجز المتوقع. ومع تراجع أسعار النفط عن هذه التقديرات، يصبح العراق أمام ضرورة اتخاذ قرارات صعبة لتأمين الرواتب وتغطية العجز المالي".
ويقول داغر، ان العراق ـ في حال انخفاض أسعار النفط ـ يلجأ إلى "إجراءات تقشفية أو البحث عن مصادر تمويل بديلة، مثل تعزيز الإيرادات غير النفطية وإعادة هيكلة الموازنة"، لكنه يشدد على أهمية تحسين إدارة الإيرادات النفطية وضمان توزيعها بكفاءة، للحد من التأثير السلبي على الاقتصاد والطبقات الفقيرة التي تشكل غالبية المجتمع.
تُعد أزمة السكن واحدة من أبرز التحديات التي تواجه العراق في الوقت الراهن، حيث يشير خبراء الى ان البلاد تعاني من نقص الوحدات السكنية الملائمة وارتفاع أسعار العقارات، مما يزيد من تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية.
وفي ظل تزايد الطلب على السكن وتراجع قدرة الدولة على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، تبرز الحاجة إلى حلول جذرية وإصلاحات عاجلة تعالج الأسباب الجذرية لهذه الأزمة المزمنة.
مقترحات حلول
وأكد الرفيق ظافر مردان، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أن أزمة السكن في العراق تتطلب حلولًا جذرية وإصلاحات عاجلة لمعالجة التحديات القانونية والتخطيطية والتمويلية التي تعرقل تنفيذ مشاريع الإسكان.
وقال مردان في حديث لـ"طريق الشعب"، أن غياب التخصيصات المالية الكافية لقطاع الإسكان، ووجود نواقص في قانون الاستثمار، إضافة إلى تعثر تنفيذ القوانين، قد أدى إلى تفاقم الأزمة.
وشدد على ضرورة إلغاء القرارات الحكومية المتضاربة مع السياسة الوطنية للإسكان، وإعادة تأسيس مجلس الإسكان الوطني لضمان تنفيذ خطط فعالة تنهض بالواقع السكني.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الأراضي وسوء توزيعها يمثلان عقبة رئيسية أمام تطوير الإسكان، داعيًا إلى اعتماد سياسات عادلة في توزيع الأراضي بما يضمن استفادة الفئات ذات الدخل المحدود، مع إعطاء الأولوية للنساء والأرامل والأسر ذات الظروف الصحية الخاصة.
وأكد مردان، أن معالجة العشوائيات يجب أن تتم من خلال التنظيم والتطوير، وليس عبر التمليك العشوائي الذي يفاقم الأزمة.
وفي ما يخص الجانب الاقتصادي، أوضح أن العراق بحاجة إلى بناء 250-300 ألف وحدة سكنية سنويًا لتلبية الطلب المتزايد، مشددًا على أهمية زيادة التخصيصات المالية لصندوق الإسكان والمصرف العقاري، وإشراك القطاع الخاص في مشاريع الإسكان لضمان التمويل المستدام.
ودعا مردان إلى إطلاق حملة وطنية للضغط على الجهات المختصة من أجل تنفيذ إصلاحات حقيقية تضع حدًا لأزمة السكن المستمرة.
وأكد ضرورة تعديل بعض فقرات قانون الاستثمار، وكذلك استحداث وزارة للإسكان والتنمية العمرانية تتولى إدارة وتنفيذ السياسة الوطنية للإسكان بصلاحيات استثنائية. وأشار إلى أن المجمعات السكنية التي شيدت في السنوات الأخيرة هي خارج إمكانيات الفئات الوسطى، ناهيك عن محدودي الدخل، بسبب ارتفاع أسعارها.
توجهات جديدة في السياسة الإسكانية
من جهة أخرى، أكد مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، التوجه لمغادرة الأسلوب السابق في الاستثمار العقاري، مشيرًا إلى أن الدولة ستشتري من المستثمر وتوزع على المستفيدين بأقساط شهرية مريحة.
وقال صالح في حديث للوكالة الرسمية، إن "العراق يتجه ضمن سياسته الإسكانية الى توفير مليون وحدة سكنية في مناطق حضرية جديدة وضمن التخطيط العمراني لمناطق البلاد كافة وبمواقع بديلة".
وأضاف، أن هذه السياسة تحمل في جوانبها حالة من التوازي والتكامل مع إنشاء بنى تحتية جديدة ترافق النهضة العمرانية وتوليد حواضر جديدة، على خلاف النماذج السابقة التي شيدت في المناطق الحضرية المركزية القائمة. وتابع: "سنغادر النموذج السابق في الاستثمار العقاري وباتجاهين: الأول أن الدولة ستكون المالك في بادئ الأمر بعد شرائها من المستثمر، وهي مكتملة البنية التحتية، وتتولى توزيعها على المستفيدين من ذوي الدخل المحدود بصورة حيازات وبأقساط شهرية مريحة جدًا إلى حين التملك النهائي، ما يخفف من عبء الحائزين الجدد للعقار. والثاني توفير قروض إسكانية ميسرة عن طريق المصرف العقاري وصندوق الإسكان وأي صناديق أخرى متاحة لتمويل جانب من عملية الإعمار والسكن الفردي".
وأشار صالح إلى أن دورة الأصول العقارية شهدت ارتفاعات حادة خلال السنوات الماضية، ثم ذهبت نحو الركود حاليًا. إلا أنه بموجب السياسة الإسكانية الجديدة التي تنسجم مع البرنامج الحكومي، نتوقع هبوط تلك الدورة نحو الاعتدال بتطابق القيمة العادلة للعقارات مع أسعارها الحقيقية. ولاسيما أن حركة توزيع أراضٍ للسكن الأفقي تسير سويةً مع سياسات الإسكان العمودي، والتي تعثرت خلال السنوات الخمسين الأخيرة بسبب ما مر بالبلاد من حروب وحصار وصراعات.
ونوه صالح بأنه "بهذه الرؤية التكاملية الجديدة بين السكن العمودي والسكن الأفقي المدعوم بسلة المواد الإنشائية الأساسية من الدولة والقروض الميسرة والبنية التحتية الجديدة، فإن اتجاه أسعار العقارات في البلاد لا بد أن تأخذ حالة طويلة من الاستقرار بين أقيام العقارات الفعلية وأسعارها، ولمصلحة أصحاب الأسر من ذوي الدخل المحدود وبشكل انخفاض متدرج، وفي محافظات البلاد كافة".
ورشة عمل الحزب الشيوعي العراقي
يذكر أن الحزب الشيوعي العراقي نظم ورشة عمل تحت عنوان "أزمة السكن في العراق والحلول المقترحة لمعالجتها"، شارك فيها عدد من خبراء الاقتصاد والمعنيين بشأن الإعمار والإسكان، كان من بينهم: عامر الجواهري، باسم جميل أنطوان، استبرق إبراهيم الشوك، الدكتور موفق الطائي، المهندس باقر عباس، رياض كتاب، عبد اللطيف الجابري، د. أشواق فاضل، إسماعيل داود شناوة، عبد الرضا يوسف أيوب، بهاء مهدي، سارة العزاوي، وهاب المرعب، وهدى أحمد جعفر.
وخرجت الورشة بمجموعة من المقترحات التي سيتم توجيهها عبر مذكرات رسمية للجهات الحكومية تتضمن المخرجات. وتأتي هذه الجهود في إطار السعي لوضع حلول عملية وفعالة لأزمة السكن التي يعاني منها العراقيون.